غزة تكسر «السيوف الحديدية».. سر الصمود الأسطوري لحركة «حماس»
شبكة مراسلين
بقلم: أبوبكر خلاف
بعد مرور عام على الاجتياح البري لقطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبدء فصل جديد من فصول العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية في معركة أطلق عليها الاحتلال “السيوف الحديدية” بهدف القضاء على حركة المقاومة الإسلامية «حماس».. تتباين الآراء حول إمكانية تحقيق “إسرائيل” لنصر عسكري كامل على الحركة الخضراء.
ورغم قدرات إسرائيل العسكرية المتقدمة، والدعم الأمريكي غير المحدود، والصمت الدولي المريب، ما زال تحقيق “النصر الكامل” أمرًا معقدًا وصعبًا.
في هذا التقرير نستعرض جانبًا من أهم العوامل الاستراتيجية والتكتيكية التي ساهمت في صمود «حماس» أمام آلة الحرب الإسرائيلية.
• القدرة على الإنتاج الذاتي:
وفقًا للتقارير، فقد عملت حماس على تأمين قدرتها الذاتية في إنتاج الأسلحة والمتفجرات محليًا، ما منحها استقلالية نوعية عن توريد الأسلحة التقليدية من الخارج، وأتاح لها تنويع تكتيكاتها، حيث استطاعت تطوير ترسانة من الصواريخ والمتفجرات والأسلحة الخفيفة التي تُصنع داخل غزة، ما ساهم في توفير أسلحة لمواصلة القتال لفترات طويلة.
حتى وإن دمرت إسرائيل جزءًا كبيرًا من ترسانة حماس، فإن القدرة على إعادة تصنيع الأسلحة محليًا تعني استمرار حماس في القتال.
• «الأنفاق» منظومة استراتيجية:
أحد العوامل الرئيسة التي أدهشت الجيش الإسرائيلي تمثلت في الأنفاق الممتدة تحت قطاع غزة.
هذه الأنفاق لا تعد فقط ملاذاً للهروب أو التخفي، بل تعتبر نظاماً متكاملاً للتنقل، والتسلل، وتخزين الأسلحة، وحماية القادة.
وقد ذكر ضابط إسرائيلي أن الأنفاق تمتد بعمق يصل إلى 40 متراً، ويبلغ طولها حوالي 500 كيلومتر، مما يشير إلى أن حماس استطاعت بناء شبكة واسعة ومعقدة تتيح تحركات تكتيكية تحت الأرض، مع مزايا إمدادية وقيادية لمواجهة الجيش الإسرائيلي الذي واجه صعوبة في اكتشاف وفك طلاسم هذه الشبكة.
كشف وتدمير كل هذه الأنفاق يستغرق وقتًا طويلًا ويستلزم عمليات عسكرية معقدة وخسائر محتملة.
• التعقيدات السياسية والدبلوماسية:
عملية عسكرية شاملة وطويلة قد تواجه ردود فعل دولية قوية، خاصة مع وجود سكان مدنيين في غزة.
الضغط الدولي يمكن أن يحد من استمرار الحملة العسكرية ويمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها الكاملة.
• الاستعداد النفسي والتنظيمي للقتال طويل الأمد:
تعتمد حماس على دعم شعبي، وتتميز بإعداد نفسي وتنظيمي للقتال الطويل، مما يعني أنها تستطيع أن تواصل العمليات حتى في ظل ظروف مدمرة، وهذا يُحبط أي هدف لنصر عسكري سريع.
• الدعم الإقليمي والدولي:
حماس تعتمد على شبكات دعم إقليمي وأحيانًا دولي يوفر للحركة تمويلًا ودعمًا لوجستيًا، ما يمكنها من استئناف عملياتها العسكرية بسرعة حتى بعد الضربات القاسية.
• الشبكات المالية والدفاعية:
استطاعت حماس بناء شبكات مالية تدعمها عبر وسائل متعددة، مما أتاح لها التمويل اللازم للصمود، إضافةً إلى تطوير شبكات دفاعية للحفاظ على مواقعها ومنع اختراقها.
هذه الشبكات المالية تشمل دعمًا من بعض الجهات الخارجية، وجمع تبرعات بوسائل متنوعة، ما وفر دعماً اقتصادياً مستقلاً للعمليات العسكرية واللوجستية.
• التخطيط والتنظيم والسرية:
إضافة إلى البنية التحتية الدفاعية، تتميز حماس بقدرتها على التنظيم المحكم والسرية التامة التي تحافظ على عناصرها وتجنب تسريب خططها وأماكن قياداتها.
هذه القدرة على الحفاظ على السرية، رغم الأعداد الكبيرة المشاركة في العمليات، عززت من فعالية الهجمات وأمّنت استمرارية تلك العمليات.
• التكيف مع الحصار:
على مدى سنوات من العزلة والحصار، طورت حماس تكتيكات وقدرات للتكيف مع بيئة غزة المحاصرة.
هذه التكيفات تضمنت تأمين مواد خام محلية لصناعة الأسلحة، وتطوير وسائل لتوفير الغذاء والمياه والكهرباء، مما مكّنها من توفير سبل الحياة للمقاتلين والمدنيين حتى في ظل أقسى الظروف.
وفي ضوء هذه العوامل، يبدو أن النصر العسكري الكامل، الذي يعني القضاء التام على قدرة حماس القتالية واستعادة السيطرة المطلقة، هو هدف بعيد المنال.
كما يظهر أن صمود حماس لم يعتمد فقط على التسليح التقليدي، بل على استراتيجية شاملة تجمع بين القدرات التنظيمية والبنى التحتية المعقدة، مما يوفر لها إمكانية الصمود أمام جيش يتمتع بقدرات تقنية وعسكرية متقدمة.