الموقف المصري من سوريا الجديدة: اقتراب “حذر” و”درس” لإسرائيل

شبكة مراسلين
ترجمة وتحرير: أبوبكر خلاف
نشر معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب (INSS) بتاريخ 3 يوليو 2025، دراسة مطولة للباحثة والدبلوماسية الإسرائيلية السابقة أميرة أورون بعنوان:
(كيف ترى مصر التغيير التاريخي في سوريا، وما الذي يمكن أن تتعلمه إسرائيل؟).
في هذه الدراسة، تسلط أورون الضوء على الموقف المصري من التطورات الدراماتيكية في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد وتولي “أحمد الشرع” – القيادي الجهادي السابق – زمام الحكم، وتقدم تحليلاً مقارِناً بين ردود الفعل المصرية والإسرائيلية على المشهد السوري الجديد.
أبرز ما تناولته الدراسة:
1. تحفظ مصري واضح من النظام الجديد في دمشق
- رغم عدم مهاجمة القاهرة المباشرة لأحمد الشرع، إلا أن البيانات الرسمية المصرية امتنعت عن ذكر اسمه أو الاعتراف بشرعيته، وركزت على دعم الشعب السوري ووحدة أراضيه.
- مصر ربطت عودتها إلى التعامل الكامل مع سوريا بـ”مرحلة انتقالية سلمية” تضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة.
2. انتقادات واسعة في الإعلام المصري للشرع وخلفيته الجهادية
- وصفه كتّاب مصريون بأنه “امتداد متطرف لفكر الإخوان المسلمين”، وأشاروا إلى أن سوريا دخلت مرحلة خطيرة من السيطرة الجهادية لا تشبه نموذج الدولة الحديثة.
- الصحفي المصري إبراهيم عيسى قال إن الشرع “يمثل خطراً على مفهوم الدولة الوطنية”، بينما حذّر اللواء سمير فرج من أن “سوريا فقدت جيشها.. وربما فقدت دولتها”.
3. مصر تُفعّل استراتيجية وقائية داخلية
- عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعات مع الإعلام والأجهزة الأمنية عقب سقوط الأسد، وحدد 3 تهديدات رئيسية: تهجير غزة، خلايا الإرهاب، ومحاولات الإخوان لاستغلال التغيير السوري لتأجيج الوضع المصري.
- رفعت الدولة خطاب “الجيش والشعب يد واحدة” كحائط صدّ ضد أي اهتزاز داخلي.
4. خلاف جوهري مع إسرائيل في مقاربة الملف السوري
- كلا الطرفين متحفظان تجاه الشرع، لكن إسرائيل وسّعت تدخلها الميداني ودعمت جماعات درزية، بينما ترفض مصر تفكيك سوريا أو دعم سياسات “الأقليات”.
- ترى مصر أن بقاء سوريا موحدة هو ضرورة إقليمية، فيما تعتمد إسرائيل ما تصفه أورون بـ”دبلوماسية المكونات”، والتي قد تؤدي – برأيها – إلى تفكيك سوريا وخلق فراغات لقوى غير عربية كإيران وتركيا.
5. دروس لإسرائيل من التجربة المصرية
- مصر تعتمد نهج “البراغماتية الحذرة”؛ فهي لا تعترف بشرعية الشرع، لكنها تبقي على قنوات الاتصال والدبلوماسية.
- تحذر أورون من أن أي محاولة إسرائيلية لتوسيع نفوذها في سوريا دون تنسيق إقليمي أوسع قد تُنتج نتائج عكسية.
خلاصة التقرير
ترى الباحثة أميرة أورون أن مصر تتبنى مقاربة “الدولة أولاً” في تعاملها مع التغيرات الإقليمية، وترى في الحفاظ على المؤسسات الوطنية السورية ضرورة لضمان الاستقرار. أما بالنسبة لإسرائيل، فعليها – بحسب أورون – أن تتعلم من هذا الحذر المصري، وأن تتحرك بحكمة لتجنب الوقوع في فخ استنزاف طويل الأمد داخل سوريا جديدة لم تتضح ملامحها بعد.