أبوبكر خلاف يكتب: إيران بعد الحادثة.. رحل «رئيسي» وبقيت الأجندة
من يخلف «رئيسي» ؟
منذ وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحيته رفقة وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، يتزايد الحديث عن أبرز المرشحين لخلافته على المنصب، وماهي النتائج المتوقعة للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يوم 28 يونيو المقبل.
ويبدأ تسجيل المرشحين في 30 مايو الحالي ويستمر حتى 3 يونيو المقبل. ليبدأ بعدها مجلس صيانة الدستور بمراجعة تأهيل المرشحين خلال سبعة أيام، على أن تعلن الأسماء المؤهلة في 11 يونيو.
وتجري التحضيرات أيضًا لإجراء التصويت الإلكتروني في دوائر عدة، بما في ذلك طهران وبعض المدن الكبرى الأخرى. وستبدأ الحكومة الرابعة عشرة عملها اعتبارًا من يوليو 2024 وتستمر حتى عام 2028. وستنطلق الحملات الانتخابية من 12 يونيو وتستمر حتى 26 يونيو، وقبل يوم واحد من الانتخابات، أي في 27 يونيو، يبدأ الصمت الانتخابي. وإذا استدعت الانتخابات جولة ثانية، يستأنف السباق بين الفائزين المتقاربين في 5 يوليو.
دولة المرشد
ويبقى المرشد الأعلى، علي خامنئي (85 عاما)، هو صاحب القول الفصل في جميع شؤون الدولة المهمة. ويلعب البرلمان الإيراني دورا ثانويا في حكم البلاد على الرغم من قدرته تكثيف الضغوط على إدارة الرئيس عند اتخاذ قرار بشأن الميزانية السنوية، ومشروعات القوانين المهمة الأخرى. ومع انطلاق المنافسات في السباق الرئاسي، بدأت تتضح أسماء المرشحين الرئيسيين لخلافة رئيسي، حيث يشتد الصراع بين تياري الإصلاحيين والمتشددين. في إيران. من بين الأسماء المطروحة سعيد جليلي، رئيس الوفد التفاوضي الإيراني في عهد حكومة أحمدي نجاد والمقرب من حكومة “رئيسي”، ومحمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الحالي والمقرب من المرشد الأعلى علي خامنئي. كما تشمل القائمة أسماء محافظين آخرين مثل رئيس بلدية طهران علي رضا زاكاني، والرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، وأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي سابقًا علي شمخاني، ووزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، وفق وسائل إعلام إيرانية.
«جليلي» الأوفر حظا
يشير مراقبون إلى أن سعيد جليلي هو المرشح الأوفر حظًا، إذ يُعتبر بمثابة رئيس ظل وله نفوذ كبير داخل أروقة الحكومة الحالية من خلال مسؤولين مقربين منه، مثل مساعد وزير الخارجية وكبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، الذي عين الآن وزيرًا للخارجية خلفًا لعبد اللهيان، وفقًا لصحيفة “مردم سالاري”.
أما أبرز المرشحين بين الإصلاحيين حتى الآن، فهم مساعد الرئيس السابق محمد رضا عارف ورئيس البنك المركزي السابق عبد الناصر همتي، وهما مرشحان سابقان أيضًا. في حين لا ينوي وزير الاتصالات السابق محمد جواد آذري جهرمي الترشح، لكن الأمر ليس محسومًا بعد. كما أشارت بعض التكهنات داخل المعسكر المعتدل إلى احتمال ترشح الرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني أيضًا. وعقدت “جبهة الإصلاح”، بصفتها المسؤولة عن الأنشطة السياسية والانتخابية للإصلاحيين، اجتماعًا لبحث ملف الترشح، في توجه يعاكس ما جرى خلال الانتخابات البرلمانية في مارس الماضي، حيث امتنع الإصلاحيون عن المشاركة، وفقًا لما نقلته وكالة تسنيم للأنباء القريبة من الحرس الثوري. بدأت بعض الأحزاب الإصلاحية الأخرى، مثل “حزب نداء الإيرانيين”، أنشطتها الانتخابية رسميًا، وأكد الحزب أنه سيعقد اجتماعًا استثنائيًا مشتركًا للجنة المركزية وفروع الحزب في المحافظات مساء اليوم السبت لبحث توجهاته تجاه الانتخابات الرئاسية المقبلة.
«مخبر» يشيد «برئيسي»
وألقى القائم بأعمال الرئيس الإيراني، محمد مخبر، كلمة أمام البرلمان ، الاثنين، في أول خطاب له منذ تحطم مروحية الرئيس الراحل، وفي تصريحاته، أشاد مخبر بالفترة التي قضاها رئيسي في منصبه، وأشار لارتفاع إنتاج إيران من النفط الخام، وهو مصدر رئيسي للعملة الصعبة في البلاد، إلى أكثر من 3.6 مليون برميل يوميا. وأكد مخبر استقرار الاقتصاد الإيراني في عهد رئيسي، رغم قيام إيران بعمليات عسكرية في العراق وإسرائيل وباكستان في الأشهر الماضية. وقال: “لقد أصبنا ثلاث دول، ونضرب إسرائيل، الناس يجدون أن الأرقام والمؤشرات هي نفسها في الصباح عندما يستيقظون، وسعر العملة الصعبة هو نفسه، والتضخم هو نفسه، والسيولة هي نفسها، والسوق مليء باحتياجات السكان”. وأضاف أن “هذه القوة ليست شيئا معتادا، كل ذلك كان بفضل توجيهات المرشد الأعلى والجهود المخلصة لرئيسي”.
مرشح سني يتحدى الدستور
من جانبه أعلن جلال زاده، النائب السابق السني عن محافظة كردستان في البرلمان الإيراني، تحديه للدستور الإيراني بترشحه للانتخابات الرئاسية، متجاوزًا المادتين 35 و115 من الدستور اللتين تشترطان أن يكون المرشح لرئاسة الجمهورية من أتباع المذهب الشيعي الاثني عشري. وقال في منشور على منصة “إكس”: “للأسف، حرمت المادة 115 من الدستور 17 مليون سني من حقوق المواطنة في مجال الترشح للانتخابات الرئاسية، لكن نظرًا لمخالفة هذه المادة مع المبادئ الدينية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ودفاعًا عن الهوية الإيرانية والإسلامية، أعلن ترشحي للانتخابات الرئاسية”. سبق أن دعا رجل الدين السني الإيراني البارز مولوي عبدالحميد إسماعيل زهي إلى إلغاء أو تعديل المواد الدستورية التي تمنع السنة من الترشح للانتخابات الرئاسية، مشددًا على أن الدستور “ليس وحيًا إلهيًا… ورفع القيود فيما يتعلق بالترشح للانتخابات الرئاسية هو رأي حكيم ومنطقي يتناسب مع حجم السنة في إيران”، معتبرًا ذلك “يصب في إطار الوحدة والإخاء والحفاظ على الأمن”.
الشيعي المنتظر
وتنص المادة 35 من الدستور الإيراني على خمسة شروط، منها أن يكون مرشح الانتخابات الرئاسية من “الشخصيات الدينية والسياسية، ومن المؤمنين بنظام الجمهورية الإسلامية ومذهبها الرسمي” وهو التشيع. كما تمنع المادة 107 من الدستور أي شخص من الديانات والمذاهب الأخرى، بما فيهم السنة، من الترشح لمنصب المرشد الأعلى أو حتى عضوية مجلس خبراء القيادة في إيران. أما الفقرة الخامسة من المادة 115 فتنص على أن يكون رئيس الجمهورية مؤمنًا بالمذهب الرسمي (الشيعي) للبلاد، فيما المادة 121 المتعلقة بأداء القسم تصف رئيس الجمهورية بحامي المذهب الرسمي (التشيع). تنص المادة الثانية على أن نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية قائم على الإيمان بـ”الإمامة” والقيادة المستمرة والاجتهاد المستمر من قبل الفقهاء جامعي الشروط.
رئيس بلا جديد
ويُعتقد أن من سيخلف رئيسي سيمضي على نفس نهجه فيما يتعلق بالعلاقات الدولية، وتستمر دولة المرشد في سياستها التي كان ينفذها رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، ومن أبرز معالمها استمرار العداء مع إسرائيل وتعزيز العلاقات مع روسيا والصين. باختصار، يُتوقع أن يستمر النهج السياسي الحالي في إيران بعد وفاة إبراهيم رئيسي، ولكن قد يختلف الأسلوب إلى حد ما، في ادارة بعض القضايا الدولية والإقليمية.