اليمن

“إسناد الإعلاميين اليمنيين”.. مبادرة إنسانية لدعم الصحفيين ذوي الظروف الصعبة في ظل انقطاع الرواتب

أمل صالح – مراسلين

أطلق مجموعة من الصحفيين اليمنيين في صنعاء مبادرةً إنسانيةً طوعية تحمل اسم “إسناد الإعلاميين اليمنيين”، وتهدف إلى تقديم الدعم والإسناد للصحفيين ذوي الظروف المعيشية الصعبة، في ظل انقطاع الرواتب منذ أكثر من عشر سنوات، خصوصًا في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين).

أساس المبادرة
تبلورت فكرة المبادرة بعد سنوات من المعاناة، إثر مشاهدات متكرّرة لتدهور أوضاع الصحفيين والإعلاميين في اليمن، وسقوط العديد منهم فريسة للمرض والعجز عن تلقي العلاج المناسب نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتردية.
ويعاني كثير من الصحفيين من أمراض مزمنة أو إعاقات دائمة بسبب عدم قدرتهم على تحمّل تكاليف العلاج، في ظل غياب الاهتمام الرسمي بمجتمع الإعلاميين داخل بلد أنهكته الحرب والانقسام والفقر.

شعور العجز
تقول الصحفية فاطمة مطهر، وهي إحدى مؤسِّسات المبادرة ورئيسة هيئتها التنفيذية، إن تدهور الأوضاع الاقتصادية وتوقف الرواتب وفقدان العديد من الصحفيين والإعلاميين لوظائفهم، وتعرض العديد منهم لأمراض مزمنة، كان من أبرز دوافع إطلاق المبادرة.
وتضيف في حديثها لشبكة “مراسلين”: “أكثر ما يؤلمني هو العجز أمام زملاء يطلبون المساعدة في علاج أمراضهم المزمنة ولا يجدون القدرة على ذلك. ” شعرت بحجم العجز والأسف عندما يتصل بي زميل لا يملك ثمن علاج مرضه المزمن وليس باليد حيلة”.

مصادر الدعم وآليات العمل

توضح مطهر أن التكافل الفردي بين الصحفيين القادرين على المساعدة يمكن أن يسهم في تغطية بعض الحالات المرضية، لكنه غير كافٍ، وهو ما دفع المجموعة إلى البحث عن دعم مؤسسي من جهات طبية ومستشفيات ورجال أعمال وأي جهة قادرة على الدعم دون شروط لتغطية تكاليف العلاج.
وأضافت: “لدينا خطة عمل للتواصل وجمع التبرعات وعقد الاتفاقيات بشكل شفاف، مع ضمان وصول الدعم مباشرة إلى المستحقين”.

وتشير مطهر إلى أن المبادرة تهدف في مرحلتها الأولى إلى تقديم الدعم للحالات المرضية في عموم المحافظات اليمنية، مع خطة مستقبلية لتوسيع نطاقها لتشمل الدعم النفسي، والقانوني، والتعليمي، بما يسهم في تعزيز استقرار الصحفيين المهني والشخصي.

واقع مأساوي
يعاني الكثير من الصحفيين والإعلاميين اليمنيين أوضاعاً مادية صعبة نتيجة انقطاع الرواتب، ولكن ما زاد من معاناة بعضهم هو تعرضهم لأمراض مزمنة استنزفت ما تبقى من مدخراتهم، في ظل التدهور الاقتصادي وتقاعس الجهات الرسمية عن أداء دورها تجاه هذه الفئة الحيوية.

ودفعت هذه الظروف بعض الصحفيين إلى البحث عن أعمال بديلة بعيدة عن تخصصهم، مثل بيع القات أو العمل في المتاجر، أو الهجرة، لتأمين لقمة العيش، ما أثر على صحتهم وأوضاعهم النفسية.
وهو ما دفع بعض الصحفيين والإعلاميين لإطلاق هذه المبادرة دعماً ومساندة لزملائهم الذين يأملون أن يعيشون حياة كريمة، وأن يعملون في بيئة أمنة ومستقرة.

ليست بديلًا عن الحقوق
ورغم ما تحققه المبادرة من أثر إنساني، إلا أن بعض المنتقدين يرون أنها قد تُكرّس لفكرة الاتكال وتُضعف من المطالبة بالحقوق الأساسية، وفي مقدمتها الرواتب.
لكن مطهر نفت ذلك بقولها إن المبادرة :” ليست بديلاً عن حقوق الصحفيين ولا عن مطالبهم المشروعة”.
وأضافت ” ليس من رؤيتنا أن نتحول لمبادرة للاتكال أو بديل – ولن نستطيع أن نكون- فنحن نطالب وسنظل بصرف المرتبات بل وتحسينها لتتوافق وانهيار العملة، وعودة المؤسسات الإعلامية الحكومية والأهلية للعمل بكامل طاقتها”.

وأكدت أن مبادرات التكافل الاجتماعي ليست عبئًا، بل هي سلوك إنساني تمارسه حتى أكثر الدول استقرارًا، لتسدّ الفجوات وتخفف المعاناة في الأزمات. كما ناشدت زملاء المهنة بتقديم الدعم والعون الإيجابي للمبادرة، كلاً حسب استطاعته، بحيث لا يسقط مزيد من الصحفيين في فخ المرض والعوز دون أن يجدوا من يقف بجانبهم.

ودعت مطهر جميع أطراف الصراع في اليمن إلى تحمّل مسؤولياتهم تجاه الإعلاميين، وتوفير بيئة عمل آمنة، وإبعادهم عن النزاعات السياسية والميدانية.

تؤكد مبادرة “إسناد الإعلاميين اليمنيين” أنها ليست بديلًا عن الدولة ولا عن المؤسسات الإعلامية، لكنها محاولة لتخفيف معاناة زملاء المهنة، في بلد أنهكته الحرب ودفعت بأهله وفي مقدمتهم الصحفيون إلى حافة الحاجة والعوز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews