أخبارتقارير و تحقيقاتسياسة

تقرير استخباراتي يُحرج ترامب ويكشف محدودية الضربة الأمريكية لإيران

تقارير البنتاغون تفنّد رواية "تدمير البرنامج النووي بالكامل"

شبكة مراسلين
بقلم: عماد بالشيخ

في تطور لافت قد يغير من مسار الخطاب السياسي الأميركي في الشرق الأوسط، كشفت نيويورك تايمز وشبكة CNN عن تقرير استخباراتي سري صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأميركية (DIA) يُفنّد بشكل قاطع التصريحات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقب الضربة العسكرية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية مطلع هذا الشهر.

وكان ترامب قد صرّح في خطاب رسمي من البيت الأبيض بأن “البرنامج النووي الإيراني تم محوه بالكامل ولم يعد له وجود”، في تلميح إلى أن العملية العسكرية الأميركية أنهت الخطر الإيراني النووي بشكل تام. إلا أن الوثيقة المسرّبة التي نقلتها وسائل إعلام أميركية رصينة، تشير إلى واقع مغاير تمامًا، حيث تؤكد أن الضربات لم تُدمّر البنية التحتية النووية الحساسة، وأن إيران لن تحتاج سوى لبضعة أشهر فقط لإعادة بناء منشآتها النووية واستئناف تخصيب اليورانيوم.

منشآت فوق الأرض فقط.. والمخزون النووي سليم

التقرير السري يُوضح أن الضربات الأميركية طالت بشكل أساسي المنشآت السطحية في مواقع فوردو وناتنز وأصفهان، لكنها لم تمسّ البنى التحتية المحصّنة تحت الأرض، ولم تُلحق ضررًا بمخزون إيران الحالي من المواد المخصّبة. ووفقًا للتقييم الاستخباراتي، فإن البرنامج النووي الإيراني “أُعيق مؤقتًا”، لكنه لم يُدمّر، وأن الضرر الاستراتيجي الذي لحق به لا يتعدى أشهرًا قليلة من التأخير.

هذا التقييم يتناقض بشكل صريح مع الخطاب السياسي الذي اعتمده ترامب، ما وضع الإدارة الأميركية أمام حرج داخلي ودولي بالغ.

ترامب غاضب ويهاجم الإعلام

ردّة فعل ترامب جاءت غاضبة وعنيفة، حيث سارع إلى مهاجمة CNN ونيويورك تايمز، متهمًا إياهما بـ”نشر الأكاذيب، والترويج للدعاية المعادية للولايات المتحدة”، وذهب في منشور له عبر منصة TruthSocial إلى وصف التسريبات بـ”الخيانة الوطنية” و”تشويه متعمّد للحقائق لصالح إيران”.

لكن مصادر مطّلعة في وزارة الدفاع أكدت لوسائل إعلام أميركية أن التقرير حقيقي، وأن تقييمه الفني والاستخباراتي يتوافق مع الوقائع الميدانية التي تم جمعها بعد الضربة.

قراءة في ما بين السطور

التقرير المسرّب يكشف أن إيران، رغم الضربة، ما تزال تملك قدرة تقنية واستراتيجية على استئناف برنامجها النووي بسرعة، وهو ما يعزز من فرضية أن الضربة الأميركية كانت محدودة الأثر وذات أهداف سياسية أكثر منها عسكرية. وتُظهر المعلومات الاستخباراتية أن الخطر لم يُزَل، بل تأجّل فقط، وأن الردع العسكري وحده لم يكن كافيًا لتحييد ما تعتبره واشنطن “الخطر الإيراني الأكبر”.

ترامب أمام تحدي المصداقية

اليوم، وبعد هذا التسريب، يجد ترامب نفسه أمام تحدٍّ مزدوج: داخليًا عبر تساؤلات الشارع والكونغرس عن مصداقية قراراته، وخارجيًا عبر إعادة تموضع إيران كقوة لا تزال تملك أدواتها النووية رغم الضربة. ويبدو أن ما أعلنه ترامب بصيغة “نهاية التهديد” لم يكن سوى عنوانًا إعلاميًا فضفاضًا، لا يطابق الواقع الميداني الذي رسمه التقرير السري للبنتاغون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews