لماذا أشاد ترامب بالعمدة المنتخب رغم خلافاتهما السياسية؟

علي زم – مراسلين
التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، العمدة المستقبلي لمدينة نيويورك زهران ممداني، يوم الجمعة في البيت الأبيض، وجاء اللقاء على غير المتوقع وجرى في أجواء ودية. وقال ترامب مبتسمًا بينما كان ممداني يقف إلى جواره: «أجرينا محادثة ممتازة». وأضاف، وقد بدا واضحًا إعجابه بالعمدة الشاب: «سيكون لديكم عمدة رائع، سنساعده، مبارك!»
وبعد أسابيع قليلة فقط من فوزه في انتخابات بلدية نيويورك، في مواجهة منافسه أندرو كومو (الذي كان ترامب قد دعا أنصاره للتصويت له)، أثبت ممداني مجددًا مهارته وذكاءه السياسي.
عادةً ما يعتبر ترامب خصومه السياسيين أعداء شخصيين، لكن رغم ذلك ظهر الرئيس الأميركي في نهاية اللقاء بوجه بشوش، وأشاد بذلك السياسي الديمقراطي الاشتراكي الذي كان قد وصفه سابقًا بأنه «شيوعي». وقال ترامب: «لدينا نقطة مشتركة: نريد أن نرى المدينة التي نحبها تزدهر. أريد أن أهنئ العمدة؛ لقد قاد حملة رائعة، وتغلب على مرشحين أقوياء جدًا، ومنذ الانتخابات التمهيدية واجه منافسين شرسين وذكيين للغاية وهزمهم… ما قام به أمر لا يُصدّق».
وأضاف ترامب: «أعتقد أنه سيكون عمدة ممتازًا؛ وكلما نجح أكثر، كنت أكثر سعادة. سنساعده لتحقيق حلم الجميع: نيويورك قوية وآمنة جدًا».
وردّ زهران ممداني بنبرة ودية: «شكرًا سيدي الرئيس، أنا ممتن لكم. استمتعت بلقائنا. كانت جلسة مثمرة قائمة على رابط من التقدير المتبادل والحب المشترك لمدينة نيويورك. تحدثنا عن الحاجة إلى تأمين مساكن ميسورة التكلفة لثمانية ملايين ونصف شخص يعتبرون هذه المدينة وطنهم، ويكافحون لتأمين احتياجاتهم في أغنى مدينة في العالم».
ترامب: سيفاجئ حتى المحافظين والليبراليين
ممداني، المنتخب من منطقة كوينز مسقط رأس ترامب، تمكن من كسب إعجاب الرئيس الذي غالبًا ما ينتقد عمداء المدن الديمقراطيين بحدة. وأقر ترامب بأن نظرته تجاه هذا السياسي المسلم الشاب قد تغيّرت. وقال: «جميعنا نتغير. لقد تغيرت كثيرًا منذ وصلت إلى السلطة… ويمكنني أن أقول إن بعض آرائي تبدلت. ناقشنا قضايا مختلفة، وأنا واثق تمامًا من أنه يستطيع القيام بعمل ممتاز. أعتقد أنه سيفاجئ حتى بعض المحافظين والليبراليين».
من جهته، كان ممداني قد وصف ترامب سابقًا بأنه مستبد وانتقد سياساته واعتبرها فاشية، لكنه قال بعد الاجتماع: «الرئيس ترامب وأنا صريحان جدًا بشأن مواقفنا وآرائنا. وما أقدّره حقًا في الرئيس هو أن لقاءنا لم يكن مركّزًا على خلافاتنا، بل على هدفنا المشترك وهو خدمة سكان نيويورك».
المهاجرون في نيويورك
حتى في موضوع وكالة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE)، التي تعهّد ترامب باستخدام قواتها في نيويورك لاعتقال المهاجرين غير القانونيين، جاء حديث الطرفين بنبرة توحي بالتعاون. وقال ترامب: «سنعالج خلافاتنا. تحدثنا أكثر عن الجريمة أكثر من الحديث عن ICE… هو لا يريد أن يرى جريمة، وأنا كذلك، ولا أشك أننا سنتوصل إلى اتفاق. كما قال أشياء مثيرة للاهتمام حول البناء. إنه يريد بناء عدد كبير من الشقق الجديدة، وأنا أريد الشيء نفسه».
تشابهات بين «وافدين جديدين» إلى السياسة
وأشار ممداني حتى إلى أوجه التشابه بينهما خلال حملاتهما الانتخابية، فكلٌّ منهما يُعد «وافدًا جديدًا» إلى عالم السياسة، وقد تمكّنا عبر حملات شخصية مناوئة للمؤسسة الحزبية من هزيمة خصومهما. وقال ممداني: «السياسيون غالبًا يحاولون إملاء ما يريدونه على سكان نيويورك بدلًا من الاستماع إليهم. وعندما تحدثت إلى ناخبين صوتوا للرئيس ترامب، أشاروا إلى مشكلات تكاليف المعيشة، وهذا ما أتحمس للعمل عليه مع الرئيس لمعالجته».
وأضاف: «أنا ديمقراطي اشتراكي؛ لطالما كنت واضحًا بشأن ذلك، وأعلم أن هناك اختلافات أيديولوجية محتملة. لكن نقطة الاتفاق هي ما يجب القيام به لجعل الحياة في نيويورك ميسورة التكلفة». وأوضح ترامب في المقابل أن بعض أفكاره مستوحاة من بيرني ساندرز، السيناتور المستقل من فيرمونت، الذي خاض الانتخابات التمهيدية الديمقراطية عامي 2016 و2020 ببرنامج اشتراكي.
وفي ختام اللقاء قال ترامب: «كونك عمدة نيويورك مسؤولية هائلة. لطالما قلت إنها من الأمور التي أحب أن أقوم بها يومًا ما. ممداني لديه فرصة للقيام بعمل كبير حقًا لصالح نيويورك. المدينة تمر بلحظة حساسة جدًا، وهي تحتاج لدعم الحكومة الفيدرالية من أجل نجاح حقيقي، وسنساعده. وإذا نجح، سنكون هناك لنصفق له!».



