تقارير و تحقيقات

هل بات الانفصال قريبًا في اليمن؟

أمل صالح- مراسلين

بين إصرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي على خروج قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، وتمسّك رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي بالسيطرة ورفض الانسحاب، ومع تعليق صندوق النقد الدولي أنشطته في اليمن عقب هجوم الانتقالي، يبدو المشهد اليمني أقرب إلى حافة الانهيار.

جذور التصعيد

تعود شرارة التصعيد إلى 2 ديسمبر، حين شنّت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، برئاسة عيدروس الزُبيدي – عضو مجلس القيادة الرئاسي – هجومًا على مواقع المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ إذ وسّعت قوات الانتقالي عملياتها لتشمل مواقع تابعة لقبائل حلف حضرموت، وفرضت سيطرتها على عدد من الحقول النفطية في المحافظة، في خطوة عكست بوضوح انفجار الموقف وتصاعد حدة الصراع.

تصعيد ميداني جديد

وصباح اليوم الاثنين،15ديسمبر2025، أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة الجنوبية، محمد النقيب، انطلاق ما أسماه عملية “الحسم” لاستكمال مراحل عملية “سهام الشرق” في محافظة أبين.

وقال إن العملية تستهدف الجماعات الإرهابية، وتهدف إلى اجتثاث بؤر التطرف وتعزيز الأمن والاستقرار.

وأكد النقيب أن القوات الجنوبية ستضرب بيد من حديد كل من يحاول تهديد السكينة العامة أو استهداف القوات الأمنية والعسكرية، مشددًا على أن عملية الحسم تمثل مرحلة مفصلية لبسط السيطرة الأمنية الكاملة في المحافظة، واختتم بتأكيد التزام القوات المسلحة الجنوبية بالدفاع عن الجنوب والعمل مع أبناء أبين لتحقيق أمن واستقرار دائمين.

صندوق النقد والعليمي
عقب إعلان صندوق النقد الدولي وقف أنشطته في اليمن بشكل مفاجئ في 11 ديسمبر، اعتبر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أن هذا القرار يمثل «جرس إنذار»، مؤكدًا أن الاستقرار السياسي شرط أساسي لنجاح أي إصلاحات اقتصادية.

وجاءت تصريحات العليمي خلال اتصال هاتفي أجراه مع محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، ومناقشة التداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، وذلك على خلفية الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية «سبأ».

وتطرق العليمي إلى مساعي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لخفض التصعيد، ورفضهما لتحركات المجلس الانتقالي، ومطالبتهما بإعادة الأوضاع في حضرموت والمهرة إلى ما كانت عليه سابقًا. كما شدد على ضرورة الانسحاب واستعادة مسار النمو والتعافي الاقتصادي، بهدف استعادة ثقة مجتمع المانحين.

و دعا العليمي إلى الحفاظ على التوافق الوطني من أجل خوض معركة استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب جماعة الحوثي، غير أن تطورات الأحداث على الأرض تناقض هذا الخطاب، وتنذر بتشكّل انقلاب جديد داخل مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا.

حضرموت والمهرة

تمثل حضرموت الخزان الاقتصادي الأهم لليمن، لما تمتلكه من موارد نفطية وموانئ استراتيجية، وهو ما دفع رئيس المجلس الانتقالي في تصريحات سابقة للإقرار بأن الصراع في جوهره صراع على النفط.

أما المهرة، المحافظة المسالمة شرق البلاد، فلم تكن بمنأى عن هذا النفوذ، إذ تواجه بدورها ضغوطًا من المجلس الانتقالي الذي يرفع شعار الانفصال وتقرير المصير.

مساعٍ إقليمية وتحذيرات دولية

غياب الاستقرار السياسي بات يهدد أي مسار جاد للإصلاح، وهو ما حاولت الرياض وأبوظبي احتواءه خلال زيارتهما إلى اليمن يوم الجمعة الماضي، في مسعى لتهدئة التوتر بين الطرفين.

في المقابل، عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها المعتاد، محذّرة من انزلاق حضرموت والمهرة إلى دائرة الصراع، لما لذلك من خطر توسيع رقعة الخلاف وعدم الاستقرار في المنطقة.

في الوقت الذي تحشد فيه قوات المجلس الانتقالي الجنوبي تشكيلاتها العسكرية للتوسع والسيطرة على مناطق إضافية خاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا، يجري بالتوازي حشد سياسي وشعبي لساحات الاعتصام في تلك المناطق، وعلى رأسها العاصمة المؤقتة عدن، للمطالبة بالانفصال وإعلان ما يُسمّى بـدولة الجنوب العربي.

وأمام هذا المشهد المتشابك، يبقى السؤال مطروحًا بقوة:
هل تتجه اليمن فعلاً نحو سيناريو الانفصال كأمر واقع، أم أن هامش الاحتواء السياسي لا يزال متاحًا قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews