تقارير و تحقيقات

فضيحة تعليمية تهدد الأمن القومي: شهادات إلكترونية مزورة تضرب مستقبل آلاف الطلاب خارج السودان..

تحقيق: نشوة أحمد الطيب-خاص مراسلين

لم يعد ما كُشف عنه في هذه القضية مجرد خلل في إجراءات تعليمية أو مخالفة تنظيمية عابرة، بل هو انتهاك مركّب يضرب في صميم الأمن القومي السوداني، ويقوّض أحد أخطر أعمدة الدولة: شرعية نظامها التعليمي. نحن أمام واقعة تعليمية خطيرة تشكّلت فيها طبقات من الخداع المؤسسي، حيث جرى استدراج آلاف الطلاب – غالبيتهم خارج السودان – عبر وعود رسمية زائفة، وشعارات اعتماد كاذبة، وشهادات وُلدت خارج أي غطاء قانوني، لكنها سُوّقت كحق مشروع ومسار تعليمي معتمد.
بحسب إفادة شخصية قانونية رفيعة المستوى فضّلت حجب اسمها بحكم موقعها القانوني في الدولة، فإن هذه القضية ترقى إلى مستوى الأمن القومي، لا لأن ضحاياها طلاب فحسب، بل لأن آثارها تمس سيادة الدولة السودانية، وتضرب مصداقية مؤسساتها، وتخلق واقعًا تعليميًا موازيًا خارج الرقابة الرسمية، يمكن توظيفه لاحقًا في العبث بالوثائق، والهويات، والمعادلات الأكاديمية، وفتح أبواب اختراق قانوني واجتماعي عابر للحدود.


تبادلت كل من وزارة التعليم والتربية الوطنية السودانية ومؤسسة مداد التعليمية الاتهامات بشأن قانونية عمليات التسجيل والامتحانات الإلكترونية، حيث أكدت الوزارة أن الشهادات الصادرة غير معتمدة وأن المؤسسة خالفت التصديقات الممنوحة لها، في حين رفضت مداد هذه الاتهامات، مؤكدة امتلاكها مستندات رسمية تؤكد صلاحيتها لإدارة التعليم عن بعد. وفي حديث خاص مع مراسلين، كشف المستشار القانوني للمؤسسة التعليمية عن معلومات حساسة، أشار فيها إلى وجود تقصير واضح من الوزارة وعدم تعاونها في اتخاذ الإجراءات اللازمة للإطاحة بما وصفه بـ”شبكة إجرامية” تضم موظفين تابعين للوزارة، ما أعاق حماية حقوق الطلاب وفتح المجال لاستمرار الانتهاكات، تحدثت مراسلة الشبكة مع عدد من أولياء أمور الطلاب المتضررين ليعكسوا واقعاً نفسياً خطيراً يهدد صحة وسلامة أبنائهم جراء ما حدث وسط مستقبل تعليمي مجهول.

خلفية القضية..

تقدّم أولياء أمور طلاب مدارس مداد التعليمية الإلكترونية، التي تضم المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، بإفادتهم الصحفية ل(مراسلين) لتسليط الضوء على قضية تعليمية وإنسانية بالغة الخطورة، تتعلق بتزوير امتحانات ونتائج دراسية واستغلال مالي للطلاب، ما وضع أبنائهم في مأزق تعليمي ونفسي بالغ التعقيد. ويبلغ عدد الطلاب المتضررين 1115 طالبًا وطالبة، الذين أصبحوا مهددين بفقدان سنوات تعليمية كاملة.

جذور الأزمة واللجوء للتعليم الإلكتروني..


بعد اندلاع الحرب في السودان، اضطر العديد من الأسر للنزوح والهجرة، ما دفع أولياء الأمور إلى اللجوء إلى التعليم الإلكتروني حفاظًا على مستقبل أبنائهم. في هذا السياق، أعلنت مدارس مداد التعليمية، التابعة لما قيل إنه الإدارة العامة للتعليم الإلكتروني الاتحادي، عن فتح باب التسجيل للتعليم عن بعد منذ عام 2023، مدعومة بدعايات وشخصيات إعلامية موثوقة، ما أكسب الأهالي شعورًا بالاطمئنان بحسب حديثهم.

الامتحانات والرسوم غير القانونية..


أعلنت إدارة المدرسة أن امتحانات الشهادتين الابتدائية والمتوسطة ستُعقد إلكترونيًا، وطلبت من أولياء الأمور تجهيز متطلبات خاصة تشمل أوراقًا مطبوعة، كاميرتين، واشتراكَي إنترنت. أُرسلت أرقام الجلوس قبل الامتحان بفترة وجيزة، وبعد اعتراض الأهالي على التأخير، طُلب منهم سداد رسوم للجلوس، تراوحت كالتالي:
عام 2023: 500 ريال سعودي للطلاب في السعودية، 600 درهم للطلاب في الإمارات، وما يعادل 500 ريال سعودي للطلاب داخل السودان.
عام 2025: ارتفعت الرسوم إلى 600 ريال سعودي بذريعة “رسوم السفارة”.

جلس الطلاب للامتحانات إلكترونيًا من منازلهم، تحت إشراف كنترول منفصل عن الكنترول الرسمي للطلاب الحضوريين، ليكتشف الأهالي لاحقًا أن الامتحانات مختلفة تمامًا عن امتحانات الولاية الرسمية، والشهادات الصادرة غير مدرجة في نظام وزارة التربية والتعليم، ما كشف عن تزوير واضح للشهادات والنتائج.

نتائج مزورة وانتهاك الحقوق التعليمية..


عند إعلان النتائج، فوجئ الأهالي بأن أبنائهم لم يكونوا ضمن الطلاب المدرجين في المؤتمر الرسمي، بل في مؤتمر منفصل. وعند طلب استخراج النتائج للتسجيل في المدارس الحكومية، طُلب سداد مبلغ 13 ألف جنيه لكل طالب لتوثيق النتائج لدى وزارة الخارجية، وقد تم السداد، إلا أن النتائج المرسلة كانت مختلفة في التوقيعات والأختام عن النتائج الرسمية، ما يثير الشكوك حول مصداقية الشهادات.

تواصل الأهالي مع وزارة التربية والتعليم بولاية البحر الأحمر، التي أكدت رسميًا أنه لا يوجد أي امتحان إلكتروني معتمد، وأن الشهادات والامتحانات مزورة.
الأخطر من ذلك، أن الطلاب استُخدمت شهاداتهم المزورة للانتقال من الصف الثالث المتوسط إلى الصف الأول والثاني الثانوي، ومن الصف السادس الابتدائي إلى الصف الأول والثاني المتوسط. وعند انكشاف التزوير في 2025، لم تُسلم نتائج دفعة الصف السادس حتى الآن بحجة عدم التصحيح، رغم مرور أشهر على الامتحانات.

توقيف المتهمين وتقصير الوزارة..


تم إبلاغ الأهالي بأنه تم القبض على عدد من المتهمين في هذه القضية بتهم تزوير واستيلاء على أموال بطرق غير مشروعة، إلا أن هذا الإجراء لم يحل مأزق الطلاب الذين أصبحوا مهددين بالعودة لسنوات دراسية سابقة، وهو أمر مستحيل تربويًا ونفسيًا.

وقد قدم أولياء الأمور مذكرة رسمية عبر السفارة السودانية في المملكة العربية السعودية إلى الوزير، ولا يزالون في انتظار قرار عاجل ينقذ مستقبل الطلاب، مؤكدين أن القضية قضية رأي عام، تعليم ومستقبل جيل كامل، وتستلزم اهتمامًا عاجلًا من جميع الجهات المعنية والإعلاميين والنشطاء المعنيين بقضايا الفساد وحماية حقوق الطلاب ، وشكل الأهالي لجنة من أولياء الأمور لمقابلة الجهات المختصة و ظلت حتى تاريخ النشر هذا تنتظر مقابلة الوزير إلا أن المطالب التعجيزية بحد قولهم تحول دون ذلك و أبرزها مطالب وزارة التعليم و التربية الوطنية بتوفير تفويضات فردية من كل أولياء أمور الطلاب المتضررين الأمر الذي يقف عائقاً بسبب عدم تواجدهم داخل دولة واحدة و ان ظروف الحرب و اللجوء جعلت كل منهم في مكان .

“أطفال الحرب بين الظلم الأكاديمي والصدمة النفسية”..


حُجبت هوية المصدر بالكامل حفاظاً على سلامته وسلامة أطفاله، نظراً لحساسية القضية وما قد يترتب على نشرها من مخاطر أو تهديدات محتملة.
أفادت ولية أمر لطالبين سودانيين، في شهادة خاصة، أن أبناءها تعرضوا لصدمة نفسية مركبة على خلفية ما تكشّف لاحقاً من وقائع تزوير وغش في مؤسسة تعليمية خاصة، كانوا قد التحقوا بها لسنوات في ظل ظروف الحرب والنزوح.
وأوضحت أن لديها ابنة كانت في الصف السادس الابتدائي، وابناً في المرحلة المتوسطة، وقد أدّيا الامتحانات الرسمية ضمن تلك المؤسسة، قبل أن تبدأ الشكوك تحيط بسلامة الإجراءات. وفي تلك المرحلة، فضّلت الأسرة عدم إشراك الأبناء في القلق المتصاعد، خاصة أنهم كانوا يقيمون حينها في دولة الإمارات العربية المتحدة.
لاحقاً، انتقلت الأسرة إلى القاهرة قبل نحو أربعة أشهر، عقب قبول الابنة الكبرى في جامعة القاهرة. ومع تزايد المؤشرات على وجود تجاوزات جسيمة، حرص الوالدان على عدم إبلاغ الطفلين مباشرة، غير أن الخبر وصل إليهما عبر زملائهما ومجموعات التواصل، بحكم استمرار الصلة بأصدقائهما الذين درسوا معهم لعامين كاملين.
وتشير ولية الأمر إلى أن الطفلين لم يستوعبا في البداية حجم الأزمة، باعتبارها أول تجربة صادمة من هذا النوع في حياتهما، إذ لم يخطر ببالهما أن يكون جهدهما الدراسي مهدداً بالضياع. وأضافت:

“طمأنّاهما بأن الأمر عام، وأن المشكلة ستُحل، وربما يكون هناك سوء تفاهم سيجري تجاوزه”.
ومع تفاقم الموقف، دخل الوالدان في نقاشات مطوّلة لتحديد المسار الأنسب، وخلصا إلى ضرورة الحفاظ على التماسك أمام الأبناء، حتى لو استدعى الأمر لاحقاً التحويل إلى مناهج تعليمية أخرى. وأكدت الأم أنها اتخذت قراراً حاسماً بعدم إعادة أبنائها إلى مراحل دراسية سابقة، لما لذلك من أثر نفسي بالغ.
وعند وصولهم إلى القاهرة، جرى إلحاق الابنة بالصف الثاني المتوسط، والابن بالصف الثاني الثانوي في مدارس سودانية، رغم التأخر النسبي في الالتحاق، وذلك في محاولة لتقليل الإحباط وفقدان الثقة، ومنع الدخول في دائرة الاكتئاب أو العزلة.
وتوضح الشهادة أن الأسرة وضعت خطة موازية تقوم على الانتظار عاماً دراسياً واحداً:
إن حُلّت المشكلة، فذلك هو المأمول. وإن لم تُحل، فسيجري التحويل إلى المنهج المصري أو اليمني لضمان انتقال الأبناء أكاديمياً دون انتكاس.
وترى ولية الأمر أن هذا القرار أسهم في تخفيف ما لا يقل عن 70% من الأثر النفسي المتوقع، مشيرة إلى أن الأبناء واصلوا دراستهم بصورة طبيعية، ويحافظون على تواصلهم الاجتماعي مع زملائهم، رغم شعورهم العميق بالظلم بعد الجهد الكبير الذي بذلوه.
كما لفتت إلى الضغوط المادية التي تحملها والدهم، في ظل مطالبات متكررة بتكاليف إضافية، شملت تجهيزات ومستلزمات، في وقت تعاني فيه الأسرة من أعباء المعيشة المرتفعة. وأضافت أن الأبناء كانوا يشعرون بالمسؤولية تجاه والديهم، وأن قلقهم الأكبر لم يكن على ضياع حقهم بقدر ما كان على خيبة أملهم في عدم إسعاد والديهم بعد هذا العناء.
وأشارت إلى أن أصعب ما واجه الأسرة كان تساؤل الابن المتكرر:
“كيف يمكن لوزارة التربية والتعليم أن تكون متورطة أو على علم بما جرى؟ وإن لم تكن تعلم، فلماذا لم تتحرك حتى الآن؟”.
وبيّنت أن الصدمة الحقيقية لدى الابن لم تكن فقط في التزوير ذاته، بل في صمت الجهات الرسمية، وغياب أي تصريح يطمئن الطلبة وأسرهم، وهو ما هزّ صورته المثالية عن الوزارة والمسؤولين.
وأكدت ولية الأمر أن لجوء الأسرة إلى هذه المدرسة جاء بعد تطمينات مباشرة، وتقديم أوراق تفيد – بحسب ما قيل لهم – بأن المؤسسة تعمل بموافقة رسمية، إضافة إلى أن رسومها كانت مناسبة لظروفهم، ما عزز ثقتهم آنذاك بأن الدولة تراعي أوضاع الأسر المتأثرة بالحرب.
وختمت رسالتها بتساؤل مفتوح:
“هؤلاء أطفال خرجوا من حرب قاسية، فما مصيرهم؟ وكيف يُطلب من طالب في الصف الثاني الثانوي أن يعود إلى المرحلة المتوسطة؟”.
وشبّهت وضع الأبناء بعدّائين قطعوا مسافة طويلة في مضمار ظنوه معتمداً، ثم قيل لهم عند خط النهاية إن السباق غير معترف به، وإن جهدهم لن يُحتسب. وأكدت أن كل ما تفعله اليوم هو إبقاؤهم في مضمار موازٍ، يحافظ على حماسهم وكرامتهم، ريثما تُنصف قضيتهم ويُعترف بسنوات اجتهادهم.
“المدرسة تكشف الحقائق… والطلاب الأبرياء أولويتنا”
في حديث خاص مع الصادق أحمد فضل المولى سالم، المستشار القانوني لمدارس مداد التعليمية الإلكترونية، كشف ل (مراسلين) عن أبرز تفاصيل قضية التزوير والغش التي اهتزت على أثرها المؤسسة التعليمية، مؤكداً حرص المدرسة على حماية مصالح الطلاب الأبرياء وعدم تحميلهم تبعات ما حدث.
وأوضح المستشار القانوني أن القضية تسير بخطى ثابتة رغم بطء البداية، وقد تم بالفعل القبض على عدد من المتهمين، بينما تبقى بعض الأطراف الأخرى تحت الملاحقة. ولفت إلى أن المدرسة قدمت للوزارة حلولاً واضحة لحماية الطلاب، منها اعتماد نتائجهم ومنحهم شهادات امتياز لمراحلهم الدراسية، مستندة في ذلك إلى إجراءات مشابهة اتبعتها الوزارة خلال فترات الحرب للطلاب في مناطق النزاع.
وأشار إلى أن شبكة التزوير تتجاوز مجرد فردين، وأن التحقيقات تكشف وجود تنظيم إجرامي متكامل، نافياً وجود أي علاقة للمعلمين أو الإداريين بالمدرسة بهذه الجرائم، مؤكداً أن الجريمة ارتكبها فريق كان يدعي تمثيل الوزارة.
وحول المعوقات التي تواجه استكمال القبض على جميع المتهمين، أفاد المستشار أن كشف أماكن وجودهم أو هوياتهم في الوقت الحالي قد يعرض الإجراءات للفشل، إذ إنهم جزء من شبكة معقدة، وأن المدرسة تبذل جهوداً كبيرة وموارد مالية ووقتاً لتحقيق القبض على البقية وإحالتهم للعدالة، على الرغم من محدودية تعاون الجهات الرسمية.
وأضاف المستشار أن المدرسة ظلّت منذ مطلع يونيو الماضي تنادي الوزارة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الطلاب الأبرياء، لكن ما زالت الجهات الرسمية لم تتخذ خطوات فعلية، مكتفية بالاستماع والوعود المؤجلة. وأكد أن المدرسة حرصت على صياغة البيان رداً على بيان وزارة التعليم والتربية الوطنية بلغة مهادنة لحماية الطلاب من أي أضرار نفسية أو اجتماعية نتيجة تطورات القضية.
وأكد المستشار أن المدرسة مستمرة في متابعة القضية حتى بلوغ العدالة الكاملة، مع التزامها الكامل بضمان حقوق الطلاب وحماية مستقبلهم الدراسي والنفسي، مع التأكيد على أن الطلاب ليس لهم أي ذنب فيما حدث وأن هدف المدرسة هو إنصافهم قبل كل شيء.

توضيحات رسمية..


أرسلت مدارس مداد التعليمية عبر خطاب رسمي إلى مراسلة الشبكة، ردًّا على الأسئلة الموجهة حول قضية التزوير والغش التي طالت بعض امتحانات المدرسة، مؤكدة فيها التزامها الكامل بحقوق الطلاب وأولياء أمورهم، وحرصها على الفصل بين الإجراءات القانونية وبين مستقبل الطلبة الأكاديمي.
وأوضحت المؤسسة أنها علمت رسمياً بوجود تزوير في الامتحانات والشهادات من وزارة التربية والتعليم ولاية البحر الأحمر، وشرعت فوراً في اتخاذ الإجراءات القانونية عبر النيابة للتحقق من صحة الشكاوى، مشيرة إلى أن تفاصيل دقيقة حول سير القضية سيتم الإفصاح عنها لاحقاً بعد اكتمال التحقيقات القانونية.
وأفادت المدرسة أن الجهات المتورطة في التزوير لا تزال قيد التحري، وأن بعض المتهمين قد تم توقيفهم لدى الدوائر العدلية بعد تقديم مستندات مزورة تحمل صفة الوزارة، مؤكدة أن المدرسة كانت ضحية لعملية احتيال ولم تشارك في أي مخالفة قانونية أو تربوية.
كما شددت المؤسسة على أنها امتلكت جميع المستندات الرسمية والموافقات اللازمة قبل تنفيذ الامتحانات إلكترونياً، ولم تنفذ أي اختبار إلا بعد التنسيق الكامل مع الجهات الرسمية، وفق ما هو معمول به عادةً. وفيما يتعلق بمبالغ الرسوم، أوضحت مداد أنها تحصلت فقط الرسوم المخصصة للجلوس للامتحانات ولم تتحصل على أي مبالغ مقابل إصدار الشهادات التي ثبت لاحقاً أنها مزورة.
وأشارت إدارة المدرسة إلى أن مدير الأكاديمي ومنسق العلاقات تصرفا بمفردهما بخدعة لتقديم مستندات مزورة، دون علم الإدارة العليا، وأن أولياء الأمور أُبلغوا رسمياً بوجود شبهة التزوير بعد التأكد من المشكلة والقبض على المتهم الرئيسي.
وأكدت المؤسسة أن جميع الطلاب الأبرياء تم التعامل معهم بحرص، وأن المدرسة تسعى مع الوزارة لمعالجة آثار القضية دون أي ضرر على مسارهم الدراسي، وتقديم الحلول اللازمة لضمان استمرار تعليمهم بشكل طبيعي، مشيرة إلى أنها تتعاون مع الجهات الرسمية لتسليم كافة المستندات والبيانات المطلوبة للوزارة وأولياء الأمور.
واختتمت مداد رسالتها بالتأكيد على تحملها المسؤولية الأخلاقية الكاملة تجاه الطلاب، وضمان حقوقهم التعليمية والمادية، والحفاظ على مصداقية المؤسسة ورسالتها التربوية المتميزة في الظروف الاستثنائية التي يمر بها الطلاب.

شخصية قانونية: قضية مدارس مداد تمس الأمن القومي الاجتماعي والتربوي في السودان..

أكدت شخصية قانونية رفيعة المستوى، فضّلت حجب اسمها، التزاماً بواجبات منصبها القانوني في السودان وحساسية القضية في إفادة خاصة لمراسلين أن قضية مؤسسة مداد للتعليم الإلكتروني تُعد من القضايا المعقّدة ذات الأبعاد المتعددة، ولا يمكن التعامل معها بوصفها مخالفة إدارية محدودة، بل إنها – وفق التكييف القانوني – ترتقي إلى جرائم مكتملة الأركان تمس الأمن القومي الاجتماعي والتربوي.
وأوضحت الإفادة أن الوقائع محل النظر تندرج تحت جرائم التزوير والاحتيال، وهي من الجرائم العامة التي يجوز تحريك الدعوى الجنائية بشأنها من أي شخص واحد دون الحاجة إلى تفويضات فردية من جميع المتضررين، مبينة أن اشتراط جمع تفويضات منفصلة من أولياء الأمور لا يستند إلى أساس قانوني صحيح في مثل هذه القضايا.
وبيّنت الشخصية القانونية أن القضية تتضمن أيضاً شُبهات جرائم معلوماتية، استناداً إلى القوانين المنظمة لجرائم الشبكات والاتصال الإلكتروني، نظراً لاعتماد الأفعال محل الاتهام على منصات رقمية ووسائط إلكترونية، ما يستوجب تحقيقاً تقنياً متخصصاً يتجاوز نطاق التحقيق الجنائي التقليدي.
وأكدت الإفادة اكتمال أركان الجريمة من حيث الركن المادي، المتمثل في الترويج والتسجيل والتدريس وإجراء الامتحانات وتحصيل الأموال، والركن المعنوي، المتمثل في القصد الجنائي، مشددة على أن الامتناع عن تصحيح المخالفات أو إيقافها يُعد قرينة على العلم والرضا باستمرار الأفعال الجرمية.
وأشارت إلى أن المسؤولية القانونية تمتد لتشمل الفاعلين الأصليين، وصور الاشتراك الجنائي المختلفة، إضافة إلى المسؤولية الجنائية والمدنية للشخص الاعتباري ذاته، أي المؤسسة التعليمية، ممثلة في إدارتها ومالكيها، باعتبارها المستفيدة والمروّجة للنشاط محل الاتهام.
وحول دور وزارة التعليم والتربية الوطنية، أوضحت الشخصية القانونية أن المسؤولية الجنائية شخصية ولا تُنسب إلى المؤسسات ككيانات عامة، غير أن المسؤولية المدنية قد تنعقد على الوزارة في حال ثبت التقصير في الرقابة أو الإهمال في المتابعة، وفقاً لمبدأ مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه، مع احتمال مساءلة الأفراد داخل الوزارة جنائياً في حال ثبوت علمهم أو تورطهم.
وأضافت أن صمت الجهات المختصة أو المماطلة في الرد، إذا ثبت اقترانه بالعلم أو التقصير، قد يشكل خطأً إدارياً يوجب المساءلة، مع بقاء تقدير ذلك رهناً بسير التحقيقات.
وفيما يتعلق بالطلاب، شددت الإفادة على أن القضية تحمل بعداً تربوياً ونفسياً بالغ الخطورة، معتبرة أن إجبار الطلاب على العودة إلى مراحل تعليمية أدنى بعد انتقالهم لمراحل متقدمة يُلحق ضرراً نفسياً لا يمكن معالجته بعقوبات إجرائية، ودعت إلى حلول تربوية استثنائية تتيح للطلاب إثبات مستواهم الحقيقي عبر امتحانات تقويمية معتمدة تُعقد في مقار رسمية كالسفارات، بما يسمح بانتقال المجتازين واستمرار مسيرتهم التعليمية.
وأكدت أن القضاء لا يملك سلطة فرض مسارات تعليمية، وأن تنظيم الانتقال بين المراحل واعتماد الشهادات يظل اختصاصاً أصيلاً لوزارة التعليم، ما يحمّلها مسؤولية وطنية وأخلاقية في معالجة أوضاع الطلاب المتضررين.
ودعت الشخصية القانونية أولياء الأمور إلى توحيد صفوفهم وتكليف تمثيل قانوني كفء وقوي، يجمع بين العمل في المسارين الإداري والجنائي، مؤكدة أن القضية تمس شريحة واسعة من المجتمع ومستقبل أجيال، ولا يجوز التعامل معها باعتبارها ملفاً هامشياً.
واختتمت الإفادة بالتأكيد على أن هذه القضية تُعد قضية أمن قومي اجتماعي وتربوي، لما لها من تأثير مباشر على الثقة في مؤسسات الدولة وعلى الاستقرار النفسي والتعليمي للأطفال، محذرة من أن أي معالجة قاصرة قد تفضي إلى تداعيات أوسع مستقبلاً.

التزوير التعليمي: آثار نفسية واجتماعية وضرورة حماية الطلاب..

قالت حفصة ناصر برمة، مسؤول حماية ورصد العنف القائم على النوع الاجتماعي في وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل وناشطة اجتماعية في إفادة خاصة ل(مراسلين) إن قضايا التزوير والاحتيال التعليمي تُعد من أخطر الانتهاكات التي يتعرض لها الطلاب، لما تخلّفه من آثار نفسية واجتماعية وتربوية عميقة، مؤكدة أن الطالب في هذه الحالات ضحية مباشرة لخرق الثقة المؤسسية وانتهاك حقه في تعليم آمن ومعتمد.
وأوضحت أن المتضررين يعانون صدمات نفسية تشمل الإحباط وفقدان الأمان وانعدام الثقة بالمؤسسات، وقد تتطور إلى قلق مزمن أو انسحاب اجتماعي أو فقدان الدافعية للتعلم، مشددة على دمج البعد النفسي مع المسارين القانوني والإداري في أي معالجة للقضية. وأكدت ضرورة الاعتراف الرسمي بالطلاب كضحايا، وتوفير دعم نفسي منظم، والتواصل الشفاف مع الأسر، وضمان استمرارية تعليمية عبر بدائل معتمدة، وتمكين الطلاب معرفياً بحقوقهم التعليمية.
ومن منظور الحماية، أكدت ضرورة إنشاء آليات شكاوى آمنة ومستقلة، محاسبة المسؤولين عن التزوير، واعتماد أنظمة رقابية لمنع تكرار الانتهاكات. وقدمت توصيات عملية تشمل حملات توعوية مجتمعية، إدماج التوعية بالحقوق التعليمية في المدارس، إنشاء نقاط اتصال آمنة، تفعيل الإعلام المسؤول، توعية الأسر، مراعاة قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، اعتماد حلول انتقالية لحماية الاستمرارية التعليمية، تعزيز الشفافية المؤسسية، إشراك المجتمع المدني، ووضع آليات متابعة وتقييم لضمان فاعلية التدخلات ومنع التكرار.
واختتمت مؤكدة أن حماية الطلاب من التزوير مسؤولية قانونية ونفسية وأخلاقية ومجتمعية، وأن صون كرامتهم ودعم مستقبلهم التعليمي يمثل حجر الأساس لأي عدالة تربوية حقيقية.


“التجاهل الرسمي يفاقم أزمة طلاب مداد: الوزير والوكيل يلتزمون الصمت أمام الأسئلة الملحة”

شبكة مراسلين تواصلت مع وزير وزارة التربية والتعليم الوطنية السودانية، الدكتور التهامي الزين حجر، عبر المكالمات الهاتفية والرسائل النصية على واتساب، إلا أن الوزير اكتفى بقراءة الرسائل دون الرد عليها.
بعد ذلك، تواصلت الشبكة بوكيل الوزارة، الدكتور أحمد الخليفة، الذي أبدى تعاونًا مبدئيًا، معلنًا أنه خارج الخرطوم وسيجيب على أسئلة الشبكة عند عودته بعد ثلاثة أيام من تاريخ التواصل، وكان ذلك قبل نحو أسبوع. منذ ذلك الحين، لم يرد الوكيل أيضًا على أي من الرسائل أو المكالمات، حتى تاريخ النشر.
وقد تم توجيه قائمة الأسئلة التالية لكل من الوزير والوكيل، وهي تشمل جميع النقاط المتعلقة بقضية طلاب مدارس مداد التعليمية الإلكترونية، من إجراءات الوزارة بعد اكتشاف التزوير، إلى مواقفها من الشهادات المزورة، والتحقيقات الداخلية، والحماية القانونية والنفسية للطلاب المتضررين، وحتى الأسباب وراء التأخر في الإعلان عن حلول واضحة.

مرفق الأسئلة التي وجهتها مراسلة الشبكة :

• ما الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم منذ اكتشاف واقعة التزوير لضمان عدم تضرر الطلاب الذين ثبت عدم تورطهم؟
• لماذا لم تعتمد الوزارة حتى الآن أي حل استثنائي لمعالجة أوضاع الطلاب، رغم المقترحات المقدمة منذ يونيو الماضي؟
• ما مبررات عدم تطبيق سوابق الوزارة السابقة التي منحت طلاب مناطق النزاع شهادات اجتياز خلال فترة الحرب؟
• هل لدى الوزارة جدول زمني واضح لحسم ملف الطلاب المتضررين؟ ولماذا لم يُعلن للرأي العام؟
• لماذا لم تسهم الوزارة بطاقمها القانوني والأمني في ملاحقة المتهمين، رغم أن القضية تمس أمن العملية التعليمية؟
• ما سبب عدم استجابة إدارة أمن الوزارة لطلبات التعاون في التحري والقبض على المتورطين؟
• هل تقر الوزارة بأن القضية تتعلق بشبكة إجرامية منظمة وليست حالات فردية معزولة خاصة وأن المتهمين من الفريق الذي يمثل الوزارة فقط بحسب إفادات صحفية من المدرسة؟
• ما الإجراءات التي قامت بها الوزارة لتعقب المتهمين الذين لم يتم القبض عليهم حتى الآن؟
• لماذا لم تجرِ الوزارة تحقيقًا داخليًا مستقلًا بالتوازي مع مجريات القضية؟
• كيف تفسر الوزارة قيام مؤسسة تعليمية خاصة بالقبض على متهمين بإمكاناتها الذاتية دون دعم رسمي؟
• هل اطّلعت الوزارة على الخسائر المالية والجهود الكبيرة التي تكبدتها مؤسسة مداد في سبيل حماية الطلاب وكشف الجريمة؟
• لماذا اكتفت الوزارة، بحسب ما ورد، بالاستماع وإطلاق الوعود دون اتخاذ قرارات تنفيذية واضحة؟
• ما أسباب غياب بيان رسمي يوضح موقف الوزارة ويطمئن أولياء الأمور حتى الآن؟
• هل تتحمل الوزارة مسؤولية تفاقم القلق النفسي لدى الطلاب وأسرهم نتيجة التأخير في الحسم؟
• متى تعتزم الوزارة إعلان موقفها النهائي من القضية بشفافية كاملة أمام الرأي العام؟
• . هل تؤكد وزارتكم علمها الكامل بقضية طلاب مدارس مداد التعليمية الإلكترونية، وما صاحبها من اتهامات موثقة بتزوير الامتحانات والشهادات المرحلية؟
• . متى تلقت الوزارة رسميًا أول مذكرة من أولياء الأمور عبر سفارة السودان بالمملكة العربية السعودية، وما الإجراءات التي اتُخذت منذ ذلك التاريخ؟
• . هل تعترف وزارة التربية والتعليم بوجود كيان تعليمي يُسمى «التعليم الإلكتروني الاتحادي» مخوَّل بإجراء امتحانات الشهادة الابتدائية والمتوسطة خارج السودان؟
• . إن كانت الإجابة بلا، فكيف تفسر الوزارة جلوس أكثر من ألف طالب وطالبة لامتحانات تحمل اسم الولاية وأختامًا رسمية، ثم ثبوت عدم إدراجها في نظام الوزارة؟
• . ما موقف الوزارة من النتائج والشهادات التي صدرت لهؤلاء الطلاب، والتي تم توثيق بعضها بوزارة الخارجية، قبل أن يتضح لاحقًا أنها غير معتمدة؟
• . هل تم فتح تحقيق رسمي داخل الوزارة لمعرفة كيفية تمرير هذه الامتحانات، ومن الجهات أو الأفراد الذين سهلوا إصدار أوراق تحمل صفات رسمية دون سند قانوني؟
• . ما مسؤولية الوزارة تجاه طلاب انتقلوا فعليًا إلى مراحل دراسية أعلى (متوسط وثانوي) بناءً على نتائج ثبت لاحقًا أنها مزورة، ثم طُلب منهم العودة سنوات دراسية إلى الوراء؟
• . كيف تنظر الوزارة إلى الأثر النفسي والتربوي المترتب على مطالبة طلاب في المرحلة الثانوية بإعادة مراحل دراسية سابقة لا ذنب لهم في التلاعب الذي حدث؟
• . لماذا لم تُسلَّم نتائج دفعة عام 2025 حتى الآن، رغم مرور أشهر على الامتحانات، وما هو الوضع القانوني لهؤلاء الطلاب؟
• . ما صحة الأنباء المتداولة حول توقيف أشخاص متهمين في القضية هذه على ذمة قضايا تزوير واستيلاء على أموال، وهل هناك تنسيق بين الوزارة والجهات العدلية في هذا الشأن؟
• . في ظل استمرار مدارس مداد في استقبال طلاب جدد ومزاولة النشاط التعليمي، ما الإجراءات الرقابية التي اتخذتها الوزارة لمنع تكرار الضرر وحماية أسر أخرى من الوقوع في ذات الأزمة ولماذا تعمل هذه المدارس حتى الآن رغم كل هذه القضايا الشائكة حولها؟
• . لماذا لم يتم حتى الآن عقد اجتماع بينكم وبين لجنة أولياء الأمور المعتمدة من سفير السودان بالمملكة العربية السعودية، رغم وجودها في بورتسودان منذ أكثر من شهر؟
• . هل لدى الوزارة تصور واضح ومعلن لحل هذه القضية، أم أن الأمر لا يزال قيد الدراسة دون سقف زمني محدد؟
• . هل تلتزم الوزارة بإصدار قرار عاجل يراعي مصلحة الطلاب بوصفهم ضحايا، وليس أطرافًا في عملية التزوير، بما يسمح لهم بمواصلة تعليمهم دون إهدار سنوات دراسية؟
• . أخيرًا، ما الرسالة التي توجهونها اليوم لأكثر من ألف أسرة سودانية تعيش القلق والانتظار، وتخشى ضياع مستقبل أبنائها بسبب خلل إداري وتربوي خارج عن إرادتهم؟
ثم أصدرت الوزارة يوم الأربعاء الموافق 24 ديسمبر بيان رسمي نشر عبر وكالة السودان للأنباء تحت عنوان (توضيح حول مؤسسة مداد للتعليم الإلكتروني التي خالفت قوانين الوزارة)
مرفق صورة من البيان :

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews