دنيا ودينسلايدر

ابنك ليس أسيرا عندك.. أشياء ندمر بها صحتهم النفسية

شبكة مراسلين _ فاطمة محمد

من المؤسف أن تنتشر بعض المعتقدات الدنيوية في بعض البلدان والنجوع المصرية، والتي تدل على الأنانية والتفكير بمنطق النفعية على حساب الأولاد والأبناء، من خلال كثرة إنجابهم، ليكونوا معينين لأبائهم على سبيل السخرة لا على سبيل حق الوالد على ابنه.

أبناء السخرة

فبعض الناس في كثير من النجوع المصرية ينجبون الأطفال بكثرة، من أجل الانتفاع من ورائهم، وذلك أن بعض المعتقدات هذه النجوع والقرى تقوم على شيئين هامين أحدهما أن يكون الرجل صاحب أملاك وعشرات الفدادين من الأرض والعقارات، وثانيهما أن يكون الرجل صاحب عزوة كبيرة من الأولاد يقوم بتسخيرهم للعمل في مجالات البناء والمعمار أو ماشابه، وفي كلتا الحالتين يتفاخر الرجال في هذه القرى بأنهم أصحاب أملاك أو أصحاب عزوة من الأبناء يعملون ويدرون عليه مالا.

وتنتشر هذه المعتقدات بكثرة لدى قطاع كبير من أهالي بعض المحافظات المصرية، حيث يتعمدون إنجاب الولد بكثرة ثم يقوم بالتفاوض مع إحدى مقاولين المعمار من معارفه في القاهرة أو الجيزة، ليرسل إليه أولاده ودائما ما يكونوا كثر يزيد عددهم عن السبع إخوة، ثم يرسلهم إليه للعمل في هذا المجال باليومية، على أن تكتمل الصفقة بأن يتفق الأب مع المقاول أن يدخر أجرة أبنائه السبعة أو العشرة كل شهر مجتمعين، ثم يرسلها إليه إليه مع أول مسافر له.

ومن بنود الصفقة أن يتم الاتفاق على أن الأبناء المرسلين من الأب للمقاول في مقام الرهينة التي تعمل بالسخرة، أو الأسرى الذين لا يجوز تحريرهم إلا بموافقة الأب، فالمقاول مسئول أمام الأب وبالتبيعة أمام كبير القرية، بأنه تسلم من هذا الرجل عدد سبعة أولاد يتكفل بعملهم ونومهم في أي مكان يتاح له، وإطعامهم بأي طعام من أرخص ما يطعم به نفسه، مقابل أن يعملوا لديه بالسخرة، والتكفل بتسليم الأب أجرة الأبناء كل أول شهر.

وبالتالي يستمتع الوالد بعرق أبنائه، ويتفاخر بين رجالات قريته بأنه أب الأبناء السبعة الذين يرسلون إليه آلاف الجنيهات كل أول شهر، حتى أن بعض الرجال يتزوج من امرأة وامرأتين لإنجاب الولد وإرساله للسخرة في القاهرة، على ان يعيش الأب كريما منعما يرفل بين النساء في نعيم أبنائه الشقيانين من أجل إنجاب المزيد من الأسرى وإرسالهم للقاهرة بالسخرة لجمع المال.

زواج السخرة

وهناك قرى أخرى يختلف فيها شكل هذه السخرة، من الأبناء للبنات، فكل شيئ وله ما يناسبه، فإذا كان الأبناء يعلمون بالسخرة، فماذا عن البنات؟.

تنتشر في بعض القرى ثقافة تزويج البنات لبعض القادمين من أهل الخليج والدول العربية، فتجد كثير من الأهالي يجبرون بناتهم في سن صغير على الزواج من أحد رجال الخليج الذي يكبرها بعشرات السنين، وربما يكون في عمر جدها، مقابل بضع آلاف من الريالات والدراهم، حيث يكتفي الأب بأن يأخذ مقابل وضع ابنته في الأسر هذه الريالات، على ألا يتكفل بشراء أي شيئ من هذا المال لجهاز ابنته، وأن يأخذ العريس عروسته بالجلباب الذي عليه فقط، وبالتالي يربح الأب من زواج ابنته بدلا من أن ينفق عليها وعلى تجهيزها.
أما البنت الذي يندر طلابها من أهل الخليج، فيستعاض عن ذلك بتزويجها من بعض الرجال الذين يرغبون في إنجاب الكثير من الولد لإرسالهم للقاهرة والعمل في مجال المعمار، وبالتالي فلا توجد خسائر سواء كان في إنجاب الأبناء الذين يتم أسرهم لدى مقاولين المعمار مقابل مبلغ شهري كبير، أو في إنجاب البنات اللائن يتم زواجهن من بعض الخلايجة والراغبين في التعدد.

حقوق الأبناء في الإسلام

راعى الإسلام الحنيف جوانب متعددة لتربية الطفل منها التربية الإيمانية العبادية، والتربية البدنية، والتربية الأخلاقية، والتربية العقلية، والتربية الاجتماعية.

فيجب رعاية وتنشئة الطفل تنشئة سليمة يتمثل في دور الوالدين، فقد حرص الإسلام على أن تنشأ الأسرة في الأساس بزوج تقي وزوجة صالحة، وفي ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الزوج باختيار الزوجة الصالحة ذات الدين، وبإنفاق الأب على أسرته، لا ان يجلس الأب بلا عمل ويعتمد على أسر أبنائه.

ووضع الإسلام الحنيف ضوابط للحفاظ على الطفل في كل مراحل حياته، وقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحمل كل فرد من أفراد الأمة مسؤوليته تجاه أسرته وأبنائه، فقال: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وقال أيضاً: «لأن يؤدب الرجل ولده خيراً له أن يتصدق بصاع»، ومن ثم تكون تربية الطفل في الإسلام بمثابة درجة من درجات التقرب من الله.

وبالإضافة إلى حق الطفل في الحضانة أن يكون بين أمه وأبيه، ينعم بتربيتهما أيضاً له الحق في النفقة، والنفقة تشمل الطعام والكسوة والسكن، ويضاف إلى ذلك رعايته وجدانياً، وذلك بالإحسان إليه ورحمته وملاعبته وإدخال السرور عليه، وكذلك رعايته علمياً وتعبدياً، وتعليمه الإيمان والقراءة والكتابة، والصلاة والصيام، وأعمال البر، وأخيراً رعايته سلوكياً واجتماعياً، وذلك بتعويده على الفضائل ومكارم الأخلاق، وحسن اختيار صحبته، والدعاء له وتجنب الدعاء عليه، وكذلك احترامه وتشجيعه.

فيحتفى به غاية الاحتفاء، ويكرم غاية التكريم، فضلاً عن أن حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية أكثر من ذلك، فقد حمت الشريعة الإسلامية الطفل من التبني، وتغيير العقيدة، والاسترقاق، وحفظت حقوق اللقيط والمريض وذوي الاحتياجات الخاصة، وحفظت حق الطفل في الحياة وتحريم المتاجرة في أعضائه البشرية تحريماً أبدياً، وقد أقرت الشريعة الإسلامية حقوقاً للطفل غير مسبوقة كحقه في اختيار الأم ذات الأخلاق الحميدة، وحقه في الاسم الحسن، وحقه في الإنجاب داخل الأسرة، وحقه في الرضاعة، وحقه في بيئة رحمية طاهرة، وحقه في التربية الإيمانية، وحقه في الحماية من النار والشيطان، كذلك حمت الشريعة الإسلامية حق الطفل في الوصية الحنونة الهادئة، وحقه قبل الميلاد في الميراث، وحقه في الوصية والميراث الشرعي.

ومما جاءت به الشريعة وأوجبته في حق المولود على الوالد النفقة عليه حتى يبلغ الذكر وتتزوج الأنثى، فقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل دينار ينفقه الرجل دينار على عياله».

وقد أمرنا الله أن نحمي أنفسنا وأبناءنا من النار يوم القيامة، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، «سورة التحريم: الآية 6».

وكان النبي صلى الله عليه وسلم حليماً في تعليم وتربية الأطفال، وروى عمرو بن سلمة قال: «كنت غلاماً في حجر رسول الله وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله: يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك. فما زالت تلك طعمتي بعد».

فهدف الإسلام أن يخرج طفلاً سوياً ينمو عقله مع جسده، وتنمو كذلك أخلاقه مع علاقاته الاجتماعية، وليس طفلا أسيرا عند رجل غريب يعمل عنده بالسخرة، ولا تدري ماذا يفعل فيه وهل يعامله بالحسنة أم لا؟ وهل الرجل أمين على طفلك أم لا؟ وهل يعمله حسن الخلق أم سيفسده، وهل طفلك في أمان على جسده أم أنه يتعرض لبعض الأذى الجنسي من أصحاب النفوس الضعيفة في وقت قل فيه دين وخلق الناس.

فالافتخار بكثرة إنجاب الولد لتسخيرهم ليس من الإسلام في شيئ، فأبناؤك يستحقون الرعاية وليس أن تنظر إليهم على أنهم أسرى لديك، أو ما ملكت يمينك.

قال تعالى: (للَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ).

فلا تبدل نعمة الله عليك من إنجاب الإناث والذكور في أن تستعبدهم، وتجعلهم أسرى لديك تجني من ورائهم المال.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews