
بالتزامن مع حلول الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر، نشر أرشيف إسرائيل مجموعة شاملة من آلاف الوثائق والصور والتسجيلات ومقاطع الفيديو، كما تم رفع السرية عن الكثير من البروتوكولات والوثائق المتعلقة بعملية صنع القرارات قبل وخلال حرب 1973 على مدار السنين، فلقد أصبحت مجموعة المواد بأكملها متاحة للجمهور، باستثناء عدد قليل من الملفات التي لا تزال سرية.
وبحسب “تايمز أوف إسرائيل”قالت المسؤولة عن الأرشيف روتي أبراموفيتش: “هذه نظرة شاملة على قصة الحرب، التي أثرت على جميع مناحي الحياة في إسرائيل. هذا هو أكبر كشف قام به أرشيف الدولة على الإطلاق”.
وتوفر بعض الوثائق سجلات للمداولات التي جرت بين رئيسة الوزراء آنذاك غولدا مئير وقادة الأمن في الأيام والساعات التي سبقت شن سوريا ومصر الحرب المنسقة في 6 أكتوبر 1973، بينما كانت إسرائيل تحيي يوم الغفران.
ولم تتوقع إسرائيل تنفيذ الهجوم ضدها على الرغم من العلامات الصريحة التي أشارت إلى أن الجيشين يستعدان للغزو، معتقدة أنه في أعقاب هزيمة مصر قبل ست سنوات في حرب “الأيام الستة”، فإن القاهرة لن تهاجم إلا إذا اكتسبت أولا القدرة على شل سلاح الجو الإسرائيلي.
قبل يوم من بدء الحرب، قال رئيس المخابرات العسكرية إيلي زعيرا لمئير إن التقييم السائد هو أن “جاهزية إسرائيل تنبع بشكل أساسي من الخوف منا… أعتقد أنهم ليسوا على وشك الهجوم، ليس لدينا دليل. من الناحية التقنية، هم قادرون على التحرك. أفترض أنهم إذا كانوا على وشك الهجوم، فسنحصل على مؤشرات أفضل”.
وفي تقييم آخر بعد ساعات، كرر زعيرا ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي دافيد إليعيزر موقفهما القائل بأن سوريا ومصر تخططان على الأرجح لعدوان محدود أو حتى مجرد نشر قوات دفاعية.
وأضاف إليعزر: “لا بد لي من القول، لا يوجد لنا دليل كاف على أنهم لا ينوون الهجوم. ليس لدينا مؤشرات قاطعة على أنهم يريدون الهجوم، لكن لا أستطيع أن أقول بناء على المعلومات أنهم لا يستعدون”.
ثم ركزت المناقشة على ما إذا كان ينبغي شن ضربة استباقية، كما فعلت اسرائيل في حرب عام 1967 قبل أن تتمكن الجيوش العربية من تنفيذ خطة هجومها.
لكن وزير الدفاع موشيه ديان قال: “لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بتوجيه ضربة استباقية هذه المرة، من منظور دبلوماسي. في الوضع الحالي، حتى قبل خمس دقائق أمر مستحيل”.
وزير الدفاع موشيه ديان (على اليسار) يزور قناة السويس قبل أو أثناء حرب يوم الغفران، أكتوبر 1973. (State Archives)
ووافقته مئير الرأي وقالت إن “ضربة استباقية هي أمر مغر للغاية، ولكن نحن لسنا في عام 1968. هذه المرة، العالم يكشف عن وجهه القبيح. لن يصدقوننا”.
سؤال آخر طُرح هو ما إذا كان ينبغي تسريب أن إسرائيل كانت على دراية بالهجوم الوشيك من أجل منع حدوثه.
وقال الوزير يسرائيل غاليلي، الذي لا تزال الجملة التالية التي قالها سرية، إن “مصدر تسفيكا [زمير] يقول إن بالإمكان منع الحرب من خلال تسريب [المعلومات]. تسفيكا يقترح القيام بذلك”.
وأعرب الوزير يغال ألون عن تأييده لتسريب دراية إسرائيل بمخطط الهجوم لوسائل الإعلام قبل جلسة لمجلس الوزراء كان من المقرر عقدها في ظهر اليوم نفسه. لكن مئير أيدت فقط تسريب المعلومات للدبلوماسيين الأجانب، وانتهى بها الأمر بإطلاع السفير الأمريكي كينيث كيتنغ على المعلومات بعد أن قال ديان: “ينبغي علينا السير بحذر، حتى لا تكون هناك حالة من الذعر”.
رئيسة الوزراء غولدا مائير، من اليسار، تزور جنديا إسرائيليا مصابا خلال حرب يوم الغفران، أكتوبر 1973. (State Archives)
وطلبت مئير من كيتنغ خلال لقائهما نقل رسالة إلى مصر مفادها “ليس لدينا شك في أننا سننتصر، ولكننا نريد أن نعلن أننا لا نخطط لهجوم، ولكننا بالطبع مستعدون لصد هجومهم”.
وعندما سأل كيتنغ ما إذا كانت إسرائيل ستضرب بشكل استباقي، أجابت مئير بأنها لن تفعل ذلك، “على الرغم من أن ذلك كان سيجعل الأمر أسهل بكثير بالنسبة لنا”.
بعد يوم من وقوع الهجوم – وهو ما فاجأ إسرائيل لأنه حدث في وقت أبكر مما كان متوقعا – اعترف ديان لمئير وألون بأن تقييماته كانت خاطئة.
وقال: “كان لدينا تقييما يستند إلى الحرب السابقة، وكان غير صحيح.لقد كان لدينا ولآخرين تقييمات خاطئة حول ما سيحدث أثناء محاولة عبور [قناة السويس]”.
وبعد أيام فقط، بعد أن اقتنعت واشنطن بأن إسرائيل لم تكن هي التي بدأت الحرب، قامت الولايات المتحدة بتوفير الأسلحة، حيث قالت مئير: “هناك قرار من حيث المبدأ لـ [لرئيس الأمريكي ريتشارد] نيكسون بشأن [الطائرات الحربية] الفانتوم. الآن هناك فقط مسألة تنفيذ الأمر. يبحث [وزير الخارجية الأمريكي هنري] كيسنجر عن طريقة لنقلها جوا”.
وتم توثيق البروتوكولات في المذكرات الشخصية المكتوبة بخط اليد لإيلي مزراحي، مدير ديوان رئيسة الوزراء آنذاك، والتي نُشرت بعض الأجزاء منها سابقا.
وفقا لأرشيف الدولة، فإن المواد المنشورة حديثا “توثق الأحداث في الوقت الفعلي في جميع المجالات: السياسية والعسكرية والدولية والعامة والمدنية”.
وتشمل هذه المواد “مداولات الحكومة، والمشاورات العسكرية السياسية، وجلسات لجان الكنيست، ومراسلات وزارة الخارجية… وتقييمات الوضع فيما يتعلق بسير الحرب والدفاع المدني وتنظيم الجبهة الداخلية خلالها”.
وأفاد أرشيف الدولة أن هذه المواد “توفر لمحة مذهلة عن عملية صنع القرار من قبل القادة في ظل ظروف عدم اليقين، والقتال على مختلف الجبهات، والاتصالات السياسية التي جرت بوساطة الولايات المتحدة في نهاية الحرب وبعدها مع مصر وسوريا، والمسار الذي أدى إلى توقيع ترتيبات فصل القوات مع مصر وسوريا”.
وانتهت حرب 1973 بوقف نهائي لإطلاق النار في 24 أكتوبر، مع احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان، التي استولت عليها في حرب “الأيام الستة”.
قُتل في هذه الحرب أكثر من 2500 جندي إسرائيلي وأصيب الآلاف، بالإضافة إلى آلاف القتلى والجرحى في صفوف القوات المصرية والسورية والعراقية.
وبحسب التقرير فإن وزير الأمن القومي يصر على أنه يتمتع بصلاحية تحديد ساعات الزيارة وسيقوم بتطبيق اللوائح الرسمية على الرغم من تحذيرات قادة الأمن.
لا يزال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير مصمما على تقليص الزيارات العائلية للأسرى الفلسطينيين على الرغم من الضغوط التي يمارسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضد هذا التغيير، ويصر على أن الأمر يقع ضمن صلاحياته فقط، وفقا لتقرير نُشر يوم الثلاثاء.
وعلى الرغم من أن بن غفير، قال إنه على استعداد للانتظار في تطبيق هذه الخطوة، إلا أنه لا يزال مصمما على تنفيذها، حسبما ذكر تقرير للقناة 12.
وورد أن بن غفير يرفض جميع الطلبات من نتنياهو للتراجع عن قراره، الذي أمر بالفعل بالبدء بتطبيقه. ولقد أثارت المسألة خلافا علنيا بين نتنياهو وبن غفير.
على الرغم من أن وزارة بن غفير مسؤولة عن الأمن الداخلي، إلا أن الكثيرون يرون أن نتنياهو لا يثق بوزير الشرطة اليميني المتطرف في حكومته، وورد أنه كثيرا ما يبقيه خارج المناقشات الرئيسية مع كبار المسؤولين الأمنيين.
في الأسبوع الماضي أعلن بن غفير أنه سيسمح بزيارات عائلية للأسرى الأمنيين الفلسطينيين مرة واحدة كل شهرين فقط، مما يعني تقليص الزيارات الشهرية التي كان مسموحا بها في السابق.
وأشار الوزير إلى أن قراره يتوافق مع اللوائح الرسمية، على الرغم من أنه تم التخفيف من هذه اللوائح على مر السنين.
كما يخطط بن غفير، المسؤول عن الشرطة ومصلحة السجون الإسرائيلية، لخطوات أخرى ستأثر على ظروف الأسرى، على الرغم من تحذيرات المسؤولين الأمنيين ضد تغيير الوضع الراهن لسجن الأسرى.
وذكرت القناة 12 نقلا عن مصدريْن مطلعيْن على التطورات أن نتنياهو حدد موعدا لعقد اجتماع لمجلس الوزراء حول هذه المسألة، وفي الأيام الأخيرة التقى ممثلوه مع بن غفير للتحضير للجلسة.
في تلك المناقشات، قال بن غفير إنه سينتظر حتى جلسة مجلس الوزراء قبل تنفيذ التغييرات المخطط لها، لكنه أصر أيضا على أنه فيما يتعلق بمسألة زيارات الأسرى الأمنيين فإن اللوائح “واضحة جدا” وأن المسألة في نطاق صلاحياته.
وحذر كبار المسؤولين الأمنيين من مغبة تغيير ظروف الأسرى، معربين عن قلقهم إزاء الوضع الأمني الحالي الحساس بشكل خاص.
منتقدا الخلل الوظيفي داخل الحكومة، قال مصدر للقناة 12: “يد تمسك بمطفأة حريق والأخرى تستخدم قاذف اللهب لحرق كل شيء”.
وتصاعدت التوترات وسط سلسلة من الهجمات الفلسطينية الدامية ضد الإسرائيليين وأشهر من العمليات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية لاعتقال مطلوبين، فضلا عن تزايد هجمات المستوطنين على الفلسطينيين.
وأعرب مسؤولون أمريكيون كبار للشبكة التلفزيونية عن قلقهم بشأن نية بن غفير تغيير الوضع الراهن للأسرى وقاموا بنقل هذه الرسالة إلى نظرائهم الإسرائيليين.
في حين أن السياسة الرسمية لمصلحة السجون تنص على السماح بالزيارات مرة واحدة كل شهرين، إلا أن الزيارات الشهرية أصبحت هي القاعدة في السنوات الأخيرة. وقد تم تسهيل ذلك من خلال التعاون مع منسق أعمال الحكومة في المناطق والصليب الأحمر.
بالإضافة إلى تقليص الزيارات العائلية، يعتزم بن غفير تطبيق خطوات إضافية ضد الأسرى الأمنيين، بما في ذلك تقليل أنواع الشامبو المتاحة للنزلاء، وتقييد الوصول إلى بعض القنوات التلفزيونية، وتقليص الوقت المسموح به في ساحة السجن والحد من توفر لحم الضأن، حسبما ذكرت القناة 12 الأسبوع الماضي.
ولقد أعلن أسرى أمنيون فلسطينيون يوم الجمعة نيتهم الإضراب عن الطعام احتجاجا على القيود الجديدة. وأشار الأسرى إلى أن الإضراب سيبدأ في 14 سبتمبر.