أخبارتقارير و تحقيقاتسياسةعربي و دولي

رؤية إسرائيلية لما يحدث في سوريا.. حرب أهلية أم انتفاضة عابرة؟

كرميت فالنسي، 1 ديسمبر 2024

ترجمة : أبوبكر خلاف

في الأيام الأخيرة، تشهد سوريا أحداثًا درامية عادةً ما تستغرق سنوات لتحدث، لكنها الآن تتسارع في أيام معدودة. شنت مجموعات معارضة مرتبطة بغرفة العمليات المركزية “الفتح المبين”، بقيادة التنظيم الجهادي “هيئة تحرير الشام” (فرع القاعدة السابق في سوريا)، وجماعات أخرى مدعومة من تركيا، هجومًا على قوات النظام في شمال غرب سوريا.

لأول مرة منذ سنوات، تمكنت المعارضة من السيطرة على أراضٍ من جيش الأسد والميليشيات الموالية له، واستولت على مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، التي كان استعادها النظام السوري في ديسمبر 2016، مما شكل بداية انتصاره في الحرب. كما سيطرت المعارضة الليلة الماضية على مناطق في مدينة حماة، لكن يبدو صباح اليوم أن النظام السوري وحلفاءه تمكنوا من منع السيطرة الكاملة عليها.

توقيت الهجوم ليس عشوائيًا، حيث استغل نقطة ضعف حرجة لمحور المقاومة. نتيجة للصراع الطويل مع إسرائيل، وخاصة بعد عملية “سهام الشمال”، انسحب جزء كبير من قوات حزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى من سوريا إلى لبنان، بينما تم القضاء على البعض الآخر. إيران مشغولة بمعالجة خسائر حزب الله، الذي يجد صعوبة الآن في إرسال مقاتلين لدعم الرئيس السوري. بالإضافة إلى ذلك، تركيز روسيا على أوكرانيا لا يصب في صالح الأسد. إلى جانب التأثير العملياتي، هناك تأثير نفسي؛ حيث كسر المتمردون حاجز الخوف تجاه محور المقاومة، مما أضعف صورة قوته المطلقة.

يمكن افتراض أن تركيا تقف وراء هذا الهجوم. تحظى المعارضة في إدلب بدعم اقتصادي وعسكري تركي مستمر. هذه العلاقة تمنح أنقرة نفوذًا وسيطرة على الأراضي السورية، كما تشكل ورقة ضغط فعالة ضد النظام. تسعى تركيا منذ سنوات للتوصل إلى مصالحة مع الأسد، بهدف تحييد التهديد الكردي في الشمال الشرقي وإعادة ملايين اللاجئين الموجودين في تركيا. ترى تركيا أن هذه العملية قد تشكل وسيلة للضغط على الأسد لقبول شروط التسوية التي تضعها، أو على الأقل لوقف موجة الهجمات الروسية والنظامية التي حدثت في الأسابيع الأخيرة.

في المحصلة، هذه الانتصارات مفرحة لمعارضي الأسد، أما محور المقاومة، الذي يعاني خسائر كبيرة في مختلف الساحات فهي مُحزنة، وقد يؤدي لدخول المزيد من القوات العسكرية الايرانية في سوريا . بالإضافة إلى ذلك، يجب تذكر أن المعارضة الحالية ليست الجيش السوري الحر العلماني البراغماتي الذي نشأ في السابق، بل هي مجموعات متطرفة ذات أيديولوجية دينية جهادية، أقل تطرفًا من القاعدة ربما، لكنها ليست صديقة لإسرائيل. انهيار نظام الأسد قد يخلق فراغًا فوضويًا يوفر أرضًا خصبة لنشوء تهديدات عسكرية جديدة.

اعتمادًا على التطورات، ستضطر إسرائيل إلى اتخاذ قرار بشأن التدخل في الأحداث في سوريا لتعميق مكاسبها ضد محور المقاومة أو على الأقل إحباط التهديدات الفورية التي قد تمس بمصالحها الأمنية. في هذه المرحلة، من المناسب لاسرائيل التحلي بالصبر. ستكون الأيام القادمة حاسمة لتحديد ما إذا كانت الأحداث ستظل محدودة أو ستتطور إلى مواجهة أوسع يشارك فيها أطراف معارضة إضافية تهدد بقاء النظام لأول مرة منذ ما يقرب من عقد.

معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي

bakr khallaf

صحفي، مترجم وباحث في الإعلام والعلاقات الدولية، محاضر بجامعة إسطنبول التركية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews