أخبارتقارير و تحقيقاتسلايدرعربي و دولي

هل سمحت أمريكا بفتح جبهة سوريا لتشتيت محور المقاومة وإشعال النار مجددا بين السنة والشيعة.. وهل ستقبل بدولة إسلامية على حدود إسرائيل؟

ما أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وبشكل مفاجئ عن صفقة وقف إطلاق النار بين حزب الله في جنوب لبنان وبين الاحتلال الإسرائيلي، بعد إنهاك قوات الاحتلال في غزة ولبنان، حتى انفجرت الجبهة السورية مجددا بعد سنوات من الخمول، كانت فيها المعارضة والنظام السوري أشبه ما يكونوا من الرضا بما توقف كل طرف منهم على حدوده.

إلا أن فصائل المعارضة السورية المسلحة باغتت النظام السوري بشن أكبر هجوم لها منذ سنوات، تحت عنوان ” ردع العدوان” مدعية أن هجماتها تأتي تحسبا لتحركات الجيش السوري ونواياه في شن هجمات محتملة عليها في الشمال.

واستولت المعارضة على مساحة واسعة من الأراضي شمال غرب سوريا، بما في ذلك معظم مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في البلاد، بعد سحب الجيش السوري لقواته بسرعة منها، ثم حماة ودرعا والسويداء والتحرك ناحية حمص ودمشق، في الوقت الذي تسيطر فيه قوات سوريا الديمقراطية “قسد” على دير الزور.

لماذا سمحت أمريكا؟

يدور سؤال بعض المحللين السياسيين في الأيام الماضية حول أسباب سماح الولايات المتحدة الأمريكية بفتح جبهة سوريا في الوقت الحالي بعد وقف إطلاق النار بين حزب الله في جنوب لبنان وبين إسرائيل، مؤكدين أن حديث واشنطن عن سحب قواتها من سوريا، بموازاة حديث رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن أن رئيس النظام السوري بشار الأسد يلعب بالنار ردا على تصريحات بشار ضد الكيان الصهيوني، ربما لن يكون من قبيل المصادفة.

بل ذهب محللون لأبعد من ذلك، مؤكدين أن فتح الجبهة السورية جاء لتشتيت وحدة الساحات التي تعمل تحت عباءة إيران و كانت تصطف خلف المقاومة في قطاع غزة، والتف حولها جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، حتى أن حزب الله الذي كان عدوا بالأمس لأكثر التيارات السنية، أصبح محور تأييد بينهم، خاصة بعد استشهاد أمين عام حزب الله حسن نصر الله بعد استشهاد الدكتور إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

الأمر الذي أقلق الولايات المتحدة الامريكية، من أن يصطف السنة والشيعة في خندق واحد خلف المقاومة في قطاع غزة بل وربوع فلسطين، للدفاع عن قضية المسجد الأقصى، وتحرير القدس وجميع الأراضي المحتلة، خاصة مع مواجهة أوروبا وأمريكا لحالة من الحراك المجتمعي وصلت لمواطنيهم أنفسهم في الدفاع عن القضية الفلسطينية، والتظاهر من أجل غزة.

وأكد محللون أن الولايات المتحدة ربما أرادت أن تفض حالة الاصطفاف هذه خلف المقاومة في غزة، وأن تدق إسفينا أخرا في الموقف الموحد الذي يقف وراه الآن السنة والشيعة في القدس وغزة ولبنان، خوفا من أن يتحول هذا الاصطفاف لنواة مشروع كبير يهدد إسرائيل.

وتخوض الفصائل معارك ضد الجيش السوري بالقرب من مدينة حماة وسط البلاد، بينما تنفذ روسيا، الحليف الرئيسي للحكومة السورية، ضربات جوية ضدهم.

لتبدأ الولايات المتحدة الأمريكية في تحريك جبهة سوريا، بزج المعارضة في التقدم لحلب وحمص وحماة، ومن ثم توريط حزب الله في الوقوف مع نظام بشار الأسد مجددا بدعم إيراني، لتعود إلى الواجهة قضية الجرائم الإيرانية التي كانت تقوم بها المليشيات الداعمة لبشار الأسد وبمساعدة كتائب حزب الله، في مواجهة الشعب السوري والتيارات السنية، لتبدأ من جديد سيناريوهات الحرب الأهلية، ومعركة السنة والشيعة، وتتفرغ إسرائيل التي تتفرغ الأن لارتكاب جرائم حرب في غزة، من أجل انتزاع أراض أخرى في فلسطين والقطاع، وبناء جدار عازل في الجولان، للقضاء تماما على أي فكرة تتحدث عن تحرير الجولان السوري من الاحتلال الإسرائيلي.

هل تسمح أمريكا بدولة إسلامية على حدود إسرائيل؟

ومع استمرار الحرب في سوريا طوال أكثر من عشر سنوات كاملة وقُتل أكثر من نصف مليون شخص وأُجبر 12 مليوناً على الفرار من منازلهم، نحو خمسة ملايين منهم لاجئون أو طالبو لجوء في الخارج.

وقبل هجوم قوات المعارضة، بدا الأمر كما لو أن الحرب قد انتهت فعلياً بعد استعادة حكومة الأسد السيطرة على المدن بمساعدة روسيا وإيران وقوات مدعومة منها، ومع ذلك، لا تزال أجزاء كبيرة من البلاد خارج سيطرة الحكومة المباشرة.

وتشمل هذه الأجزاء مناطق شمالية وشرقية يسيطر عليها تحالف جماعات مسلحة بقيادة الأكراد يحظى بدعم الولايات المتحدة.

ويقع آخر معقل متبقٍ للمعارضة المسلحة في محافظتي حلب وإدلب في الشمال الغربي، والتي تقع على الحدود مع تركيا ويقطنها أكثر من أربعة ملايين شخص، نزح العديد منهم.

وتسيطر جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية المسلحة على الشمال الغربي، كما يسيطر الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا على أراض هناك بدعم من القوات التركية.

ليكون السؤال الأهم بعد سيطرة المعارضة الإسلامية هل ستسمح أمريكا بدولة إسلامية على حدود إسرائيل، وبقيادة هيئة تحرير الشام وزعامة محمد الجولاني الذي تحول لنجم سينمائي على شبكة سي إن إن الأمريكية فجأة خلال حواره الأخير، وإظهار الشبكة الأمريكية له بمظهر الإسلامي المتمدن الذي لا يعادي الأقليات، ويحلم بدولة ديمقراطية، وهي التي كانت في سنوات عديدة تتهمه بالإرهاب، حتى أن الولايات المتحدة الامريكية رصدت خمسة ملايين دولار لمن يبلغ عن مكانه، أو قتله.

من هي هيئة تحرير الشام أو جبهة النصرة التي تدعمها أمريكا الآن؟

كانت جبهة النصرة تعتبر واحدة من أكثر الجماعات فعالية وفتكاً من بين الجماعات التي عارضت الرئيس الأسد، لكن يبدو أن أيديولوجيتها الجهادية كانت قوتها الدافعة بدلاً من الحماسة الثورية، وكان يُنظر إليها في ذلك الوقت على أنها على نقيض مع التحالف الرئيسي المعروف باسم الجيش السوري الحر.

في عام 2016، قطعت جبهة النصرة علاقاتها مع القاعدة واتخذت اسم هيئة تحرير الشام عندما اندمجت مع فصائل أخرى بعد عام، ومع ذلك، لا تزال الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وعدد من البلدان الأخرى تعتبر هيئة تحرير الشام تابعة لتنظيم القاعدة وغالباً ما تشير إليها باسم جبهة النصرة.

عززت هيئة تحرير الشام قوتها في محافظتي إدلب وحلب من خلال سحق منافسيها، بما في ذلك خلايا تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وتشكيل ما يسمى بحكومة الإنقاذ السورية لإدارة المنطقة.

الهدف الرئيسي لهيئة تحرير الشام هو الإطاحة بالأسد وإقامة شكل من أشكال الحكم الإسلامي، لكنها لم تظهر أي علامة على محاولة إعادة إشعال الصراع على نطاق واسع وتجديد تحديها لحكم الأسد حتى الآن.

لماذا شنت المعارضة المسلحة الهجوم؟
لعدة سنوات، ظلت إدلب ساحة معركة، حيث حاولت قوات الحكومة السورية استعادة السيطرة عليها.

ولكن في عام 2020، توسطت تركيا وروسيا في وقف إطلاق النار لوقف محاولات الحكومة لاستعادة إدلب، وصمد وقف إطلاق النار إلى حد كبير على الرغم من القتال المتقطع.

في أكتوبر 2024، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا إن هيئة تحرير الشام نفذت غارات كبيرة على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، واستأنفت روسيا الضربات الجوية لأول مرة منذ أشهر، وكثفت القوات الموالية للحكومة بشكل كبير من الغارات بطائرات بدون طيار وقصف قوات المعارضة.

وفي يوم الأربعاء الماضي، قالت هيئة تحرير الشام والجماعات المتحالفة معها إنها شنت هجوماً “لردع العدوان”، متهمة الحكومة والقوات المدعومة من إيران المتحالفة معها بالتصعيد في الشمال الغربي.

لكن ما حصل جاء في وقت كانت فيه الحكومة السورية وحلفاؤها منشغلين بصراعات أخرى.

حيث عانت جماعة حزب الله اللبنانية، والتي لعبت دوراً حاسماً في مساعدة الأسد على صد المعارضة في السنوات الأولى، مؤخراً من الهجوم الإسرائيلي في لبنان، في حين أدت الضربات الإسرائيلية إلى القضاء على القادة العسكريين الإيرانيين في سوريا وتدهورت خطوط الإمداد للقوات الموالية للحكومة هناك، كما تشتت انتباه روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.

كيف استجابت الحكومة السورية وحلفاؤها؟
تعهد الرئيس الأسد بـ “سحق” فصائل المعارضة، ووصفهم بـ “الإرهابيين”.

وفي مكالمة هاتفية مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان يوم الاثنين، ألقى باللوم على الولايات المتحدة ودول غربية أخرى في الهجوم، قائلاً إنهم يحاولون “إعادة رسم خارطة” المنطقة.

وأكد بزشكيان أن إيران تقف “بقوة إلى جانب الحكومة والشعب السوري”، وأن الحفاظ على سيادة سوريا وسلامة أراضيها يشكل حجر الزاوية في استراتيجيتها الإقليمية.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن روسيا تعتبر أيضاً الوضع بشأن حلب “هجوماً على السيادة السورية”، وأنها “تؤيد قيام السلطات السورية بإعادة النظام إلى المنطقة واستعادة الوضع الدستوري في أقرب وقت ممكن”.

ماذا تقول القوى الغربية وتركيا؟
أصدرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا – وهي دول معارضة للأسد – بياناً مشتركاً يوم الاثنين حثت فيه على “خفض التصعيد من قبل جميع الأطراف وحماية المدنيين والبنية التحتية لمنع المزيد من النزوح وتعطيل وصول المساعدات الإنسانية”.

كما دعوا إلى “حل سياسي بقيادة سوريا للصراع” كما هو موضح في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعام 2015.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض شون سافيت يوم السبت، إن رفض الأسد الانخراط في عملية سياسية و”اعتماده على روسيا وإيران، خلق الظروف التي باتت تتكشف الآن”.

وأصر أيضاً على أن “الولايات المتحدة لا علاقة لها بهذا الهجوم”.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان “سيكون من الخطأ في هذا الوقت محاولة تفسير الأحداث في سوريا بأي تدخل أجنبي” ودعا الحكومة السورية إلى “التصالح مع شعبها والمعارضة الشرعية”.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews