مقالات

هنا الشرق الأوسط … من قلب دمشق

محمد سعد الأزهري

مقالات وآراء

لطالما كانت الشام القلب النابض للتغيرات الكبرى في الشرق الأوسط، ومن دمشق بدأت ملامح التحولات التاريخية التي غيرت وجه المنطقة. اليوم، يبدو أن عجلة الزمن تدور من جديد، إيذانًا ببداية دورة جديدة من التغيرات الجوهرية، تتجلى في عدة مظاهر رئيسية.

السيولة السياسية العالمية

شهد العقد الماضي سلسلة من الأحداث المفاجئة التي أربكت النظام السياسي العالمي. بدايةً من الغزو العراقي للكويت، مرورًا بالثورات العربية في تونس ومصر وليبيا، وصولاً إلى الحرب الروسية-الأوكرانية وانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. هذه المفاجآت لم تقتصر على المنطقة، بل امتدت إلى تغييرات في إفريقيا وآسيا.

الثورات الشعبية الفلسطينية، توحيد صفوف الثوار في سوريا، والتحركات الشعبية في إفريقيا، كلها تشكل جزءًا من هذه الحالة الرخوة التي تشير إلى أفول النظام الأحادي بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا. يبدو أن المنطقة مقبلة على عالم سياسي جديد متعدد الأطراف.

المهابة الشعبية

باتت الشعوب العربية والإفريقية اليوم تمتلك الفرصة لاستكمال مسيرة التحرر واستعادة حقوقها. كما كانت هيبة سليمان بن داوود عليهما السلام رمزًا للعمل الدؤوب، أصبحت المهابة الشعبية قوة تدفع الشعوب نحو الحرية والكرامة. ولكن لتحقيق ذلك، يجب أن يبرز قادة مخلصون يمتلكون رؤية واضحة وخططًا مدروسة.

غياب البدائل التقليدية

لم تعد الأنظمة الحاكمة قادرة على تقديم بدائل سياسية مقبولة، حيث استمرت في ممارساتها التي أضرت بالأوطان والمواطنين. في المقابل، تظهر البدائل الوطنية الشابة كخيار جديد، رغم افتقارها للخبرة السياسية، إلا أنها تحمل قيمًا جديدة تعكس طموحات الشعوب.

هوية الثورة الجديدة

الثورات الحديثة في المنطقة تبنت مبادئ العزة والكرامة والمساواة، مستمدة إلهامها من تجارب التحرر عبر التاريخ. هذه القيم تعزز من قدرتها على مواجهة التحديات.

تخلي الحلفاء التقليديين عن الطغاة

شهدت السنوات الأخيرة تراجع الدعم الغربي للحكام المستبدين الذين تحولوا إلى عبء على حلفائهم، مما أدى إلى تخليهم عنهم وتركهم يواجهون مصيرهم.

تراجع الهيمنة الغربية

زوال الهيمنة الأمريكية والأوروبية في العديد من المناطق، بما في ذلك الصين والهند وآسيا الوسطى وإفريقيا، يشير إلى نهاية حقبة وبداية أخرى. التحولات الجارية قد تساهم في بناء نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

انهيار داخلي في إيران

رغم ما تزعمه القيادة الإيرانية، تواجه البلاد أزمات داخلية متعددة تتعلق بالقوميات المختلفة، إضافة إلى تداعيات العقوبات الاقتصادية والمشاكل الخارجية. هذه الأزمات قد تكون بداية لتحولات داخلية كبيرة.

استثمار القوى الصاعدة

القوى الكبرى التي تسعى إلى تأسيس نظام عالمي جديد تستثمر في الحركات العسكرية والشعبية النشطة التي تسعى للتحرر الوطني والاستقلال عن الهيمنة الأجنبية.

يقظة الشعوب

أصبحت الشعوب اليوم أكثر وعيًا بقضاياها الداخلية والخارجية، وهو تحول جوهري في ميزان القوى. هذه اليقظة تعزز من قدرة الشعوب على المطالبة بحقوقها.

تغير الولاءات والمصالح

ولاءات الدول ومصالحها أصبحت أكثر مرونة وتغيرًا. الدول التي كانت تعتمد على النظام العالمي القديم تسعى الآن إلى إيجاد تحالفات جديدة تتماشى مع مصالحها المستحدثة.

خاتمة

الشرق الأوسط اليوم على أعتاب حقبة جديدة تحمل فرصًا وتحديات. نجاح الشعوب في استثمار هذه الفرص يعتمد على قدرتها على التنظيم والعمل المشترك، واستلهام العبر من الماضي لبناء مستقبل أفضل. للحديث بقية…

bakr khallaf

صحفي، مترجم وباحث في الإعلام والعلاقات الدولية، محاضر بجامعة إسطنبول التركية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews