ثقافة وفن

كأن المتحف لايكفي .. زوجة إيلي كوهين تدعو لإدراجه بالمناهج التعليمية

أبوبكر خلاف

وُلد الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين في 6 ديسمبر 1924 في الإسكندرية لعائلة هاجرت من حلب السورية. انضم في شبابه إلى الحركات الصهيونية، وبدأ تعاونه مع الاستخبارات الإسرائيلية في أوائل الخمسينيات. في عام 1957 هاجر إلى إسرائيل واستقر في بات يام، حيث تزوج من نادية عام 1959.

ومع مرور 100 عام على ميلاد إيلي كوهين، أكدت أرملته، نادية كوهين، أنها تكرس حياتها لإحياء ذكراه، لأنه لا يزال حاضراً في وجدانها، لكنها لم تغفر لجهاز الموساد الذي استخدمه، قائلة: “كان مجرد أداة بالنسبة لهم”.

في حديثها لصحيفة معاريف تقول نادية كوهين، البالغة من العمر 89 عامًا: “أهم ما أتمناه هو أن يتم إدخال قصة إيلي إلى المناهج التعليمية”، مشيرةً إلى متحف تراث إيلي كوهين في هرتسيليا، والذي تحقق بعد انتظار دام أكثر من 40 عامًا.

يضم المتحف، الذي افتتح في عام 2022، معروضات توثق حياة كوهين، بدءاً من نشأته في الإسكندرية بمصر، مروراً بانضمامه إلى الحركة الصهيونية وهجرته إلى إسرائيل، ثم تجنيده في الموساد، حيث أصبح واحداً من أكثر الشخصيات نفوذاً في الحكومة السورية آنذاك.

في عام 1960 بدأ تدريب كوهين في الموساد تحت غطاء العمل في مصنع حكومي، ومن هناك بدأ رحلته الاستخباراتية. تم زرعه في الأرجنتين لبناء شخصية كمال أمين ثابت، رجل الأعمال السوري الغني الذي عاد لاحقًا إلى دمشق ليصبح مقربًا من القادة السوريين.

وتتابع نادية : “لقد جمعت على مر السنين كل ما يخص إيلي من مقتنيات ووثائق وتذكارات، وكان حلمي أن يرى الأجيال القادمة قصته وتضحياته”. وتشيد بجهود رئيس بلدية هرتسيليا السابق والحالي، اللذين وفرا الدعم لإنشاء المتحف الذي يوثق مسيرة كوهين من أصوله في سوريا، وصولاً إلى مسيرته الاستخباراتية في دمشق.

تتذكر نادية اللحظة الأخيرة التي ودعت فيها إيلي في أكتوبر 1964، قائلة: “كنا نبكي معًا، فقد كان يعلم أنه قد لا يعود أبدًا. لقد أراد إنهاء مهمته والعودة إلى عائلته، لكن الموساد رفض طلبه، مما حطم قلوبنا”.

على الرغم من زياراته القصيرة، تؤكد نادية أن إيلي كان أبًا رائعًا: “كان يعوض غيابه خلال الزيارات القصيرة، يعتني بالأطفال ويفتخر بهم أمام الجميع”.

تصف نادية التغيرات التي طرأت على زوجها: “بدأ يتحدث باللهجة السورية ويرتدي خاتماً لم يعتد على ارتدائه، كنت أشعر بأن هناك شيئًا غريبًا لكنه كان يؤكد لي أن عمله من أجلنا”.

تم القبض على كوهين في يناير 1965، وبعد محاكمة مغلقة تم إعدامه في مايو من نفس العام. تقول نادية: “رأيت صور الإعدام في الصحف فقط، ولم يخبرني أحد بالخبر مباشرة. حتى اليوم، لا يفارقني إيلي في أحلامي، لكنه دائمًا يظهر بوجه غاضب”.

تختتم نادية حديثها بغصة وألم: “لقد كان مجرد أداة بالنسبة لهم، لم يرحموا رغبته في العودة إلينا. ومع ذلك، سيظل إيلي في قلوبنا وقلوب كل من يعرف قصته”.

إيلي كوهين في سطور

إيلي كوهين، المعروف بلقب “الجاسوس الإسرائيلي في سوريا”، كان جاسوسًا إسرائيليًا وُلد في الإسكندرية، مصر، عام 1924، لعائلة يهودية. هاجر إلى إسرائيل عام 1957 بعد أزمة السويس، حيث تم تجنيده من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد لأداء مهام تجسسية في سوريا.

نجح كوهين في التسلل إلى المجتمع السوري تحت اسم كامل أمين ثابت، وهو رجل أعمال سوري مزعوم عاد من الأرجنتين. بفضل دهائه وقدرته على بناء العلاقات، تمكن من الوصول إلى دوائر صنع القرار في دمشق، حيث كوّن صداقات مع مسؤولين حكوميين وضباط عسكريين. يُقال إنه استطاع تزويد إسرائيل بمعلومات حساسة حول التحصينات العسكرية السورية في الجولان، مما ساعد إسرائيل خلال حرب 1967.

تم اكتشاف كوهين في عام 1965 بعد أن تمكنت أجهزة الأمن السورية، بمساعدة الاستخبارات السوفييتية، من رصد اتصالاته اللاسلكية المشفرة مع إسرائيل. قُبض عليه وحُكم عليه بالإعدام في محاكمة سريعة، وتم تنفيذ الحكم في 18 مايو 1965 في ساحة المرجة بدمشق.

الرواية العربية حول كوهين تشير إلى أن اختراقه للمجتمع السوري لم يكن بفضل ذكائه الشخصي فحسب، بل بسبب استغلاله للثغرات الاجتماعية والسياسية في تلك الفترة. كما تؤكد المصادر السورية أن حجم الأضرار التي ألحقها كان مبالغًا فيه ضمن الدعاية الإسرائيلية.

لا تزال قضية إيلي كوهين مصدر جدل في الأوساط السياسية، حيث تطالب إسرائيل باستعادة رفاته، بينما ترفض السلطات السورية ذلك، معتبرة أن كوهين كان جاسوسًا ارتكب جرائم ضد الأمن القومي.

bakr khallaf

صحفي، مترجم وباحث في الإعلام والعلاقات الدولية، محاضر بجامعة إسطنبول التركية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews