فلسطين.. جرح نازف في ضمير الإنسانية

تحقيق: وليد شهاب قصاص
في ظل صمت دولي مطبق، تواصل آلة الاحتلال الإسرائيلي سياستها القمعية ضد الشعب الفلسطيني، حيث تزداد الممارسات القمعية شراسة يومًا بعد يوم.
هذا التحقيق الاستقصائي يسلط الضوء على الأبعاد الخفية للمعاناة اليومية للفلسطينيين، ويكشف النقاب عن سياسات التطهير العرقي الممنهج التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق السكان الأصليين اعتمد هذا التحقيق على شهادات حية من ضحايا، ووثائق سرية، وتحليلات خبراء، بالإضافة إلى رصد ميداني دقيق في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
سياسة التهجير القسري وتغيير المعالم الديموغرافية
تشهد القدس المحتلة عمليات تهجير ممنهجة تستهدف الطابع العربي للمدينة، حيث تقوم سلطات الاحتلال بمصادرة المنازل وطرد العائلات تحت حجج واهية. في حي الشيخ جراح، تعيش عشرات العائلات تحت تهديد الإخلاء اليومي، بينما تواصل جرافات الاحتلال هدم المنازل تحت حماية القوات المسلحة.
أما في الضفة الغربية، فتتوسع المستوطنات بشكل غير مسبوق، حيث يتم مصادرة الأراضي الزراعية وتحويلها إلى بؤر استيطانية. تقوم عصابات المستوطنين، بدعم من الجيش الإسرائيلي، بتنفيذ هجمات متكررة ضد القرى الفلسطينية، مما يخلق واقعًا لايطاق يدفع السكان إلى الهجرة القسرية.
منظومة القمع اليومي وآليات السيطرة
يعيش الفلسطينيون تحت وطأة نظام أمني متشدد، حيث تتحكم سلطات الاحتلال بكل تفاصيل حياتهم اليومية. نظام التصاريح المجحف يحول دون تنقل المواطنين بين المدن، حتى لأغراض العلاج أو التعليم. السجون الإسرائيلية تعج بالمعتقلين الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء، يتعرضون لأساليب تعذيب وحشية تتنافى مع أبسط معايير حقوق الإنسان.
في غزة، يستمر الحصار الظالم منذ أكثر من عقد ونصف، حيث يعاني مليوني مواطن من نقص حاد في الأدوية والغذاء والوقود. القطاع الذي يوصف بأنه أكبر سجن مفتوح في العالم، يشهد تدهورًا متسارعًا في جميع مناحي الحياة، بينما تواصل إسرائيل فرض عقوبات جماعية على السكان المدنيين.
أشكال المقاومة.. بين البندقية والإرادة الشعبية
رغم كل محاولات كسر الإرادة الفلسطينية، تواصل المقاومة ابتكار أساليب جديدة لمواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية.
في غزة، تطورت القدرات العسكرية للمقاومة بشكل لافت، حيث باتت تمتلك ترسانة صاروخية متطورة وأنظمة دفاع محلية الصنع على الجانب الآخر، تشهد الضفة الغربية انتفاضة شعبية مستمرة، حيث يخرج الشباب يوميًا لمواجهة قوات الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة. كما تكتسب حركة المقاطعة الدولية (BDS) زخمًا متزايدًا، مما يشكل ضغطًا حقيقيًا على الكيان المحتل.
التواطؤ الدولي وصمت الضمير العالمي
في الوقت الذي تدين فيه بعض الدول الأوروبية “الفظائع الإسرائيلية” لفظيًا، تواصل شركاتها توريد الأسلحة والمعدات العسكرية للكيان المحتل. الولايات المتحدة تظل الداعم الأكبر لإسرائيل، حيث تقدم لها مليارات الدولارات سنويًا كمساعدات عسكرية، بالإضافة إلى استخدام حق الفيتو لحمايتها من أي مساءلة دولية.
أما على الصعيد الإعلامي، فما زالت العديد من الوسائل الكبرى تقدم الرواية الإسرائيلية دون تمحيص، بينما يتم تشويه صورة المقاومة الفلسطينية وتصويرها على أنها “إرهاب”.
هل من أفق لإنهاء المعاناة؟
رغم كل المحن، يصر الشعب الفلسطيني على التمسك بأرضه وهويته. قصص الصمود اليومي في القدس وغزة والضفة الغربية تثبت أن إرادة الحياة أقوى من كل آلات القتل والدمار. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: إلى متى سيستمر العالم في غض الطرف عن هذه المأساة الإنسانية؟
“الشعوب التي لا تموت لا تُهزم أبدًا” مقولة فلسطينية تختزل روح الصمود.