اقتصادمال و أعمالمصر

مصر بين المؤشرات الاقتصادية والخيارات المتكررة: أزمة مستمرة رغم الإصلاحات

شبكة مراسلين
بقلم: فاتن علي

يشهد الاقتصاد المصري ضغوطًا متزايدة رغم وعود التحسّن المرتبط بإصلاحات مدفوعة ببرنامج صندوق النقد الدولي، إذ تُظهر البيانات الحديثة استمرار التحديات الهيكلية والمخاطر المتراكمة على مستويات المعيشة.

التضخم لا يزال مرتفعاً رغم التراجع

بحسب بيانات يونيو 2025، انخفض التضخم السنوي لمتوسط أسعار المستهلكين في المناطق الحضرية إلى 14.9٪، مقارنة بـ16.8٪ في مايو، في حين كان قد بلغ ذروته عند 38٪ في سبتمبر 2023 . ورغم أنّه في مسار تراجع، لا يزال المعدل أعلى بكثير من حد البنك المركزي المستهدف (5–9٪) وهناك توقعات بأن ينخفض إلى حوالى 12.5٪ في 2025/26 قبل أن ينخفض تدريجيًا ليصل إلى 7.3٪ بحلول 2027/28 .

سعر الصرف وغياب الثقة

طفرة في سعر صرف الجنيه عقب تعويمه في مارس 2024 جعلته يتداول عند نحو 48.6 جنيه للدولار على السوق الرسمي، مع توقعات بالوصول إلى 51.1 جنيه بنهاية يونيو 2026 قد تمتد إلى 52.9 في 2027 . ومع ذلك، لا يزال السوق يظهر سياسات نقدية محل جدل
حيث تم وقف استيراد كثير من السلع بحجة توفير العملة وتم فرض ضرايب باهظة علي سلع مستوردة رغم عدم وجود بديل محلي مثل ضريبة التليفونات المحمولة وغيرها من السلع الضرورية التي لا يوجد لها بديل محلي او تصنيع حتي ولو بأقل كفاءة .

الديون وميزانية تضحية

سجلت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 82.9٪ في 2024، مع توقعات بالارتفاع إلى نحو 85٪ بحلول نهاية 2025 قبل الانخفاض التدريجي إلى نحو 79٪ في 2026 و74٪ في 2027 . الميزانية المعتمدة للسنة المالية 2025/26 تبلغ 4.6 تريليون جنيه مع عجز متوقع قدره 1.5 تريليون جنيه (حوالي 4٪ من الناتج) وتخصيص 732.6 مليار جنيه للدعم الاجتماعي والسلعي الأساسية . ورغم الوعود بالتحوّل نحو فائض أولي، تظل النسبة المرتفعة للخدمة السنوية للدين عبئًا كبيرًا على الإنفاق العام .

الإنفاق على المشاريع الكبرى وقيمتها المشكوك فيها

تسارعت في السنوات الأخيرة الخطط الحكومية لمدن صناعية ومشاريع كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع “مستقبل مصر” لتحويل الصحاري إلى أراضٍ زراعية بـ 5 مليارات دولار بحلول 2027. إلا أن نسبة الإنجاز أقل من 20٪ حتى الآن، مع تحذيرات بأنها ترهق الموارد المائية وتصب في مصلحة مؤسسات الدولة والعسكريين أكثر من مباشرة المواطن العادي . هذا النموذج الاقتصادي القائم على ضبعات مزعومة لم ينفذ مؤشرات واضحة على تحقيق تنمية صناعية مستدامة أو خلق وظائف حقيقية .

شفافية واحتكار مؤسّسات الدولة

يُشير صندوق النقد الدولي إلى أن الدولة والشركات العسكرية لا تزال تهيمن على الاقتصاد، وتحصل على امتيازات كبيرة مثل الإعفاءات الضريبية والوصول الممتاز للأراضي، مع غياب شبه كامل للشفافية المالية . هذه التحكمات الداخلية تقوض دور القطاع الخاص، وتخلق اقتصادًا غير رسمي فاعلًا يحد من عدالة الفرص وتوسّع الفقر بين الطبقات الوسطى والفقيرة .

خلاصة

رغم تصريحات التحسن وانخفاض التضخم نسبيًا، فإن الصورة الأوسع تظهر إخفاقًا متكررًا في معالجة الأسباب الجوهرية للأزمة: اقتصاد معتمد على الاقتراض، نموذج نمو اقتصاد دولة مهيمن، مشاريع عملاقة تمثل تكلفة أكثر من فائدتها، وضغط متزايد على القدرات المالية للموازنة الوطنية. تبقى التساؤلات قائمة: هل السياسات الحالية تضع المواطن في صدارة الأولويات، أم أنها موجّهة نحو استدامة النظام على حساب التنمية الشاملة؟

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews