
شبكة مراسلين
تقرير: مصطفى حاج سلوم
في شمال غرب سوريا حيث أثقلت سنوات الحرب على النظام التعليمي بتحديات معقدة من نزوح وضعف البنية التحتية وقلة الكوادر برزت مبادرة تعليمية تحمل اسم “منهاج البيان” التجربة التي انطلقت من مدينة سرمدا في محافظة إدلب عبر مدرسة وروضة رؤى للتعليم المبكر تقدم رؤية بديلة تسعى لإعادة تشكيل العلاقة بين الطفل والتعليم والانتقال من التلقين إلى المشاركة والاكتشاف.
فلسفة المنهاج
يقوم “البيان” على مبدأ أن الطفل ليس متلقياً بل محور العملية التعليمية ويرتكز على ثلاث ركائز أساسية:
• التعليم النشط: عبر اللعب القصص والتجريب كوسائل أساسية للتعلم
• التنمية المتكاملة: دمج القراءة والكتابة مع مهارات التواصل الذكاء العاطفي والعمل الجماعي.
• تأهيل المعلم: من خلال تدريبات حديثة تمكنه من تفعيل أساليب بصرية وسمعية وحركية داخل الصف.
بهذا يختلف المنهاج عن إطار التقليدي الذي ركز بالأساس على التأسيس اللغوي والنطق القرآني إذ يوسع “البيان” الدائرة ليشمل بناء شخصية الطفل ومهاراته الحياتية.
التجربة على الأرض
تطبق مدرسة رؤى للتعليم المبكر هذا المنهاج منذ ثلاث اعوام على مراحل تبدأ من الروضة حتى الصفوف الابتدائية الأولى.
المدير العام للمدرسة إسماعيل آغا أوضح “أن المنهاج ليس بديلاً عن الكتب الرسمية بل إطار مكمل يعيد صياغة طريقة التعلم ” وأكد أن “النتائج خلال الأشهر الأولى كانت مشجعة حيث ظهر تحسن في مهارات النطق وزيادة ثقة الأطفال بأنفسهم إضافة إلى تفاعل أكبر مع المعلم ” كما أشار إلى “أن الكادر التعليمي تلقى تدريبات مكثفة ما انعكس إيجاباً على ديناميكية الصف وأجواء التفاعل”.
انعكاسات أولية
تظهر المؤشرات المبكرة نقاط قوة في التجربة أبرزها:
• انسجام الأنشطة مع العمر المبكر للطفل.
• تعزيز روح العمل الجماعي والتعاون داخل الصفوف
• تحفيز الإبداع والتفكير النقدي عبر تشجيع التساؤل بدلاً من الاكتفاء بالإجابات الجاهزة.
إحدى الأمهات أوضحت أن طفلها بات أكثر حماسة للذهاب إلى المدرسة وأصبح يعبر عن مشاعره وأفكاره بوضوح أكبر مشيرة إلى أن نطقه للحروف تحسن بشكل ملحوظ منذ بداية تطبيق المنهاج.
تحديات واعتراضات
رغم الحماس المحيط بالتجربة إلا أنها ما زالت في إطار محدود. فلم يصدر أي قرار رسمي من الجهات التعليمية العليا بتبني “منهاج البيان” ما يطرح تساؤلات حول قدرته على التوسع والاستدامة في بيئة تعليمية تعاني من نقص الموارد وتفاوت المناهج.
بالنهاية بين واقع هش يضغط على المدارس التقليدية وتجربة ناشئة تبحث عن اعتراف وتوسع يقف “منهاج البيان” كتجربة تستحق الملاحظةو توثيق نتائجها وتعميمها فقد يشكل المنهاج مدخلاً لتحول نوعي نحو تعليم أكثر إنسانية وحداثة في سوريا حيث يحتاج الجيل الجديد إلى أدوات مختلفة لبناء مستقبله.