إيران تختار قطر وسيطاً جديداً في المفاوضات مع الولايات المتحدة

علي زم / طهران
ذكرت صحيفة واشنطن تايمز أن إيران_وفي تطور دبلوماسي جديد_ اختارت قطر كوسيط بينها وبين الولايات المتحدة. ويبدو أن هذه الخطوة ستنقل مسار المفاوضات النووية من أجواء هادئة كانت تحتضنها سلطنة عمان إلى ساحة أكثر نشاطاً وإقليمية الطابع.
يعد اختيار قطر كوسيط جديد بين طهران وواشنطن أحدث تحول في مسار الدبلوماسية الإقليمية والملف النووي الإيراني. وكانت سلطنة عمان قد أدت سابقاً دور الوسيط التقليدي في الحوارات بين إيران والغرب، حيث تمكنت بفضل علاقاتها المتوازنة مع الطرفين وأجوائها السياسية الهادئة نسبياً من أن تصبح جسراً موثوقاً. كما ساعدت مسقط، من خلال تمسكها بالحياد، على توفير أرضية لمحادثات هادئة وبعيدة عن الأضواء، حيث جرت المفاوضات خلف الكواليس تحت مظلتها.
غير أن قطر تدخل المشهد بسمات مختلفة. فالدوحة لا تكتفي بارتباطاتها الاقتصادية والسياسية الوثيقة مع إيران، بل تلعب أيضاً دوراً أكثر نشاطاً في الملفات الإقليمية، وخاصة في القضية الفلسطينية وعلاقاتها مع الفصائل هناك. وقد نجحت في تقديم نفسها لاعباً ديناميكياً وفاعلاً يمتلك القدرة على الضغط والوساطة الإقليمية، مع حفاظها في الوقت ذاته على علاقات قوية مع واشنطن.
ويرى خبراء أن هذا التغيير ينطوي على فرص وتحديات في آن واحد؛ فمن جهة، يمكن أن يضفي حضور قطر على المفاوضات بعداً إقليمياً متعدد الأطراف ويغني النقاشات، لكن من جهة أخرى، فإن أسلوب الدوحة الأكثر نشاطاً والأكثر حضوراً في الإعلام قد يضع المحادثات تحت دائرة الضوء والانتقادات العامة بشكل أكبر، ما يزيد من تعقيدات المشهد الدبلوماسي.
كما تابعت وسائل الإعلام الدولية هذه التطورات عن كثب. فقد اعتبرت واشنطن تايمز الخطوة محاولة من إيران لإعادة بناء قنوات التواصل مع الولايات المتحدة، لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن غياب فريق دبلوماسي مخصص لهذا الملف في البيت الأبيض يضعف آفاق تحقيق تقدم ملموس. وفي المقابل، أشار محللون أوروبيون إلى أن قطر يمكن أن توازن مستوى الضغوط المتبادلة بين طهران وواشنطن وتفتح المجال أمام تفاعلات إقليمية، إلا أن نجاح الوساطة يبقى مرهوناً بقدرة الدوحة على إدارة التناقضات الإقليمية وتلبية متطلبات الطرفين.
وبذلك، فإن انتقال الوساطة من سلطنة عمان إلى قطر قد يمثل بداية فصل جديد في مسار المفاوضات النووية الإيرانية. ورغم ما يحمله من فرص لتعزيز الدبلوماسية الإقليمية وتوسيع دور إيران في الملفات الدولية، إلا أن هذه الخطوة تثير تساؤلات حول مدى الشفافية والسرعة والاستقرار الذي يمكن أن يتسم به هذا المسار. المستقبل وحده سيكشف إن كانت الدوحة قادرة بقدراتها الدبلوماسية على بناء جسر موثوق بين طهران وواشنطن، أم أن هذا التغيير سيضيف مزيداً من التعقيدات والتحديات أمام المفاوضات.