عبد الله الحبابي / الرياض – مراسلين
تتسارع خطوات المملكة نحو تحول طاقي أخضر مع أهداف رسمية واضحة وإحصاءات حكومية تؤكد نمواً ملموساً في مشاريع الطاقة المتجددة. فقد أعلنت الهيئة العامة للإحصاء أن القدرة المركبة لمشاريع الطاقة المتجددة بلغت 6,551 ميغاواط حتى نهاية عام 2024، منها 6,151 ميغاواط من الطاقة الشمسية و400 ميغاواط من طاقة الرياح. وتشير البيانات إلى أن حجم الاستثمارات المخصصة لهذه المشاريع وصل إلى نحو 19.8 مليار ريال سعودي، ما انعكس على تغذية أكثر من مليون ومئة ألف منزل بالكهرباء النظيفة، بحسب ما أوضح الدكتور خالد الشريف، المدير التنفيذي للبرنامج الوطني للطاقة المتجددة في وزارة الطاقة.
وتتوافق هذه الأرقام مع التوجهات الوطنية المعلنة في إطار مبادرة السعودية الخضراء، التي تهدف إلى رفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج التوليد الوطني إلى نصف إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول عام 2030. وأكدت المهندسة فاطمة القحطاني، مستشارة الطاقة في وزارة البيئة والمياه والزراعة، أن متابعة تقدم المشاريع من قبل الجهات الحكومية تضمن التزامها بالجدول الزمني المخطط له ضمن رؤية السعودية 2030.
من الأمثلة البارزة على نجاح هذه المبادرات، مشروع محطة الطاقة الشمسية في مدينة الرياض، الذي تبلغ قدرته نحو 150 ميغاواط ويغذي أكثر من 30 ألف منزل بالكهرباء النظيفة. وأوضح المهندس محمد العتيبي، مدير المشروع، أن استخدام تقنيات حديثة لتخزين الطاقة ساهم في تزويد المناطق المحيطة بالكهرباء على مدار الساعة، ما يمثل نموذجاً عملياً على كيفية تحويل الأرقام الكبيرة إلى تأثير حقيقي على الحياة اليومية للمواطنين.
ويرى مراقبون مثل الأستاذ عبدالله الصالح، محلل الطاقة المستقل، أن التقدم المحقق حتى الآن يمثل بداية جيدة، إلا أن تحقيق الهدف الوطني يتطلب تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع وتعزيز البنية التحتية للشبكات الكهربائية لاستيعاب القدرات الجديدة، إلى جانب الاستثمار في تقنيات تخزين الطاقة التي تتيح استقرار الإمدادات على مدار الساعة. كما شددت الدكتورة نورة الزهراني، خبيرة في الكفاءات الوطنية للطاقة المتجددة، على أهمية تطوير مهارات الكوادر المحلية المؤهلة لتشغيل وصيانة هذه المشاريع وضمان استدامتها على المدى الطويل.
ويؤكد خبراء الاقتصاد والطاقة مثل الدكتور سامي الجهني أن وضوح السياسات وإصدار مؤشرات دورية عن نسب الإنجاز يعزز ثقة المستثمرين ويحفز القطاع الخاص على المشاركة في تمويل المشروعات الجديدة، ما يسهم في تسريع التحول نحو اقتصاد طاقي مستدام. ومع استمرار التوسع في هذه المشاريع والتزام الجهات الحكومية بمتابعة التنفيذ والشفافية في الإعلان عن النتائج، تبدو المملكة في موقع قوي لتحقيق أهدافها وجعل الطاقة المتجددة ركيزة أساسية في مستقبلها الاقتصادي والبيئي.
