تقارير و تحقيقات

الصالة الكبرى.. تسع سنوات من الجريمة التي لم ينساها الضمير

ضيف الله الطوالي – مراسلين

في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، يتوقف الزمن في ذاكرة اليمنيين عند العام 2016، حيث تحولت قاعة “الصالة الكبرى” في العاصمة صنعاء إلى بركة دماء ونهاية مأساوية لمئات الأبرياء، اليوم وبعد تسع سنوات كاملة على تلك المجزرة، نجدد ذكرها لتظل هذه الجريمة محفورة في سجل الألم الإنساني، وأن لا تمر مرور الكرام تحت وطأة النسيان أو تعقيدات السياسة.

الموت في العزاء

كان يوماً عادياً قبل أن تكتظ القاعة الكبرى جنوب صنعاء بعشرات المعزين الذين قدموا لأداء واجب العزاء لأسرة الرويشان، رجال مدنيون، وقادة عسكريون، ووجهاء قبائل، تجمعٌ إنساني اعتيادي تحول في لحظات إلى هدف عسكري، في انتهاك وصفه الأمين العام للأمم المتحدة حينها بأنه “انتهاك مُشين للقانون الإنساني الدولي”.

في ضربة جوية مزدوجة ومميتة نفذتها طائرات “التحالف العربي”، سقط أكثر من 140 قتيلاً وأصيب ما يزيد عن 525 شخصاً. لم تكن الغارة مجرد خطأ عسكري عابر، بل كارثة إنسانية متكاملة، حيث وثق الفيلم الوثائقي للصحفية نوال المقحفي، “الموت في العزاء”، تفاصيل هذه الفاجعة وكيف أنها استهدفت الجرحى والمسعفين، وهو ما يرقى إلى جريمة حرب.

بين التحقيق والتهرب

الضغط الدولي الذي أعقب المجزرة كان هائلاً، حيث أدانت العديد من الدول والمنظمات الدولية القصف، وطالبت الأمم المتحدة بتحقيق دولي، في المقابل، صدر بيان عن “الفريق المشترك لتقييم الحوادث” التابع للتحالف بعد أيام، أقر فيه بوقوع الخطأ، لكنه سعى لتحميل المسؤولية لجهة تابعة للجيش اليمني الخاضع للحكومة الشرعية قائلاً “قدمت معلومة مغلوطة” عن وجود قيادات مسلحة، مشيراً إلى أن مركز العمليات في اليمن أجاز الغارة دون إذن قيادة التحالف.
إلا أن التحقيقات المستقلة، مثلما أشارت االمخرجة نوال المقحفي، وصلت إلى أن القصف كان مخططاً له، ولم يحدث في اللحظة الأخيرة، بل كان يستهدف شخصيات رفيعة المستوى كالرئيس السابق علي عبد الله صالح. وهذا التناقض بين رواية التحالف وما كشفت عنه التحقيقات يثير تساؤلات عميقة حول مدى جدية المساءلة والشفافية، لقد كان الهدف من الفيلم، كما قالت المقحفي: “لكي لا تكون مجزرة الصالة الكبرى جريمة أخرى ينساها العالم”.

الاختفاء القسري والألم المتجدد

المأساة لم تنتهِ بتلك اللحظة المروعة، فإلى جانب الخسائر في الأرواح والأجساد، برز وجه آخر للجريمة يتمثل في الاختفاء القسري.


تُسلط التقارير الضوء على قصة الشيخ حسين الهادي، الذي نُقل مصاباً من القاعة ليختفي قسراً من المستشفى. عائلة الشيخ، التي تتيه في زحمة الأسئلة، خلال تتبع قضيته، واجهت الإنكار من جهات أمنية متفرقة خاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، في حين أنهم متأكدون من أن والدهم لا يزال على قيد الحياة، إن حسين الهادي، المعيل الوحيد لسبعة أبناء، أصبح رمزاً لألم لا يزول ولانتهاك آخر يُضاف إلى سجل الانتهاكات التي لم تقتصر على القصف.

أن لا ننسى

اليوم، ونحن نحيي الذكرى التاسعة لقصف الصالة الكبرى، لا بد أن نؤكد أن التذكر ليس مجرد واجب عاطفي، بل التزام إنساني وأخلاقي بمساءلة مرتكبي الجرائم وتقديمهم للعدالة.

إذ أن جريمة قصف مجلس العزاء آنذاك كشفت هشاشة قواعد الاشتباك وتواطؤ المجتمع الدولي في التغاضي عن تداعيات الدعم العسكري لأطراف النزاع.

لقد مضت تسع سنوات، والحرب مستمرة في تدمير البنية التحتية وزرع الكراهية، فيما شعب يعيش تحت خط الفقر، بينما طالبت منظمة “مواطنة لحقوق الإنسان” في ظل إستمرار الأزمة الإنسانية والاختفاء القسري، بإنهاء وكشف مصير المختفين قسراً، لكن الحقيقة تقول بأن ليس هناك اي مسائلات دولية على جرائم اي جهة ما دام هناك مصالح، فمصلحة الأنظمة تطفو على كل شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews