تقارير و تحقيقات

تيك توك تحت المجهر.. كيف غلب السرد المؤيد للفلسطينيين الساحة الرقمية الأمريكية؟

ضيف الله الطوالي – مراسلين

منذ اللحظات الأولى لاندلاع حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، لم يقتصر الصراع على الأرض، بل امتد ليشتعل على الساحة الرقمية، وتحديداً داخل أروقة تطبيق “تيك توك” الصيني واسع الانتشار، ففي خضم الدعوات المتصاعدة لحظر التطبيق، والتي قادها مشرعون جمهوريون في الولايات المتحدة، باتت الحجة الرئيسية تدور حول طوفان من المحتوى “المؤيد للفلسطينيين” يغمر المنصة، مؤثراً على الرأي العام الأمريكي.

تقرير حديث صادر عن مركز الأبحاث المستقل “الأمن السيبراني من أجل الديمقراطية”، جاء ليؤكد هذه الهيمنة السردية بأرقام ومقارنات، كاشفاً عن واقع تكتيكي مثير للجدل على المنصة التي يعتمد عليها جيل الشباب.

تفوق رقمي بنسبة 17على 1

خلص التقرير إلى أن مؤشر الدعم للفلسطينيين بين مستخدمي “تيك توك” في الولايات المتحدة لا يزال ساحقاً مع استمرار الحرب في غزة.

وبتفصيل الأدلة، وجد الباحثون أن مقابل كل منشور واحد مؤيد لإسرائيل يظهر على “تيك توك” في شهر سبتمبر، كان هناك ما يقرب من 17 منشوراً يدعم الفلسطينيين.

هذا الاستنتاج، الذي يستند إلى تحليل دقيق للهاشتاجات المستخدمة في المنشورات، يشير إلى أن التوازن السردي لم يتغير جوهرياً، إذ يطابق تقريباً النسبة التي توصل إليها المركز نفسه قبل عامين، ويشير المحللون إلى أن هذا التضخم في المحتوى المؤيد لفلسطين هو ما غذى اتهامات المشرعين الجمهوريين بأن خوارزمية “تيك توك” مصممة لترويج وجهة نظر معينة.

تناقض بين المتوسط والمجموع

على الرغم من هذا التفوق الهائل في كمية المحتوى، يكشف التقرير عن تناقض دقيق في مسألة الانتشار الفعلي. فالغلبة في أعداد المنشورات المؤيدة للفلسطينيين لا تنعكس بالكامل في معدل جذبها للمشاهدات، إذ أن متوسط المشاهدات لدى الفيديو المؤيد لإسرائيل معدل مشاهداته أعلى (565 مشاهدة) مقارنة بالفيديو المؤيد للفلسطينيين (472 مشاهدة).


ومع ذلك، يتمتع المحتوى المؤيد للفلسطينيين بمتوسط توزيع أعلى بشكل عام، ويرجع ذلك إلى أن “عدداً قليلاً من المنشورات يتمتع بانتشار فيروسي ويجذب جماهير ضخمة”، مما يرفع متوسط الأرقام الكلية.

في هذا الصدد، تشير لورا إيديلسون، مديرة مركز “الأمن السيبراني من أجل الديمقراطية”، إلى أن “غالبية مقاطع الفيديو من كلا الجانبين تحصل على أعداد مشاهدات قابلة للمقارنة إلى حد كبير”، مشيرة إلى أن ظاهرة الانتشار الفيروسي لبعض المحتويات هي ما يصنع الفارق في النهاية.

تيك توك تشكك في المنهجية

في سياق الرد على هذه النتائج، أحالت متحدثة باسم “تيك توك” صحيفة واشنطن بوست إلى منشور مدونة سابق انتقدت فيه الشركة التحليلات التي تعتمد على الهاشتاغات المضافة من قبل صناع المحتوى، وأكدت الشركة على أنه “من السهل انتقاء الهاشتاغات لدعم سردية كاذبة حول المنصة” حسب قولها، في إشارة إلى أن المنهجية قد لا تعكس بالضرورة المشهد الكلي لتوصيات الخوارزمية.

يأتي هذا الجدل في وقت يشهد فيه المشهد الرقمي تحولاً جذرياً نحو اللامركزية، حيث يتجه مستخدمو الإنترنت بشكل متزايد إلى منصات تظهر لهم محتوى يتوافق مع ميولهم الأيديولوجية المسبقة، وكما لاحظ التقرير، فإن القليل من مقاطع الفيديو على “تيك توك” تضمنت هاشتاجات لكلا الجانبين، مما يعزز فكرة بناء “جدران صدى” رقمية تفصل بين الجماهير وتزيد من استقطاب النقاش الدولي حول القضايا المحورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews