أثارت رعب روسيا… ماذا نعلم عن صواريخ “توماهوك”؟

علي زم – مراسلين
تشير التقديرات الجديدة إلى أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوشك على الموافقة على إرسال صواريخ كروز بعيدة المدى من طراز “توماهوك” إلى أوكرانيا، في خطوة من شأنها أن تُحدث زيادة كبيرة في القدرات العسكرية لكييف، رغم تحذير روسيا من أنّ مثل هذا الإجراء سيشكّل «تصعيداً خطيراً» في الصراع الدائر.
صواريخ “توماهوك” هي نوع من صواريخ الكروز بعيدة المدى التي تعمل بمحرك نفاث وتوجّه عبر نظام تحديد المواقع الداخلي (GPS). وهذه الصواريخ من إنتاج شركة “ريثيون” (Raytheon) الأمريكية، وتستخدمها جيوش الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وهولندا.
ويبلغ سعر الصاروخ الواحد نحو 1.3 مليون دولار، وطوله حوالي ستة أمتار، فيما يصل وزن رأسه الحربي إلى 450 كيلوغراماً. وتتميز النسخ الحديثة منه بقدرتها على البقاء في حالة “انتظار” قرب الهدف، كما يمكن إعادة برمجتها أثناء الطيران لتصويبها نحو هدف جديد.

وقالت سكاي نيوز البريطانية إن هذه الصواريخ تحلّق على ارتفاع منخفض وبسرعة عالية لكنها دون سرعة الصوت، ما يجعل رصدها عبر الرادارات الأرضية أمراً بالغ الصعوبة. ويبلغ مداها التقريبي نحو 2400 كيلومتر، ما يعني أنّ امتلاك أوكرانيا لها سيمكنها من استهداف مواقع داخل العمق الروسي.
وتستخدم حالياً أوكرانيا صواريخ “ستورم شادو” (Storm Shadow) البريطانية الصنع، وصواريخ “أتكامز” (ATACMS) الأمريكية، التي لا يتجاوز مداها 241 إلى 322 كيلومتراً فقط.
عادة ما تُطلق صواريخ “توماهوك” من السفن أو الغواصات، لكن في حال إرسالها إلى أوكرانيا، فسيُضطر الجيش الأوكراني إلى إطلاقها من البر. وتعد المنظومة الأمريكية “تايفون” (Typhon) قادرة على إطلاقها من الأرض، غير أنّه لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه المنظومة مشمولة في الصفقة المحتملة أم لا.
واستخدمت هذه الصواريخ للمرة الأولى خلال حرب الخليج عام 1991، وكان آخر استخدام لها في الهجمات الأمريكية والبريطانية ضد أهداف تابعة للحوثيين في اليمن.
التأثير المحتمل على الحرب
يرى الخبراء أنّه لا يزال من المبكر تقييم مدى تأثير هذه الصواريخ على مسار الحرب، لكنهم يؤكدون أنّه رغم كون “توماهوك” سلاحاً بالغ القيمة، فإنه ليس بالضرورة “مغيراً لقواعد اللعبة”.
ويعتقد محللون أنّ أوكرانيا قد تستخدم هذه الصواريخ لضرب البنية التحتية الحيوية داخل الأراضي الروسية، مثل مستودعات النفط وخطوط النقل ومصانع إنتاج الطائرات المسيّرة والمناطق اللوجستية الواقعة خلف خطوط الجبهة. لكنّ مهاجمة موسكو نفسها ستكون خطوة عديمة الجدوى وخطرة في آن، ما لم يكن وراءها هدف سياسي، وهو ما قد يأتي بنتائج عكسية.
أما تكرار ردود الفعل الروسية على هذه الأنباء فيُظهر أن الكرملين يشعر بقلق فعلي. وعلى الرغم من تصريح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأنّ صواريخ “توماهوك” «لن تغيّر معادلة الجبهات»، فإنه حذّر من أنّ مثل هذا القرار «سيؤدي إلى تصعيد حاد للتوترات» ويُعدّ من وجهة نظر موسكو «مثيراً لقلق بالغ».
وقال بيسكوف في حديث متلفز «إنها لحظة شديدة الحساسية. التوتر يتصاعد من الجانبين. بعض أنواع صواريخ توماهوك قادرة على حمل رؤوس نووية. تخيّلوا أن يُطلق صاروخ بعيد المدى نحو الأراضي الروسية دون أن نعلم إن كان يحمل سلاحاً نووياً أم لا. ما ردّ فعل روسيا حينها؟».
بدوره، حذر الرئيس الروسي الأسبق دميتري مدفيديف من أنّ مثل هذه الخطوة قد تُفضي إلى «عواقب خطيرة وغير متوقعة»، معرباً عن أمله في أن تكون «مجرد تهديد أجوف».
وذكرت تقارير غربية أنّ ترامب قد يُعلن عن القرار رسمياً بالتزامن مع الزيارة التي يجريها اليوم الجمعة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن. وقال ترامب للصحفيين خلال رحلته إلى إسرائيل: «قد أقول إنه إذا لم تُحلّ هذه الحرب، فسأرسل إليهم صواريخ توماهوك».
وأضاف ترامب أنّ هذه الصواريخ «سلاح رائع» وأنّ روسيا «ليست بحاجة إلى مواجهتها»، مشيراً إلى أنه قد يقرر إرسالها أو لا، «لكن الوقت قد حان لطرح هذا الموضوع».
من جهته، قال زيلينسكي إنّ حصول أوكرانيا على هذه الصواريخ «أمر بالغ الأهمية»، موضحاً أنه ناقش خلال محادثاته الأخيرة مع ترامب العدد الذي تحتاجه بلاده منها. وأضاف: «بصراحة، شاركت ترامب وجهة نظري… لكن هناك بعض الأمور التي لا يمكن قولها في مكالمة هاتفية، لذا سنطرحها خلال لقائنا وجهاً لوجه».

ومن المقرر أن يلتقي ترمب، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المجر لمحاولة حسم الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن الموعد لم يتحدد بعد.
وفي السياق نفسه، التقى عدد من كبار المسؤولين الأوكرانيين يوم الأربعاء في الولايات المتحدة مع مديري شركات الأسلحة الأمريكية، ومن بينها شركة “ريثيون” المصنعة لصواريخ توماهوك، في إشارة إلى احتمال تقدّم المفاوضات بشأن إرسال هذه الصواريخ في المستقبل القريب.