تركيا تتنفس الصعداء… تراجع التضخم إلى أدنى مستوى منذ أربع سنوات

ريتا الأبيض – مراسلين
أنقرة – تركيا – تنفّس الشارع التركي الصعداء هذا الأسبوع بعد صدور بيانات رسمية تُظهر تراجع التضخم السنوي إلى 32.8%، وهو أدنى مستوى يسجّله الاقتصاد التركي منذ عام 2021.
ورغم أن الرقم ما زال مرتفعاً قياساً بالمعايير الأوروبية، إلا أنه يُعدّ مؤشراً أولياً على استقرار نسبي في الأسعار بعد عامين من التقلبات الحادّة في قيمة الليرة وارتفاع تكاليف المعيشة.
الهيئة الإحصائية التركية أوضحت في بيانها أنّ نسبة الزيادة الشهرية في الأسعار بلغت 2.5%، بينما شهدت فئات الأغذية والإسكان والملابس انخفاضاً طفيفاً، في حين بقيت أسعار الوقود والنقل في مستويات مرتفعة.
مصادر في وزارة المالية التركية قالت إن الحكومة تواصل تطبيق سياسة “الانكماش التدريجي” التي أطلقها البنك المركزي عبر رفع أسعار الفائدة تدريجياً، بهدف كبح التضخم دون خنق النمو.
في الأسواق، انعكست المؤشرات إيجاباً على ثقة المستهلك. ففي أحد أسواق أنقرة الشعبية، قالت سيدة تركية تبلغ من العمر خمسين عاماً:
“صحيح أنّ الأسعار ما زالت عالية، لكننا على الأقل لم نعد نرى الارتفاعات الأسبوعية التي كانت ترعبنا.”
اقتصاديون وصفوا هذا التراجع بأنه “إشارة أولى لنجاح السياسة النقدية الجديدة”، لكنهم حذّروا من أن العودة إلى مستويات تضخم أحادية الرقم تحتاج إلى عامين على الأقل، بشرط استمرار ضبط الإنفاق العام وتثبيت سعر صرف الليرة.
وفي المقابل، تستعد الحكومة التركية لإطلاق حزمة تحفيز جديدة تستهدف القطاعات الصناعية والسياحية، بالتزامن مع اقتراب موسم السياحة الشتوية، أملاً في تعزيز الإيرادات الأجنبية وتخفيف الضغط عن الأسواق الداخلية.
يبقى التحدي الأكبر، بحسب محللين، هو كيفية تحقيق التوازن بين محاربة التضخم والحفاظ على قدرة المواطنين الشرائية، خصوصاً بعد أن استنزفت سنوات الأزمة مدّخرات الطبقة المتوسطة.
لكن المزاج العام في تركيا يبدو هذه المرة أقلّ تشاؤماً، فبعد سنوات من الأزمات المتلاحقة، بدأ الناس يلمسون أخيراً مؤشرات استقرار ولو كانت هشّة.



