عربي و دولي

القضاء الفرنسي يطلب من لبنان توقيف 3 ضباط سوريين كبار بتهمة ارتكاب جرائم حرب

شروق سعد – مراسلين

شهدت الأروقة القضائية اللبنانية تحركاً دولياً بعدما تلقت السلطات مذكرة رسمية من القضاء الفرنسي تهدف إلى ملاحقة وتوقيف شخصيات أمنية سورية رفيعة المستوى متهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

تسلم النائب العام التمييزي، القاضي جمال الحجار، استنابة قضائية رسمية من باريس. وتضمنت أوامر واضحة لتعقّب وتوقيف ثلاثة من كبار ضباط النظام السوري السابق، وهم:

  • اللواء جميل الحسن: قائد المخابرات الجوية الأسبق، بتهمة جرائم ضد الإنسانية (تعذيب وقتل).
  • اللواء علي مملوك: مدير مكتب الأمن القومي السابق، بتهمة جرائم ضد الإنسانية (تعذيب وقتل).
  • اللواء عبد السلام محمود: مدير فرع التحقيق في المخابرات الجوية، بتهمة جرائم ضد الإنسانية (تعذيب وقتل).
    وتطلب السلطات الفرنسية من لبنان توقيف هؤلاء الضباط فور التأكد من وجودهم على الأراضي اللبنانية، ومن ثم تسليمهم إلى القضاء الفرنسي استناداً إلى آليات التعاون القضائي الدولي.

تأتي الملاحقة الفرنسية في سياق التحقيقات المستمرة حول انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في سوريا. ووفقاً للاستنابة، فإن التهم موجهة تحديداً لضلوع الضباط الثلاثة في مقتل مواطنين فرنسيين من أصل سوري تحت التعذيب أثناء اعتقالهم لدى جهاز المخابرات الجوية في سوريا.
بناءً عليه، كُلفت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني بفتح تحقيق فوري. وتشمل مهمة الشعبة:

  • التحري الميداني عن أماكن تواجد الضباط المطلوبين داخل الأراضي اللبنانية.
  • مراقبة حركة الدخول والخروج للضباط على الحدود للتأكد من عدم دخولهم أو خروجهم بطرق غير شرعية.
    وكشفت الاستنابة الفرنسية عن معطيات تقنية مهمة، حيث تضمنت أرقام هواتف لبنانية ثبت تواصلها بشكل دوري مع المطلوبين، وهي معلومات ستكون في صميم المتابعة والتحقيقات الأمنية.

تُعد هذه الخطوة امتداداً لسلسلة من الملاحقات القضائية الأوروبية والأمريكية ضد شخصيات بارزة في النظام السوري. فقد سبق للقضاء الفرنسي أن أصدر في أكتوبر الماضي مذكرة توقيف ثالثة غيابية بحق الرئيس السوري بشار الأسد نفسه بتهم تتعلق بالهجمات الكيميائية عام 2013.

  • اللواء جميل الحسن تحديداً، كان قد صدرت بحقه مذكرات سابقة، منها مذكرة توقيف ألمانية صدرت عام 2018، وهو مطلوب عبر الإنتربول بناءً على طلب من الولايات المتحدة بتهم انتهاكات جسيمة.
  • اللواء علي مملوك كان هدفاً لمذكرة توقيف صدرت عام 2018 ويخضع لعقوبات دولية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لدوره في الانتهاكات.

وفي تعليق على التطورات، قال أنور البني (مدير المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية) إنه “يأمل أن يلتزم لبنان بواجبه نحو المجتمع الدولي واتفاقيات الإنتربول الذي هو جزء منها (كما سوريا)”. وأكد وجود مطلوبين في ألمانيا والسويد والنرويج وعدة دول، لم تصدر بعد مذكرات بحقهم، لكن العمل جارٍ على ذلك.

تضع هذه المذكرة السلطات اللبنانية أمام تحدٍ قانوني وسياسي دقيق. فلبنان، الذي يلتزم بآليات التعاون القضائي الدولي ومذكرات الإنتربول، يواجه في الوقت ذاته حساسيات العلاقة مع دمشق، التي سبق أن طالبت بتسليم هؤلاء الضباط إليها. ومع تكليف شعبة المعلومات ببدء التحقيقات، يصبح مصير الضباط المطلوبين رهناً بمدى فاعلية التحريات اللبنانية والقرار النهائي للسلطة القضائية، فيما تتواصل الضغوط الدولية لضمان عدم إفلات مرتكبي الانتهاكات الجسيمة من العقاب. هذه الخطوة تؤكد على استمرار الجهود الأوروبية في تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية ضد رموز النظام السوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews