اليمن.. صراع الأجندات الإقليمية يطيل عمر الحرب

ضيف الله الطوالي – مراسلين
يحلل نائب السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن، نبيل خوري، مأزق اليمن المستمر منذ عقد، مؤكداً أن مصيره بات رهينة تباين الأهداف السعودية والإماراتية والحوثية المدعومة إيرانياً.
عقد ضائع ومصير معلّق
بعد أكثر من عقدٍ على اندلاع الحرب الأهلية في اليمن، لا تلوح في الأفق أي نهاية للصراع، فخطوط السيطرة بين الطرفين المتحاربين الرئيسيين لم تتغير إلا بالكاد، بينما ما تزال أوضاع الشعب اليمني مأساوية للغاية، يؤكد نبيل خوري أن الانحدار المأساوي لليمن نحو الفوضى والفقر والكارثة الإنسانية هو نتيجة لتورط جميع الأطراف، المحلية والإقليمية والدولية، في حرب مدمّرة.

تنافس يقوّض الوحدة
يرى خوري أن الصراع لا يمكن فصله عن التنافس الحاد بين السعودية والإمارات، حيث يدعم كل طرف منهما فصائل مختلفة، مما يقوّض أي إمكانية لتوحيد الجبهة المناهضة للحوثيين، ويوضح أن ولاءات العديد من الفصائل السياسية والجماعات المسلحة تدور حول هؤلاء الرعاة الإقليميين المتنافسين، حيث تتجلى خصوماتهم في صراع النفوذ داخل هذا البلد الواقع في موقع استراتيجي حساس.
تشظي مجلس القيادة
تستمر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، بقيادة مجلس القيادة الرئاسي، في تقديم أداء هش ومتصدع، هذا المجلس هو تحالف غير متماسك من القوى السياسية والعسكرية المدعومة بشكل متفاوت من السعودية والإمارات، ويواجه جماعة الحوثيين التي تسيطر على المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان، بما في ذلك العاصمة صنعاء. لم يتمكن المجلس “المتشرذم” من هزيمة التمرد الحوثي، أو توفير الخدمات الأساسية، ناهيك عن تقديم أي أمل في تسوية سلمية دائمة، ويعاني اليمنيون في مناطق سيطرة المجلس والحوثيين على حد سواء من اقتصاد مدمر وأزمة إنسانية حادة وبيروقراطية فاشلة، حيث يواجه أكثر من 17 مليون يمني انعدام الأمن الغذائي حسب تقارير المنظمات الدولية، كما وثقت منظمات حقوقية يمنية ودولية انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ارتكبتها مختلف أطراف النزاع.
الحوثي.. سلطة دينية قمعية
بعد سيطرتهم على صنعاء عام 2014، بسط الحوثيون سيطرتهم على ما يقدر بـ 70 إلى 80 بالمائة من سكان البلاد. وتعتبر سلطتهم مزيج القيادة بين الدين والسياسة، والميل نحو تمكين المتشددين دينياً. وفي مناطق سيطرتهم، وثقت المنظمات الحقوقية قمع الجماعة للمدنيين، بما في ذلك حملات الاختفاء والسجن دون اتباع الإجراءات القانونية واستخدام التعذيب.
غزة تعقد المشهد اليمني
أدى انخراط الحوثيين في الحرب الداعمة للفلسطينيين، والتي يعتبرونها “واجباً أخلاقياً وإنسانياً ودينياً”، إلى زيادة تعقيد الأزمة اليمنية. وقد وضعت هجمات الجماعة على السفن في البحر الأحمر ثم على إسرائيل بعد اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، الجماعة في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين ردتا بشن غارات جوية متكررة.
حصيلة عسكرية غامضة
يؤكد خوري أن أهداف الضربات الأمريكية والإسرائيلية في اليمن تبدو غير واضحة بما يكفي لتقييم نتائجها، فإذا كان الهدف تغيير النظام في صنعاء أو إسقاط الحوثيين، فقد أثبتت التجربة أن ذلك غير واقعي. وإذا كان الهدف إضعاف الحوثيين أو تحييدهم إقليميًا، فإن الهدوء النسبي الحالي يمكن اعتباره نجاحًا جزئيًا، وإن كان هذا الهدوء مرتبطًا بوقف إطلاق النار في غزة أكثر من كونه نتيجة لنجاح عسكري يمني، في الوقت الراهن، لا توجد طريقة دقيقة لحساب ما إذا كانت القدرات العسكرية للحوثيين قد تدهورت بما يكفي لتبرير تكلفة الهجمات.
إذ يرى نائب السفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن، نبيل خوري، أنه مع كل هذه التحديات والتعقيدات، لا يجد المجتمع الدولي خياراً آخر سوى مواصلة جهود الوساطة الخلاقة في محاولة لنسج خيوط تسوية من بين تشابكات الأزمة اليمنية والإقليمية.



