تصاعد التوتر بين إسرائيل ومحور المقاومة وسط مؤشرات على مواجهة مفتوحة

ريتا الأبيض – مراسلين

تشهد المنطقة تطورًا متسارعًا في وتيرة التصعيد بين إسرائيل ومحور المقاومة، في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة شاملة يصعب السيطرة على نتائجها. ومع احتدام الاشتباكات الحدودية وتبادل الرسائل العسكرية والسياسية بين الطرفين، تبدو المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة من التوتر الإقليمي المفتوح.
الأزمة داخل إسرائيل
يرى محللون أن ما تواجهه إسرائيل اليوم ليس مجرد تحدٍ أمني على حدودها الشمالية أو في غزة، بل أزمة داخلية بنيوية تعصف بمؤسساتها السياسية والعسكرية. فحكومة بنيامين نتنياهو تواجه انقسامًا حادًا بين مكوناتها اليمينية والدينية، في ظل تراجع الثقة الشعبية وتصاعد الانتقادات داخل الأوساط الإسرائيلية نفسها.
وأشار الكاتب إبراهيم الأمين في صحيفة “الأخبار” إلى أن طريقة تفكير القيادة الإسرائيلية الحالية تُعدّ أخطر من قراراتها العسكرية، إذ إن ما وصفه بـ”الجمود العقائدي” لدى الحكومة يدفعها إلى تجاهل الوقائع الميدانية ويجعلها أكثر ميلًا إلى المغامرة في قراراتها الأمنية. وأضاف أن “كل تجاهل لطبيعة المرحلة قد يؤدي إلى تقدير خاطئ من شأنه أن يورّط الكيان في حرب غير محسوبة النتائج”.
احتمالات الحرب
في المقابل، يؤكد مراقبون أن إسرائيل تجد نفسها اليوم أمام خيارين أحلاهما مرّ: الاستمرار في التصعيد العسكري رغم المخاطر، أو التراجع تحت ضغط الواقع الميداني والسياسي، وهو ما سيُفسَّر داخليًا كإخفاق جديد لحكومة نتنياهو.
وتشير المعطيات إلى أن القيادة الإسرائيلية تُدرك أن أي حرب شاملة مع حزب الله أو فصائل المقاومة في المنطقة ستكون مختلفة جذريًا عن الحروب السابقة، سواء من حيث حجم الردّ العسكري أو اتساع رقعة المواجهة الجغرافية. وتؤكد التقارير الإسرائيلية أن المؤسسة العسكرية تواجه ضغوطًا متزايدة من داخل الحكومة لاتخاذ خطوات “حاسمة”، وسط انقسامات حادة حول جدوى توسيع العمليات.
تصعيد ميداني متزايد
ميدانيًا، تواصل المدفعية الإسرائيلية قصف مناطق حدودية في جنوب لبنان، في حين أعلنت المقاومة عن استهداف مواقع ومراكز مراقبة إسرائيلية بالأسلحة الصاروخية. وشهدت الأيام الأخيرة ارتفاعًا في وتيرة الاشتباكات المتبادلة، بالتوازي مع تحركات دبلوماسية مكثفة من أطراف إقليمية ودولية لمنع الانفجار الشامل.
مصادر أمنية في بيروت أشارت إلى أن “الوضع عند الحدود اللبنانية – الفلسطينية دخل مرحلة خطرة”، مؤكدة أن أي خطأ في التقدير من الجانب الإسرائيلي قد يشعل مواجهة أوسع، خصوصًا في ظل إصرار تل أبيب على الرد الميداني العنيف واستخدام القوة المفرطة.
مأزق القيادة الإسرائيلية
تواجه حكومة نتنياهو، بحسب مصادر إسرائيلية، أزمة ثقة داخل الجيش والمجتمع الإسرائيلي بعد إخفاقها في تحقيق إنجازات ملموسة في جبهات القتال. كما أن الانقسامات بين وزراء الحكومة حول سبل إدارة المعركة تعمّق حالة الارتباك في القرار السياسي، وتفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تطرفًا.
ويرى مراقبون أن هذا الارتباك قد يدفع نتنياهو إلى خيار الحرب الشاملة كوسيلة للهروب إلى الأمام وتوحيد الجبهة الداخلية المنقسمة. إلا أن هذا الخيار يحمل مخاطر كبيرة في ظل الاستعدادات العالية لدى حزب الله والفصائل الفلسطينية، واستعدادها للردّ على أي عدوان إسرائيلي واسع.
موقف محور المقاومة
في المقابل، تؤكد مصادر قريبة من محور المقاومة أن “المعادلة تغيّرت بالكامل”، وأن أي اعتداء إسرائيلي موسّع سيقابل بردّ متزامن على أكثر من جبهة، ما يعني أن أي حرب مقبلة لن تكون محصورة جغرافيًا كما في السابق. وتشير المعلومات إلى أن الاتصالات السياسية بين أطراف المحور تتركز على تنسيق الردود والتعامل مع أي سيناريو ميداني محتمل.
وسط هذا المشهد الملبّد، تتزايد التقديرات بأن المنطقة تقف أمام مفترق طرق حقيقي، وأن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد الاتجاه: إما التوجه نحو تسوية ميدانية محدودة تحفظ ماء الوجه للجانبين، أو الانزلاق إلى مواجهة إقليمية مفتوحة قد تغيّر شكل الصراع في الشرق الأوسط لسنوات قادمة




