تقارير و تحقيقات

غزة.. حين يصبح الانتظار هو النجاة

ريتا الأبيض – مراسلين

الهواء في شمال غزة ثقيل، محمّل برائحة الغبار والقمامة والانتظار.
في مخيم صغير على أطراف بيت لاهيا، تجلس أمٌّ قرب خيمتها المهترئة، تراقب أطفالها وهم يلعبون في الطين. لا كهرباء، لا ماء صالح للشرب، لا دواء.. فقط ساعات طويلة من القلق، تتخللها لحظات قصيرة من أمل، حين يمر خبر بأن شاحنة مساعدات جديدة قد تعبر.

اليوم، أعلنت إسرائيل عن فتح معبر زيكيم شمال القطاع، للسماح بدخول شاحنات الإغاثة الإنسانية بعد شهرين من الإغلاق الكامل. خطوةٌ صغيرة، لكنها بالنسبة لمن في الداخل تشبه معجزة.
معبر زيكيم الذي أغلق منذ 12 سبتمبر، فُتح أخيرًا أمام قوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بعد تفتيشٍ دقيق عند الحدود، في وقتٍ وصفته منظمات الإغاثة بأنه “لا يحتمل التأجيل”.

لكن رغم فتح المعبر، يبقى الطريق إلى المساعدة أطول من الطريق إلى النجاة.
منظمة أطباء بلا حدود تقول إن الوضع في غزة “مرعب”، والناس يعيشون بين الركام والخوف، يتقاسمون القليل مما تبقّى من الماء والغذاء.

في كل خيمةٍ هناك حكاية وجع:
طفلٌ يعاني من الحمى ولا دواء، أمٌّ تبكي على وجبةٍ لم تعد تجدها، ورجلٌ يراقب شاحنة تمرّ بعيدًا عن منطقته فيدعو الله أن تأتي المرة القادمة إليه.

تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 37 ألف طن من المساعدات دخلت القطاع منذ وقف إطلاق النار، لكنّها لا تمثّل سوى خُمس ما يحتاجه الناس للبقاء على قيد الحياة. معظم المساعدات تتركز في الجنوب، بينما يبقى الشمال محاصرًا بالفقر والدمار.

ورغم وقف القصف، الحرب لم تنتهِ — فقط تغيّر شكلها.
هي اليوم حرب على البقاء: حرب ضد الجوع، وضد البرد، وضد مرضٍ ينتشر بصمت في خيامٍ بلا دواء.

غزة لا تنتظر فقط فتح المعابر، بل تنتظر أن يلتفت العالم إلى الإنسان داخل الحصار.
وحتى ذلك الحين، سيبقى الناس هنا يعيشون على فتات الأمل، وعلى وعدٍ بأنّ الغد قد يكون أخفّ وجعًا من اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews