تقرير “مراسلين” : إسرائيل تهجّر الغزيين من البوابة الإنسانية

نسمه العبدالله- مراسلين
في ظلّ مساعٍ إسرائيلية يُنظر إليها كجزء من محاولات متصاعدة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، أثار وصول 153 فلسطينياً إلى جنوب أفريقيا عبر رحلة غامضة موجة واسعة من الجدل والغضب. فقد سجّل المسافرون عبر منصة مجهولة تُدعى “المجد” مقابل مبالغ تراوحت بين 1400 و2000 دولار، قبل أن يجدوا أنفسهم فجأة في مطار أور تامبوبجوهانسبرغ دون أن يعرفوا كيفية وصولهم إلى هناك.

وتشير تقارير إسرائيلية إلى أن الرحلة بدأت من معبر رفح باتجاه كرم أبو سالم، ثم نُقل الركاب إلى مطار رامون قرب إيلات، دون أي معلومات واضحة عن وجهتهم النهائية، بينما لم يُبلَّغوا بموعد السفر إلا قبل 24 ساعة، ما زاد الشكوك حول طبيعة العملية ودوافعها.
طُلب من المسافرين الفلسطينيين عدم حمل حقائب قبل صعودهم إلى طائرة متجهة إلى نيروبي دون ختم جوازاتهم بالدخول أو الخروج من إسرائيل، ما أثار الشكوك حول طبيعة الرحلة. ومن كينيا انتقلوا إلى جوهانسبرغ، حيث رفضت السلطات دخولهم لغياب الأختام الرسمية، ما وضعهم في وضع قانوني معقد. وبعد ساعات من الانتظار، سُمح لـ130 شخصًا بالدخول لمدة 90 يومًا، بينما واصل 23 آخرون رحلتهم إلى دول يملكون تأشيراتها.

وفتحت جنوب أفريقيا تحقيقًا لكشف الجهات التي نظمت هذه الرحلة الغامضة. ورغم الظروف المربكة، ظهرت لاحقًا مشاهد احتفال الفلسطينيين بوصولهم واستقبال الناس لهم بحفاوة.
صرّح رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، بأن ما حدث كان “غريباً”، موضحاً أن “هؤلاء الأشخاص من غزة تم وضعهم بشكل غير مفهوم على طائرة مرّت عبر نيروبي قبل أن تصل إلى هنا”، مشيراً إلى أنه قرر عدم إعادتهم إلى غزة بعد التشاور مع وزير الداخلية.

من جهتها، أوضحت السفارة الفلسطينية في جنوب أفريقيا أن وصول الفلسطينيين جرى دون أي إشعار أو تنسيق مسبق، مؤكدة أن منظمة غير مسجّلة استغلت الأوضاع الإنسانية، جمعت التبرعات، وسهّلت سفرهم بطريقة غير مسؤولة، ثم تخلّت عنهم عندما بدأت المشكلات بالظهور.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الحكومة منحت هؤلاء الفلسطينيين إذن المغادرة بعد حصولهم على تأشيرات إلى دولة ثالثة، في محاولة لتبرير ما جرى وإضفاء طابع قانوني على هذه الرحلات الغامضة التي لا تزال تثير كثيراً من علامات الاستفهام.
ولم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها؛ فقبل أسابيع وصلت إلى جنوب أفريقيا رحلة مشابهة تقلّ 170 فلسطينياً. كما تشير تقارير إعلامية إلى أن إسرائيل وافقت على أكثر من 95% من طلبات خروج سكان غزة، في معطيات تزيد من المخاوف بشأن وجود خطة ممنهجة تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه.
وتعرّف منظمة “المجد أوروبا”، التي تأسست عام 2010 وتقول إنها مسجلة في ألمانيا ومقرها الرئيسي في القدس، نفسها بأنها جهة تقدم خدمات إجلاء إنساني ومساعدات طبية وتسهّل سفر المرضى إلى الخارج. إلا أن نشاطها في هذه الرحلات يثير العديد من التساؤلات.

لكن ناشطًا في منظمة الانتفاضة الاجتماعية بجوهانسبرغ، خالد فودة، قال لموقع ميدل إيست آي إن “المجد أوروبا” ظهرت بشكل مفاجئ، لافتًا إلى أنها تروّج منذ أشهر لقدرتها على إجلاء فلسطينيي غزة عبر وسائل التواصل.
وبحسب الموقع، فإن الفلسطينيين الذين وصلوا إلى جنوب إفريقيا إما وجدوا المنظمة بأنفسهم وطلبوا مساعدتها، أو تواصلت معهم جهات تقول إنها تمثلها. وأوضح فودة أن اللاجئين تواصلوا عبر واتساب مع شخص يعتقد أنه ممثل فلسطيني للمنظمة، دون أن تثار لديهم أي شكوك، خصوصًا مع إغلاق معبر رفح.
وختم فودة بالقول إن ما يجري يبدو استغلالًا لمعاناة الغزيين: “إسرائيل تستغل الفلسطينيين، ومن جهة أخرى هناك من يستغل الضعفاء المصابين بصدمة عامين من الإبادة، ممن فقدوا أحباءهم”.

وكشفت صحيفة “هآرتس” أن خروج مجموعات من الفلسطينيين من قطاع غزة تم تنظيمه بواسطة جمعية غامضة تحمل اسم “المجد”، والتي تصف نفسها على موقعها بأنها “منظمة إنسانية متخصصة في مساعدة وإنقاذ المجتمعات المسلمة في مناطق القتال”.
وتبيّن أن الجمعية يقودها تومر يانار ليند، الحاصل على الجنسيتين الإسرائيلية والإستونية. وأفاد التحقيق أن مديرية الهجرة الطوعية في وزارة الجيش الإسرائيلي أحالت الجمعية إلى “منسق أعمال الحكومة” بهدف تنسيق خروج سكان غزة طوعًا من القطاع.




