أخبار

هل تحولت أفغانستان إلى ساحة نفوذ هندية وباكستانية وإقليمية؟

علي زم – مراسلين

يمثل فشل مفاوضات السلام بين باكستان وأفغانستان في إسطنبول نقطة تحول في التوترات الحدودية بين البلدين، ويشيع شبح الحرب من كابول إلى إسلام آباد. جاءت هذه المفاوضات، التي توسطت فيها تركيا وقطر واستندت إلى اتفاق وقف إطلاق النار في الدوحة، بهدف إقامة سلام مستدام بعد الاشتباكات الدامية في أكتوبر، لكنها وصلت إلى طريق مسدود بسبب اتهامات متبادلة بشأن دعم حركة طالبان باكستان. وأفادت قناة الجزيرة بأن باكستان اتهمت طالبان بإيواء قادة حركة طالبان باكستان، في حين اتهمت طالبان باكستان بانتهاك السيادة الوطنية عبر الهجمات بطائرات مسيرة.

بدأت الاشتباكات في 9 أكتوبر بانفجارات في كابول أسفرت عن مقتل 50 مدنياً أفغانياً وإصابة 23 جندياً باكستانياً. وتنفي طالبان الاتهامات، معتبرة أن حركة طالبان باكستان كانت موجودة قبل وصولها إلى السلطة، وأن باكستان هي المسؤول عن زعزعة الاستقرار. وقال رئيس وزراء باكستان إن طالبان لم تلتزم بالتزامات الدوحة لعام 2021. وبسبب هذا الفشل، تحولت الحدود التي تمتد 2600 كيلومتر إلى بؤرة عدم استقرار، فيما عمّق نفوذ الهند الذي تعتبره باكستان العامل الرئيسي التوتر والخلافات.

وقالت وكالة خبر أونلاين في تقرير ترجمته ميدل ايست نيوز، إن الاتهامات المتبادلة بشأن حركة طالبان باكستان ليست مجرد خلاف دبلوماسي، بل أداة لكل طرف لتبرير سياساته الداخلية والخارجية، ما يخلق دورة من عدم الثقة تؤدي إلى انسداد المفاوضات. اتهمت باكستان طالبان بإيواء قادة حركة طالبان باكستان في المناطق الحدودية، وقال شهباز شريف، رئيس وزراء باكستان، إن طالبان لم تلتزم بتعهدات الدوحة 2021 وتستخدم حركة طالبان باكستان من أفغانستان لمهاجمة باكستان. وفي المقابل، نفت طالبان هذه الاتهامات واعتبرت حركة طالبان باكستان جماعة سبق وصولها إلى الحكم، محمّلة باكستان مسؤولية عدم الاستقرار.

وتعتبر حركة طالبان باكستان أداة لطالبان للضغط على إسلام آباد، واتهمت الأطراف بعضهم بعضاً ما أدى إلى انسداد مفاوضات إسطنبول، وجعل الحدود الطويلة مركزاً للنزاع وميادين حرب بالوكالة بين البلدين.

دور الوساطة التركية والقطرية
نجحت الوساطة التركية والقطرية في الحفاظ على وقف إطلاق النار مؤقتاً، لكنها لم تحقق نتائج في مفاوضات إسطنبول بسبب غياب آليات تنفيذية، ما أدى إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار. استندت المفاوضات إلى اتفاق الدوحة، لكنها انتهت بدون حلول عملية. وأكد الرئيس التركي أردوغان استمرار دور تركيا، فيما حافظت قطر على الوساطة في وقف إطلاق النار، إلا أن طالبان اعتبرتها مسؤولية باكستان. ويعود هذا الدور إلى استراتيجية تركيا لتعزيز القوة السنية، لكن فشل إسطنبول جاء نتيجة غياب الرقابة الفعلية، لأن الوساطة جزء من الدبلوماسية النشطة.

التداعيات الجيوسياسية لسقوط مفاوضات إسطنبول
يقول محللون إن فشل مفاوضات إسطنبول أدى إلى إعادة رسم ميزان القوى في جنوب آسيا لصالح لعبة إقليمية جديدة، حيث تدير الهند وباكستان صراعاتهما عبر وكلاء أفغان، فيما تؤثر قوى كبرى مثل الولايات المتحدة والصين بمصالحها في الطاقة والنفوذ على هذا التوازن.

وتعمل الهند على تحقيق أهدافها من خلال إعادة بناء سفارتها ودعم غير مباشر للمتمردين البلوش. وترى باكستان حركة طالبان باكستان كذراع للهند وترد باستخدام الطائرات المسيرة. وقد تحولت الحدود إلى ساحة لوكلاء مسلحين، فيما تدعم الولايات المتحدة باكستان وتعزز الصين طالبان. هذا التنافس بين الهند وباكستان مع المصالح الاستراتيجية لأمريكا والصين يحوّل الأزمة الداخلية في أفغانستان إلى ساحة حرب بالوكالة، يصعب حلها دون مراعاة هذه التعقيدات الإقليمية والدولية.

بشكل عام، جعل فشل مفاوضات إسطنبول اتهامات حركة طالبان باكستان عاملاً رئيسياً في تصاعد التوتر، وربط خرق وقف إطلاق النار بالاضطرابات الاقتصادية، فيما فشلت الوساطة التركية والقطرية في الحفاظ على التوازن بسبب غياب الرقابة. كما حول نفوذ الهند هذه المحاور إلى لعبة وكلاء ضد باكستان والهند.

ويتوقع خبراء أن يستمر الصراع الدائم بين “الوكلاء”، وهو سيناريو محتمل في المستقبل يمكن للدول من خلاله استخدام جماعات أيديولوجية للضغط العسكري والأمني على الدول غير الصديقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews