تقارير و تحقيقات

حوار خاص مع وزيرة الرعاية الاجتماعية السودانية د. سليمى إسحاق

الصراع في السودان يرفع منسوب الهشاشة ويدفع النساء ثمناً باهظاً مقابل صمودهن

نشوة أحمد الطيب_ خاص مراسلين

في حوار خاص أجرته شبكة “مراسلين” مع وزيرة الدولة بوزارة الرعاية الاجتماعية السودانية، د. سليمى إسحاق، أجابت الوزيرة على سلسلة من الأسئلة التي وُجّهت إليها بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، متطرقةً إلى واقع النساء في السودان خلال عامٍ اتسم بأحد أكثر فصول العنف دموية، وإلى ما تكشفه الحرب من هشاشة منظومات الحماية، وجهود الوزارة في مواجهة تصاعد الانتهاكات.

وعن سؤال: «في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، كيف تصفون وضع النساء في السودان خلال عامٍ شهد واحداً من أكثر فصول العنف دموية؟» قالت الوزيرة إن الحرب الدائرة «تجعل النساء أكثر هشاشة من أي وقت مضى»، مؤكدةً أن تصاعد العنف بلغ مستويات مروعة في مناطق النزاع، وأن المشهد في مدينة الفاشر «من أكثر المشاهد ترويعاً»، إذ تقارب أعداد الضحايا فيها حصيلة ما سُجل في السنوات الثلاث الماضية. وأوضحت أن الهجوم على الفاشر كان «انتقامياً خالصاً، وهو الأكثر دموية».

وردّاً على سؤال: «ما الدروس التي تكشفها الحرب عن هشاشة حماية النساء في السودان؟» أشارت إلى أن الحرب كشفت بوضوح ضعف الحماية المؤسسية والاجتماعية، وأن الوضع يستدعي «رفع منسوب المناصرة على المستويات العالمية والإقليمية والقومية» لتعزيز منظومات الدولة وقدرتها على حماية النساء في أوقات النزاع.

وحول سؤال: «هل رصدت الوزارة زيادة في أنماط العنف القائم على النوع خلال النزاع؟» قالت الوزيرة إن الجهات المختصة رصدت بالفعل أنماطاً متعددة من الانتهاكات، لم تقتصر على العنف الجنسي، بل شملت العنف الأسري والاقتصادي، إذ تُجبر النساء على تقديم مواردهن تحت الضغط، فيما تزيد الهشاشة من تعرضهن للتحرش والانتهاكات حتى في المناطق الآمنة. وأضافت أن الابتزاز بات أحد أكثر الانتهاكات انتشاراً، ويمارس أحياناً من قبل أشخاص يمتلكون سلطة أو يوزعون مساعدات إنسانية. وتطرقت في هذا السياق إلى حالات مأساوية مثل وفاة طبيبة في مدينة مروي السودانية ووفاة شابة في ولاية النيل الأبيض ، وهي قضية «عملت عليها الوحدة المختصة حتى تحقيق العدالة والقبض على الجناة». وشددت على وجود أنماط أخرى غير مُبلّغ عنها، إذ تتجنب كثير من النساء اللجوء للشرطة.

وعن سؤال: «كيف ستترجم الوزارة شعار هذا اليوم العالمي إلى إجراءات ملموسة؟» قالت إن دور الوزارة في هذه المرحلة يتمثل في «تعزيز أشكال الحماية القائمة»، وليس تقديم الحماية المباشرة، التي تُسند لجهات أخرى. وأكدت أن الوحدات الولائية تقدّم الدعم النفسي وتتابع مسارات الإحالة إلى الخدمات، وتسعى إلى رفع قدرات العاملين في مجال الحماية.

وبالإجابة على سؤال: «ما أولوياتكم العاجلة لمعالجة الانتهاكات خلال الحرب؟» ذكرت الوزيرة أن الأولويات تتمثل في توطين الخدمات، وتعزيز الوصول إليها، والتعاون مع وزارة الصحة لتجميع الخدمات الطبية والنفسية والقانونية في مكان واحد، بما يسهل وصول النساء إلى العدالة. وأكدت أن الدعم الحكومي المُعلن قد يشكل خطراً على المستفيدات في بعض الولايات.

وحول سؤال: «إلى أي مدى نجحت الوزارة في توفير حماية فاعلة، وما الثغرات؟» اعترفت الوزيرة بأن الجهود تواجه «ثغرات كبيرة» بسبب نقص التمويل وفقدان البنية التحتية والخبرات. وأوضحت أن مشاريع البيوت الآمنة لم تنجح كما ينبغي في بداياتها، لكن هناك مساعٍ لإعادة هيكلتها لتكون جزءاً من منظومة خدمات متكاملة.

وعن سؤال: «كيف تُخطط الوزارة لاستخدام هذا الحدث لتسليط الضوء على الانتهاكات؟» قالت إن اليوم العالمي يشكل منصة مهمة لكشف ما تتعرض له النساء السودانيات، وللتأكيد على أن الحرب ليست مجرد سياق عنف، بل سياق يفترض إعادة تعريف حقوق النساء ومكتسباتهن.

وردّاً على سؤال: «هل هناك خطط لإطلاق حملات أو برامج خاصة بالنساء المتأثرات بالنزاع؟» أشارت الوزيرة إلى وجود «خطة قومية لإنهاء العنف الجنسي»، نتجت عن الاتفاق الإطاري الموقع في 15 أبريل مع مكتب الأمين العام الخاص بمنع العنف الجنسي في النزاع. وقالت إن الخطة شارك في وضعها المستوى الحكومي والمجتمع المدني والمنظمات، وتتضمن إصلاحات عدلية وتوسيع الوصول للخدمات وتدعيم الدور المجتمعي.

وعن سؤال: «كيف تضمن الوزارة وصول الدعم إلى الناجيات في المناطق المتأثرة بالقتال؟» أكدت أن توطين الخدمات في مراكز الرعاية الصحية الأساسية المنتشرة جغرافياً يسهم في وصول النساء إلى الدعم دون الحاجة لعبور مناطق خطرة، مع توفير خدمات شاملة تساعدهن على اتخاذ قرار اللجوء للعدالة.

أما سؤال: «ما رسالتكم للنساء السودانيات في هذا اليوم العالمي؟» فأجابت الوزيرة بأن النساء «لسن ضحايا بل ناجيات»، وأنهن رغم الألم «وقفن على أقدامهن وعملن على حماية أسرهن ومجتمعاتهن»، كما فعلت نساء الفاشر اللواتي قطعن مسافات طويلة لإنقاذ الآخرين. وقالت إن النساء دفعن ثمناً باهظاً، «لكن عليهن أن يخرجن من الحرب بمكتسبات قانونية ومؤسسية واجتماعية واسعة، لأنهن يستحقن ذلك».

وفي ختام حديثها، شددت د. سليمى إسحاق على أن صمود النساء السودانيات ليس مجرد فعل مقاومة، بل «ركيزة أساسية لإعادة بناء المجتمع»، مؤكدة أن ما كشفته الحرب من هشاشة الحماية يجب أن يتحول إلى نقطة انطلاق لإصلاح عميق يعيد للنساء حقهن في الأمان والعدالة والكرامة.

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews