الرئيس التونسي يستدعي سفير الاتحاد الأوروبي اعتراضًا على لقائه بقيادة اتحاد الشغل

أمل صالح- مراسلين
استدعى الرئيس التونسي قيس سعيّد سفيرَ الاتحاد الأوروبي في تونس ليبلغه احتجاجًا رسميًا، معتبرًا أن لقاء السفير بالأمين العام لاتحاد الشغل تمّ “خارج الأطر الدبلوماسية المتعارف عليها”، وذلك في خضمّ تصاعد التوتر بين السلطة والمنظمة النقابية الأكبر في البلاد.
وتعكس هذه الخطوة — وفق مراقبين — اتساع الهوّة بين تونس وعدد من شركائها الأوروبيين، في ظل انتقادات متزايدة لسياسات الحكومة تجاه المجتمع المدني والمعارضة.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان صادر اليوم الأربعاء إن الرئيس سعيّد عبّر للسفير عن “احتجاج شديد اللهجة” بسبب تجاوز ما اعتبرته الضوابط الدبلوماسية والإجراءات الرسمية الواجب احترامها.
وتزامن هذا التصعيد مع حملة تشنّها السلطات ضد منظمات مدنية بدعوى تلقي تمويلات أجنبية مخالفة، وهي حملة أسفرت عن تعليق أعمال عدة منظمات، بينها “النساء الديمقراطيات” و”صحفيو نواة” و”المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”.
وفي تقرير حديث، قالت منظمة العفو الدولية إن القيود المفروضة على المجتمع المدني بلغت مستوى “خطيرًا”، مشيرة إلى اعتقالات، وتجميد أصول، وقيود مالية، وتعليق نشاط 14 منظمة غير حكومية.
ورغم عدم صدور قرارات مباشرة بحق اتحاد الشغل، الذي يضم نحو مليون منخرط، فإن المنظمة النقابية تقول إنها تواجه تضييقات على العمل النقابي، وتراجعًا من جانب السلطات عن التزامات واتفاقات سابقة، وامتناعًا عن التفاوض في ملفات عالقة.
وكان الاتحاد قد لوّح الشهر الجاري بتنظيم إضراب عام “دفاعًا عن الحقوق النقابية”، في ظل أزمة اقتصادية وسياسية خانقة أدت إلى موجة احتجاجات شملت نقابات وصحفيين وقطاعات مهنية مختلفة.
والتقى سفير الاتحاد الأوروبي، جوزيبي بيرّوني، يوم الاثنين، بالأمين العام نور الدين الطبوبي، مؤكّدًا تقديره للدور التاريخي للاتحاد في الحوار الوطني الذي توّج بجائزة نوبل للسلام عام 2015، ومبرزًا أهمية استمرار التعاون مع مكوّنات المجتمع المدني.
وتشهد العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي — شريكها التجاري الأول وحليفها التقليدي — فتورًا متزايدًا منذ استحواذ سعيّد على معظم السلطات في 2021 واعتماده الحكم بالمراسيم، وهي خطوة تصفها قوى المعارضة بـ”الانقلاب على الدستور”.
وفي سياق متصل، خرجت السبت الماضي مظاهرات ضخمة في العاصمة، انطلقت من ساحة حقوق الإنسان بمشاركة مئات النشطاء والسياسيين، رُفعت خلالها شعارات تطالب بعودة الحريات ووقف التضييق على المنظمات المدنية، والسماح بالعمل الحزبي، والإفراج عن “السجناء السياسيين وسجناء الرأي”.
كما حمل المتظاهرون لافتات تقول “الشعب يريد إسقاط النظام” و”شغل.. حرية.. كرامة وطنية” و”لا للظلم”، فيما يؤكد الرئيس سعيّد وأنصاره أن الحريات مصونة بالدستور وأن جميع الإجراءات المتخذة تندرج ضمن إطار القانون.



