أخبارتركياسياسة

اختراق في قلب إسطنبول.. أنقرة تفكك “خلية ظل” إماراتية استهدفت أسرار الصناعات الدفاعية

ضيف الله الطوالي – مراسلين

في عملية أمنية وصفت بـ”النوعية” هزت الأوساط الأمنية والدبلوماسية في آن واحد، أسدلت السلطات التركية، أمس الثلاثاء، الستار على فصل جديد من “حرب الظل” الاستخباراتية، بإعلانها تفكيك خلية تجسس نشطة في قلب إسطنبول، كانت تعمل بتوجيهات مباشرة لصالح جهاز المخابرات الإماراتي، مستهدفةً “الدرة المكنونة” للاقتصاد التركي: الصناعات الدفاعية.

الصيد الثمين

لم يكن صباح الثلاثاء عادياً في أروقة قصر العدل بإسطنبول؛ فقد كشف مكتب المدعي العام، بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات الوطنية (MIT) وشعبة مكافحة الإرهاب، عن نجاح عملية تعقب دقيقة أفضت إلى توقيف ثلاثة مسؤولين تنفيذيين في شركات دفاعية حساسة، بينما صدرت مذكرة توقيف دولية بحق “العنصر الرابع” الفار خارج البلاد.

الرواية الرسمية التي بدأت تتكشف خيوطها تشير إلى أن المشتبه بهم لم يكونوا مجرد هواة، بل شغلوا مواقع قيادية مكنتهم من الوصول إلى بيانات “شديدة السرية”. الهدف لم يكن معدات عسكرية فحسب، بل “العقول المدبرة”؛ حيث ركزت الشبكة على جمع السير الذاتية والمعلومات الشخصية لموظفي الصناعات الدفاعية ومسؤولين في وزارة الخارجية، في محاولة لكشف الهيكلية البشرية التي تقود صعود تركيا العسكري.

التكتيك السيبراني

ما أضفى طابعاً سينمائياً على العملية هو الأسلوب المبتكر الذي انتهجته الشبكة. وبحسب التحقيقات، تجاوزت الخلية أساليب التجسس التقليدية، حيث قام العناصر بشراء خط هاتف (GSM) تابع لشركة اتصالات تركية، ونقلوه فعلياً إلى دولة الإمارات لتسليمه لضباط المخابرات هناك، ليكون قناة اتصال آمنة ومضللة.

ولم يتوقف الدهاء الاستخباراتي عند هذا الحد، بل استخدمت الشبكة هذا الرقم، إلى جانب حسابات وهمية، لانتحال صفات شخصيات اعتبارية والتواصل مع أهداف حساسة، بما في ذلك استخدام رقم هاتفي مسجل باسم وزارة الخارجية التركية لاستدراج الضحايا والحصول على المعلومات.

“البيان المحذوف” والدبلوماسية الحرجة

على الصعيد السياسي، أثارت الحادثة ارتباكاً ملحوظاً يشير إلى حساسية الموقف الدبلوماسي بين أنقرة وأبوظبي. فقد نشر مكتب المدعي العام في إسطنبول بدايةً بياناً صريحاً يتهم الموقوفين بالعمل لصالح “المخابرات الإماراتية”، قبل أن يتم حذف البيان واستبداله بنسخة معدلة خلت من ذكر اسم الدولة، واكتفت بالإشارة إلى “جهات أجنبية”.

هذا التذبذب في التصريحات يفتح الباب واسعاً أمام التكهنات حول عودة التوتر للعلاقات التي شهدت تطبيعاً ودفئاً منذ عام 2022. ويرى مراقبون أن استهداف قطاع الصناعات الدفاعية – الذي حقق لتركيا صادرات تجاوزت 7 مليارات دولار هذا العام – يمثل “خطاً أحمر” بالنسبة لأنقرة، قد يعيد خلط الأوراق في المنطقة، خاصة مع تلميحات الإعلام التركي بوجود ملفات شائكة أخرى كالدعم المقدم في الصراع السوداني.

وبينما يلتزم الجانب الإماراتي الصمت حتى اللحظة، تبقى العيون شاخصة نحو إسطنبول، حيث لا تزال التحقيقات جارية لكشف عمق الاختراق، في قضية تؤكد أن الحروب الحديثة لا تدور رحاها في ميادين القتال فحسب، بل خلف شاشات الحاسوب وفي أروقة الشركات الكبرى.

Rita Abiad

صحفية وباحثة في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، مهتمة بتغطية الأخبار الرياضية وتحليلها بالإضافة الى خبرة في إدارة منصات التواصل الإجتماعي وانتاج محتوى تحريري بدقة عالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews