تقارير و تحقيقات

متى تستعيد عدن نورها؟؟

كهرباء عدن بين واقع مظلم..ووعود حكومية بمرحلة جديدة عام 2026

تقرير: منال أمين- مراسلين

عدن- في الوقت الذي تغرق فيه مدينة عدن جنوب اليمن، العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً، في أزمة كهرباء خانقة منذ سنوات طويلة، تتصاعد معاناة المواطنين يوماً بعد آخر، وبين صيف لاهب وشتاء خانق، ترتفع ساعات الانقطاع بلا أي حلول جذرية تلوح في الأفق، فيما تظل المشاريع والمؤتمرات والاتفاقيات الموقعة منذ سنوات مع دول وجهات داعمة رهينة الأدراج.. الأمر الذي جعل سكان المدينة يتساءلون: متى تستعيد عدن نورها؟

تاريخياً، كانت عدن أول بوابة دخلت منها الكهرباء إلى اليمن؛ ففي عام 1926م أنشأت السلطات البريطانية أول محطة لتوليد الطاقة في منطقة حجيف، وكانت محطة بخارية بقدرة 3 ميغاوات، شكلت نقلة حضارية مهمة في ذلك الوقت، ومع قيام دولة الاستقلال، صدر القرار رقم 38 لعام 1969م القاضي بإنشاء الهيئة العامة للقوى الكهربائية، التي توسعت مهامها تدريجياً لتغطي المحافظات الجنوبية والشرقية، واضعة الأساس لمنظومة كهربائية كان ينتظر تطويرها عبر العقود.

2026 عام الكهرباء
رغم هذا التاريخ الطويل، لا تزال عدن حتى اليوم تبحث عن ضوء لا ينطفئ، و حلول تنهي هذه المعاناة ، واليوم، جاء تصريح رئيس الوزراء اليمني المعترف به دولياً، سالم بن بريك، خلال افتتاح المؤتمر الوطني الأول للطاقة المستدامة في عدن، الذي نظم أمس الأربعاء 26 نوفمبر ، ليعيد تسليط الضوء على آمال تحسين قطاع الكهرباء، فقد أكد أن عام 2026 سيكون عام الكهرباء في المحافظات اليمنية.

دعم إماراتي
وأشار بن بريك إلى أن الحكومة تسير بخطى واضحة لتنفيذ إصلاحات جذرية تهدف إلى رفع كفاءة الإنتاج وتحسين الخدمة بما يلامس احتياجات المواطنين ويعزز الاستقرار، وكشف أن الإمارات العربية المتحدة قدمت وعداً بدعم يصل إلى مليار دولار لتعزيز قطاع الكهرباء والطاقة و مشروع منظومة عدن للطاقة بالرياح، ليمثل هذا الدعم دفعة قوية لإنعاش القطاع ـ حسب تصريحه ـ ومع ذلك، تظل التحديات قائمة في ظل التأخر المزمن للمشاريع وغياب الشبكات المهيأة لاستيعاب توسع إنتاج الطاقة.

مؤتمر الطاقة المستدامة في عدن، الذي ينعقد بين 26 و27 نوفمبر، يناقش الإصلاحات الهيكلية لقطاع الكهرباء وآليات جذب التمويل المحلي والخارجي لمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يستند إلى خطة زمنية من أربع مراحل تشمل: المرحلة الحرجة حتى عام 2028، ومرحلة المدى القريب بين 2028 و2030، ومرحلة المدى المتوسط بين 2030 و2032، ثم المرحلة البعيدة لما بعد 2032.

في المؤتمر أكد علي الشمري، الرئيس التنفيذي لشركة GSU الإماراتية، أن من أبرز المشاريع المنتظرة في عدن مشروع “مصفوفة عدن للرياح”، الذي يتوقع أن يعزز قدرات الطاقة في عدن، ويرفع مستوى الاستقرار الكهربائي، ويحد من الاعتماد على الوقود التقليدي.

تحول حقيقي
يرى نشطاء العمل المجتمعي في عدن أن التعهدات المقدمة لليمن تمثل من أهم أشكال الدعم الموجهة لتحسين الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها قطاع الكهرباء، وبرغم أن مثل هذه الوعود لم تترجم على أرض الواقع منذ سنوات طويلة، فإن التعهد الأخير يبعث قدراً كبيراً من التفاؤل بإمكانية إحداث تحول حقيقي في البنية التحتية الكهربائية خلال الفترة المقبلة، خاصة و أن البلاد أصبحت في أمس الحاجة إلى حلول طويلة الأمد تنهي أزمات الانقطاع المتكررة، وتدعم الاستقرار الاقتصادي والخدمي، ما يجعل أي التزام جاد خطوة ضرورية نحو تغيير طال انتظاره.

خطوة إيجابية
وحول التصريحات التي ألقيت في مؤتمر الطاقة ، كان للكاتب والمحلل السياسي المتخصص في الشأنين السياسي والاقتصادي ، ياسر اليافعي ، رأي متفائل، إذ أشار في منشور له عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، أن ما يميز مؤتمر الطاقة اليوم أنه أول مؤتمر يقدم فيه تصور واضح بزمن محدد وأهداف محددة وفي قطاع بعينه.
لافتاً أن الحديث عن دعم جديد لمسار الطاقة النظيفة خطوة إيجابية مهمة، يفترض بالحكومة أن تبني عليها، عبر تخصيص مشاريع مباشرة في هذا المجال، خصوصًا في محافظات لحج وأبين والضالع وقراهم، إلى جانب وضع خطة متكاملة لحل أزمة الكهرباء في حضرموت باعتبارها أكبر المحافظات مساحة وأكثرها معاناة، رغم ما تمتلكه من ثروات ومصادر دخل متعددة.
وتمنى أن يستثمر الدعم الإماراتي الجديد بما يخدم عدن وبقية المحافظات، وألا تكتفي الحكومة بالاعتماد عليه فقط، بل يجب أن تكون لديها خطط وبرامج واضحة لتعزيز منظومة الطاقة في المدن الرئيسية، لأنها الأساس لأي تنمية حقيقية وأي استقرار طويل الأمد.

الكاتب والمحلل السياسي والاقتصادي/ ياسر اليافعي

وعود متكررة
من رأي مختلف، ذكر الصحفي بديع سلطان لشبكة “مراسلين”، أن الوعود الرسمية المتكررة بتحسين خدمة الكهرباء في عدن وبقية المحافظات اليمنية منذ سنوات ما تزال حبيسة التصريحات و الأدراج ، وللأسف لم تترجم إلى واقع ملموس يخفف من معاناة المواطنين أو ينهض بالقطاع الكهربائي للأفضل، خاصة في مدينة عدن التي تعاني صيفاً قاسياً وارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة، وقد استشهد بالمثل القائل: “نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً”.
وقال: ” أننا لا نهدف إلى انتقاد هذه التصريحات الحكومية بحد ذاتها، إلا أن الأمل يظل قائماً بأن تتحول من مجرد تعهدات متكررة إلى خطوات فعلية تسهم في تحسين خدمة الكهرباء وبقية الخدمات العامة”.

الصحفي/ بديع سلطان

وبين أن الحياة اليومية للمواطن أصبحت أكثر صعوبة في ظل تردي الخدمات الأساسية وانقطاع الرواتب، ما يجعل الوفاء بهذه الوعود ضرورة ملحة لا يحتمل الواقع تأجيلها.
وبين تاريخ مضيء ووعود جديدة، يقف المواطن اليوم في مدينة عدن العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً، أمام سؤال مفتوح: هل يصبح عام 2026 بالفعل عام الكهرباء الذي طال انتظاره، أم سيظل الحلم مؤجلاً كما حدث في الأعوام الماضية؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews