أخبار

تقارير استقصائية تكشف: نفط ليبي مُهرّب يموّل نفوذًا إماراتيًا – روسيًا في قلب أفريقيا

ممدوح ساتي -مراسلين

كشفت معلومات استقصائية جديدة عن شبكة تهريب وقود واسعة يقودها اللواء خليفة حفتر في شرق ليبيا، تُستخدم — بحسب مصادر مطلعة — في تمويل عمليات نفوذ عسكرية ولوجستية لكل من الإمارات وروسيا في مناطق مضطربة داخل أفريقيا جنوب الصحراء.

وتقدّر الخسائر الليبية من عمليات التهريب بأكثر من 6.7 مليار دولار سنويًا، وسط اتهامات بأن النفوذ الإماراتي في الشرق الليبي أصبح عاملًا مباشرًا في زعزعة الاستقرار الإقليمي داخل تشاد والنيجر والسودان والساحل الأفريقي.

شبكة الظل: كيف تحوّل النفوذ الإماراتي في شرق ليبيا إلى بوابة لزعزعة استقرار أفريقيا؟

في شرق ليبيا، حيث يبسط اللواء خليفة حفتر نفوذه العسكري، تتكشف شبكة معقدة من المصالح العابرة للحدود، تمتد من موانئ الهلال النفطي إلى صحارى تشاد والنيجر والسودان، وصولًا إلى مراكز انتشار القوات الروسية في أفريقيا جنوب الصحراء.
تُظهر المعلومات الاستقصائية أن هذه الشبكة تعتمد بشكل رئيسي على تهريب النفط والوقود الليبي، الذي تحوّل إلى مصدر تمويل رئيسي لعمليات عسكرية وإمداد لوجستي يخدم مصالح الإمارات وروسيا في مناطق غير مستقرة بالقارة الأفريقية.

تهريب منظم… وشبكات محمية بالسلاح

يسيطر حفتر على أغلب حقول وموانئ الشرق، وقد أصبحت هذه السيطرة — وفق تقارير دولية — مظلة لعمليات تهريب وقود تُنفّذ عبر شبكات مرتبطة بقياداته العسكرية، وتتحرك عبر الصحراء نحو تشاد والنيجر والسودان.
تُقدّر الخسائر الليبية السنوية من هذا النزيف بأكثر من 6.7 مليار دولار، وهو رقم يكشف حجم اقتصاد موازٍ قائم على التهريب، ينمو كلما تمدّد نفوذ حفتر العسكري المدعوم سياسيًا وماليًا ولوجستيًا من الإمارات.

الإمارات… الممول الصامت لشبكات النفوذ

ترتكز القوة الإماراتية على ركيزتين أساسيتين:

  1. الدعم المباشر لسلطة حفتر

تقدم أبوظبي دعمًا ثابتًا لحفتر يشمل تجهيزات عسكرية وطائرات مُسيّرة وتمويلًا ثابتًا للعمليات اللوجستية في الشرق.
هذا الدعم — بحسب مصادر أممية — هو ما جعل قواته قادرة على فرض سيطرتها على البنية الحيوية لقطاع النفط، ثم تحويل هذه السيطرة إلى ممر لاقتصاد التهريب.

  1. الاستفادة من موارد النفط غير المُعلن

تُظهر المعطيات أن شبكات تهريب الوقود التي تتدفق من مناطق حفتر مرتبطة بجهات تُعدّ قريبة من دوائر النفوذ الإماراتي داخل ليبيا.
وتُستخدم هذه الشبكات في تمويل عمليات نفوذ إماراتية في أفريقيا، خاصة في مناطق الصراعات الهشة مثل الساحل، القرن الأفريقي، وغرب السودان.

حلقة الوصل: روسيا واستراتيجيتها في أفريقيا

تؤكد تقارير أممية أن روسيا تستفيد مباشرة من الوقود الليبي المهرّب، الذي يمكّن قواتها وشركاتها العسكرية من تنفيذ أنشطتها في مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى.
هذا الارتباط خلق تشابكًا إماراتيًا–روسيًا:
الإمارات توفر النفوذ والغطاء، وروسيا توفر القوة الميدانية.
والوقود الليبي المهرّب هو ما يُبقي تلك الآلة دائرة.

من شرق ليبيا إلى قلب أفريقيا… تأثير متسلسل

نتيجة هذا النفوذ المركّب، بدأ تأثير أبوظبي يمتد عبر مسارات التهريب إلى العمق الأفريقي:

في تشاد: ازدهرت نشاطات التهريب التي تُستخدم في تمويل جماعات مسلحة على حدود ليبيا.

في النيجر: ظهرت شبكات تجارية موازية مرتبطة بخطوط صهاريج الوقود القادمة من ليبيا.

في السودان: تُتهم مليشيا الدعم السريع بالاستفادة من تدفقات الوقود المهرب لدعم عملياتها في دارفور وكردفان.

وتشير مصادر استخباراتية إقليمية إلى أن التأثير الإماراتي عبر حفتر أصبح عنصرًا في زعزعة الاستقرار الأفريقي، من خلال تمكين وكلاء محليين، وتسهيل شبكات مالية ولوجستية تغذي صراعات ممتدة.

اقتصاد الفوضى… والنتيجة: تهديد شامل للأمن الإقليمي

مهما بدت الصورة معقدة، يبقى الخيط الرئيسي واضحًا:
النفط الليبي المنهوب أصبح جزءًا من معادلة أمنية خطيرة تربط الخليج بليبيا وبعمق أفريقيا.

القوى المسلحة تستفيد.

الاقتصاد الليبي ينهار.

القارة الأفريقية تدفع ثمنًا مضاعفًا من أمنها واستقرارها.

ومع غياب دولة ليبية موحدة، تنمو هذه الشبكات يومًا بعد آخر، وتتعزز سلطة الأطراف الخارجية — وعلى رأسها الإمارات — في تشكيل مسارات الفوضى داخل واحدة من أكثر مناطق العالم هشاشة.

ما يجري ليس مجرد “تهريب وقود”
بل مشروع نفوذ إقليمي واسع، تُستخدم فيه موارد ليبيا كوقود لصراعات تمتد آلاف الكيلومترات جنوبًا.

وحتى تتوقف هذه الشبكة، تظل أفريقيا مكشوفة أمام تأثيرات خارجية تعيد رسم خريطتها الأمنية على حساب شعوبها واستقرارها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews