تحليق منخفض لمقاتلة في سماء طهران.. ما القصة؟

علي زم – مراسلين
طهران – فوجئ سكان العاصمة الإيرانية طهران ظهر يوم الأربعاء 26 نوفمبر بصوت غريب في سماء المدينة. خلال دقائق قليلة، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتكهنات حول احتمال تعرّض إيران لهجوم جديد من إسرائيل. وبعد فترة قصيرة، أعلنت القوات الجوية للجيش الإيراني أن «مقاتلة من طراز ميغ 29 تابعة لسلاح الجو، وأثناء تنفيذ مهامها اليومية، عبرت أجواء طهران». وأكدت أن هذه التحليقات، إلى جانب طلعات أخرى لمقاتلات الجيش الإيراني، تأتي في إطار الحفاظ على أمن الأجواء. لذلك، قالت إن هذه الإجراءات معتادة وستستمر في المستقبل.
وقال موقع “رويداد 24” الإيراني في تقرير ترجمه “ميدل إيست نيوز” إن الحدث، رغم القلق الذي أثاره بين سكان طهران، يعكس حالة الأجواء الإيرانية بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً. وفي وقت سابق، أبلغ سكان مدينة مشهد أيضاً عن تحليق مقاتلات فوق المدينة.
ماذا نعرف عن طراز ميغ 29؟
تُعد مقاتلة “ميغ 29” واحدة من أهم طائرات سلاح الجو الإيراني. وقد اشترتها إيران من الاتحاد السوفيتي عام 1989. وبحسب موقع «جنكاوران»، فإن النسخ التي تسلمتها إيران كانت أكثر تطوراً مقارنة بتلك التي أُرسلت إلى العراق وسوريا. كما كانت أقرب في مواصفاتها للطائرات المصدّرة إلى دول أوروبا الشرقية.
دخلت المقاتلة الخدمة في قاعدة تبريز عام 1992. وبعد سنوات، نُقل قسم منها لاحقاً إلى طهران. ونظراً لعدم توافق محركات RD-33 مع الطقس الحار، كان تمركزها في تبريز ضرورياً خلال فترة الخدمة الأولى.
في أوائل التسعينيات، سعت إيران إلى شراء 24 مقاتلة إضافية من الطراز نفسه. إلا أن الخطة توقفت بسبب الضغوط الأمريكية على طهران. ولاحقاً حاولت إيران الحصول على 21 مقاتلة “ميغ 29 أس” من سلاح الجو المولدوفي. ولكن الولايات المتحدة اشترت الطائرات الـ21 مع 700 صاروخ جو–جو لمنع وصولها إلى إيران.
ووفق تقرير موقع «Flight Global»، يملك سلاح الجو الإيراني عام 2023 نحو 19 مقاتلة “ميغ 29” جاهزة للعمل. وتتمركز هذه الطائرات حالياً في السرب 11 القتالي في مطار مهرآباد بطهران. كما يتواجد بعضها في السرب 23 بمدينة تبريز.
مقاتلات إسرائيلية على الحدود
يبدو أن هذا التحليق كان رداً غير مباشر على ما حدث مساء الثلاثاء عند الحدود الإيرانية–العراقية. ففي الساعات الأولى من صباح الأربعاء 26 نوفمبر، حلّقت مقاتلات إسرائيلية داخل الأراضي العراقية وعلى امتداد الحدود مع إيران. ولم تكن هذه المرة الأولى خلال الأسابيع الأخيرة التي تنفذ فيها إسرائيل طلعات مماثلة.
وذهب بعض مستخدمي مواقع التواصل إلى مقارنة هذه التحركات بالطريقة التي سبقت الهجمات السابقة خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً. وجاء هذا مع الحديث المتزايد عن وساطة سعودية مرتقبة بين إيران والولايات المتحدة. لذلك، رأى البعض أن تل أبيب عادت إلى خيار الضغط العسكري.
وبعيداً عن هذه التفسيرات، يبدو أن إسرائيل تختبر أجواء العراق استعداداً لأي عملية مستقبلية ضد إيران. ويهدف ذلك إلى اختبار الرادارات وخلق ممر جوي محتمل. ومن الرسائل التي يمكن فهمها من هذه التحركات أن الحرب لم تنتهِ فعلياً، بل انتقلت من المواجهة المباشرة إلى مرحلة التهديد المستمر.
كما يشير مراقبون إلى أن تكرار هذه المناورات قد يجعلها أمراً عادياً. وبالتالي، قد يقلّل من مستوى الجهوزية في طهران، ما يسمح لإسرائيل بتنفيذ هجوم مفاجئ من داخل نمط يبدو متكرراً وغير مثير للريبة.
مناورة عسكرية في ذكرى تأسيس البسيج
يوافق يوم 26 نوفمبر ذكرى تأسيس قوات «البسيج» الإيرانية. وقد جاء هذا التحليق العسكري في اليوم نفسه الذي اعتادت فيه إيران تنظيم مراسم يتحدث فيها المرشد الأعلى بهذه المناسبة. ورغم مشاركة المرشد خلال الأيام الماضية في «الأيام الفاطمية العامة»، إلا أنه لم يحضر يوم الأربعاء للقاء قوات البسيج في حسينية الإمام الخميني.
يبدو أن اختيار موعد هذه المناورة الجوية في 26 نوفمبر، مع الظروف الخاصة التي أحاطت بمراسم هذا العام لإحياء ذكرى تأسيس البسيج، لم يكن أمراً عفوياً. بل يشير إلى رسائل سياسية وأمنية متقاطعة مع التطورات الإقليمية الأخيرة.



