سعيد محمد- مراسلين
أصدرت محكمة في مدينة تورينو الإيطالية حكمًا بالإفراج عن الإمام المصري محمد شاهين الذي كان محتجزًا منذ نوفمبر الماضي في مركز احتجاز المهاجرين في كالتانيسيتا (CPR)، وذلك بعدما كان ينتظر تنفيذ قرار ترحيله من إيطاليا صادرة بحقّه بقرار من وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي الذي اعتبره يشكل «تهديدًا للأمن القومي».
الأمر بدأ عندما أصدرت السلطات الإيطالية قرارًا بترحيل شاهين (47 عامًا) الذي يعمل إمامًا في مسجد سان سالفاريو في تورينو، وذلك على خلفية تصريحات أدلى بها خلال مظاهرات داعمة لفلسطين بعد هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، حيث وصف هذا الهجوم بأنه «لم يكن انتهاكًا ولا عملًا عنيفًا»، وهو ما اعتُبر حينها مبررًا لاعتباره خطرًا على الأمن العام.
محكمة الاستئناف في تورينو أيدت الطعن الذي قدمه محامو شاهين ضد قرار الترحيل واعتبرت أن دواعي «الأمن العام» لا تبرّر استمرار احتجازه، وقررت الإفراج عنه من مركز الاحتجاز لأن تصريحاته وحدها لا تشكّل تهديدًا حقيقيًا يستدعي ترحيله أو حبسه. وبناءً على ذلك غادر شاهين المركز في كالتانيسيتا بعد قضاء أكثر من شهر محتجزًا في انتظار تنفيذ القرار.
القضية أثارت جدلًا واسعًا في الساحة السياسية الإيطالية، إذ طالبت أحزاب المعارضة بتعليق قرار الترحيل وحذّرت من أن شاهين قد يواجه خطرًا جسيمًا وربما الموت في حال إعادته إلى مصر نظرًا لكونه من المعارضين البارزين لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو ما قد يعرّضه للملاحقة أو انتهاكات حقوقية.
في المقابل، هاجمت أحزاب الائتلاف الحاكم بقيادة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني قرار المحكمة ووصفت الحكم بأنه «سياسي» أكثر مما هو تطبيق للسُلطة القضائية، وأثار انتقادات حول كيفية ضمان الأمن القومي في البلاد في ظل ما اعتبرته تصريحات مثيرة للجدل.
في الوقت نفسه، أعلنت بعض الأحزاب اليسارية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني تأييدهم لقرار المحكمة باعتباره حماية لحرية التعبير وحقوق الأفراد، وقد شهدت الساحة الإيطالية مظاهرات ومطالبات بالإفراج عن شاهين ودعم حمايته من الترحيل.
هذه القضية تلقي الضوء على التوترات بين حرية التعبير والأمن القومي، وكذلك على الخلافات السياسية في إيطاليا بشأن سياسات الهجرة والتعامل مع المنتمين إلى أقليات دينية وسياسية، خاصة في سياق تداعيات النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي وتصاعد الخطاب السياسي المرتبط به في أوروبا.
