تقارير و تحقيقات

الجزائر: قانون تجريم الاستعمار الفرنسي الدلالات والآفاق

مولود سعدالله – مراسلين

الجزائر- صادق المجلس الشعبي الوطني الجزائري الأربعاء على قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، في جلسة خصصت لمناقشة أحد أبرز ملفات الذاكرة الوطنية، في خطوة تندرج ضمن مساعي الدولة لتأطير موقفها الرسمي من المرحلة الاستعمارية، وتنظيم التعاطي المؤسساتي معها في الداخل والخارج.

يجسد هذا القانون موقف الدولة الجزائرية من المرحلة الاستعمارية من خلال توصيفها كفترة شهدت، وفق ما هو موثق تاريخيا، انتهاكات جسيمة مست الإنسان والأرض والهوية، وهو توصيف يستند إلى معطيات تاريخية موثقة ويهدف إلى تثبيت إطار مرجعي رسمي للتعامل مع هذه المرحلة يكون مرجعا في السياسات العمومية والخطاب المؤسساتي.

وتتجلى الأهمية الأساسية لهذا القانون في بعده السيادي حيث يضع ملف الذاكرة ضمن نطاق القرار الوطني المستقل بعيدا عن الضغوط أو القراءات الخارجية ، فالذاكرة لا تستحضر لأغراض ظرفية، بل تدرج كجزء من الثوابت التي تبنى عليها هوية الدولة واستمرارية خطابها.

ومن الناحية الدبلوماسية يوفر القانون إطاراً مرجعياً قانونياً ينظم طريقة تعامل الجزائر مع ملف الذاكرة في علاقاتها الخارجية، خصوصا مع الدولة المعنية بالمرحلة الاستعمارية، وذلك في إطار احترام القانون الدولي ومبادئ العلاقات الثنائية ولا يفهم من هذا الإطار أي توجه نحو التصعيد، بقدر ما يعبر عن رغبة في ضبط الخطاب والحفاظ على وضوح الموقف الرسمي في مختلف المحافل.

ورغم ما يحمله القانون من دلالات رمزية إلا أن أثره العملي يظل في إطار التراكم طويل المدى إذ لا ينتج نتائج قانونية دولية مباشرة، ولا يترتب عنه أثر اقتصادي أو سياسي فوري.

وتكمن قيمته الأساسية في كونه مرجعاً داخلياً يُستند إليه عند الحاجة دون أن يتحول إلى عنصر توتر دائم.
ويبقى نجاح هذا القانون مرتبطاً بمدى مرافقة تطبيقه بخطوات عملية، تشمل دعم البحث الأكاديمي وتشجيع الدراسات التاريخية وتطوير المعالجة الإعلامية الرصينة لملف الذاكرة ، فالقانون في حد ذاته لا يغني عن العمل المعرفي والمؤسساتي الهادئ، القادر على تحويل الذاكرة إلى مجال وعي وتوثيق.

ويمكن النظر إلى قانون تجريم الاستعمار كخطوة تنظيمية وسيادية تهدف إلى تثبيت موقف الدولة من تاريخها مع الحفاظ على التوازن بين الوفاء للذاكرة الوطنية، ومتطلبات الاستقرار ومصالح الدولة العليا، وهو مسار يتطلب هدوءا في الطرح واستمرارية في الرؤية، بعيدا عن أي توظيف غير مؤسساتي أو قراءات غير منضبطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews