عربي و دولي

لماذا يتهم روبيو إيران بالسعي لإنشاء مصنع طائرات مسيّرة في فنزويلا؟

علي زم – مراسلين

طرح وزير الخارجية الأمريكي، الذي يُعدّ وفقاً لآراء العديد من المراقبين المحرّك الرئيس لحملة دونالد ترامب العسكرية في المياه الإقليمية لفنزويلا، طرح مؤخراً ادعاءً جديداً حول أسباب هذا التحرك، يعكس رؤاه المتطرفة. ففي مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع أمس، زعم أن طهران وموسكو بات لهما نفوذ كبير في فنزويلا، وأن إيران تحديداً تعتزم إنشاء مصنع لتصنيع الطائرات المسيّرة في هذا البلد الواقع بأمريكا اللاتينية.

وأطلق ماركو روبيو هذا الادعاء في وقت ذكرت فيه صحيفة “ميامي هيرالد” أن فنزويلا بدأت تصنيع الطائرات المسيّرة منذ عام 2006، ورغم أنها استفادت في البداية من الدعم الإيراني، إلا أن قدراتها في هذا المجال تطورت إلى درجة تمكّنها حالياً من إنتاج هذه الطائرات الحديثة بشكل مستقل ودون الحاجة إلى إيران.

وبحسب التقرير ذاته، الذي ترجمه موقع ميدل ايست نيوز المعني بالشؤون الإيرانية، فإن مواصفات الطائرات المسيّرة الفنزويلية بلغت مستوى متقدماً يجعلها من بين الأكثر تطوراً وتجهيزاً في أمريكا اللاتينية، وهو ما منح فنزويلا تفوقاً استراتيجياً ملحوظاً على بقية دول المنطقة، باعتبارها الدولة الوحيدة هناك التي تمتلك طائرات مسيّرة حديثة.

معركة أيديولوجية
لكن، لماذا يوجّه ماركو روبيو هذه الاتهامات التي يصفها كثيرون بأنها بلا أساس؟

نشر موقع شبكة “ديموكراسي ناو” التلفزيونية تحليلاً أوضح فيه أن المواجهة بين الولايات المتحدة وفنزويلا لا يمكن فصلها عن التوترات المستقبلية بين واشنطن وكولومبيا، وكذلك عن علاقات أمريكا المتوترة مع إيران وروسيا. ووفق التحليل، فإن هذه القضية تعكس “المعركة الأيديولوجية” لماركو روبيو، الذي يرى في إسقاط النظام الفنزويلي وإضعافه وسيلة لمحاصرة كوبا، حليفتها التقليدية.

يدرك روبيو، وهو أمريكي من أصل كوبي، أنه لا يستطيع إقناع ترامب بسهولة بإرسال قوات إلى فنزويلا لخوض حرب برية ضد حكومة اشتراكية، ولذلك لجأ إلى وسائل أخرى لتحقيق هدفه. وبناءً على ذلك، اعتبر أن “تهمة تجارة المخدرات” أفضل ذريعة لإقناع الرئيس الأمريكي الذي لطالما تحدث عن كراهيته لانتشار المخدرات بين الشباب. وبهذا المسار، حاول روبيو إقناع ترامب بأن فنزويلا وكولومبيا من بين الدول المسؤولة عن إدخال المخدرات إلى الولايات المتحدة.

وفي خضم هذا النهج، يرى مراقبون أن كولومبيا أصبحت ضحية لتفكير روبيو الذي ينحصر هدفه في إسقاط النظامين الحاكمين في فنزويلا وكوبا.

كما أن روبيو، استناداً إلى أيديولوجيته الخاصة واستغلالاً لمخاوف ترامب من النفوذ الإيراني المتزايد، طرح الاتهام المتعلق بسعي طهران إلى إنشاء مصنع للطائرات المسيّرة في فنزويلا.

غياب الاستراتيجية الأمريكية في فنزويلا
ربما يحاول ماركو روبيو تسويق أفكاره إلى دونالد ترامب من خلال إطلاق اتهامات متكررة، لكن المشكلة الكبرى التي تواجهها الولايات المتحدة هي افتقارها لاستراتيجية واضحة تجاه فنزويلا.

وفي هذا السياق، كتب جيفري فيلدز، المحلل السياسي والعسكري السابق والمستشار الأقدم السابق في وزارة الدفاع الأمريكية، في موقع “ذا كونفرسيشن” التحليلي: “بصفتي محللاً سياسياً وعسكرياً سابقاً، لا أرى أي استراتيجية أو هدف متماسك لوزارة الدفاع الأمريكية فيما يتعلق بفنزويلا.”

وأوضح فيلدز أن الجيش الأمريكي، في الظروف الاعتيادية، عندما يواجه سفناً يُشتبه في تهريبها للمخدرات، يقوم باعتراضها واعتقال من على متنها، ثم يبدأ إجراءات قانونية كاملة تنتهي بتسليم المتهمين إلى جهة قضائية في الولايات المتحدة. لكن، بحسب فيلدز، فإن الهجمات التي أمر بها ترامب أدت إلى مقتل معظم من كانوا على متن تلك القوارب، وربما تدمير أي كميات مزعومة من المخدرات، ما يعني أنه حتى في حال صحة ادعاءاته، فإنه لا يملك أي دليل مادي يثبتها. ولهذا السبب، يرى كثير من المراقبين والخبراء القانونيين أن هذه العمليات قد ترقى إلى “جرائم قتل”.

وخلص التحليل إلى أن غياب استراتيجية واضحة أدى إلى طرح تساؤلات كثيرة بشأن العمليات الأمريكية الأخيرة في المياه الفنزويلية، وهو ما يضع شرعية هذه التحركات موضع شك واسع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews