عربي و دولي

صحيفة إيرانية تلمّح إلى تورط الموساد في هجوم سيدني

علي زم – مراسلين

طهران- كتبت صحيفة كيهان الإيرانية تعليقًا على حادثة إطلاق النار الدامية في سيدني أن أولى ردود الفعل صدرت عن «الكيان الصهيوني»، مشيرة إلى أن إسرائيل بادرت فورًا وبالتزامن إلى إظهار نفسها في موقع الضحية، والثانية توجيه أصابع الاتهام نحو إيران وحزب الله اللبناني. وأضافت الصحيفة أن هذا السلوك، إلى جانب عوامل أخرى، يعزز احتمال أن تكون العملية من تنفيذ جهاز الموساد.

وقال موقع رويداد 24، إن الهجوم الدامي الذي استهدف احتفالاً لليهود على شاطئ بونداي في سيدني تحول سريعًا من حادثة أمنية داخل أستراليا إلى ساحة جديدة للصراع على الروايات؛ صراع تقف فيه إسرائيل وحلفاؤها الغربيون في جهة، وفي الجهة المقابلة وسائل إعلام من بينها «كيهان» التي تشكك من الأساس في الرواية الرسمية لتل أبيب.

وفي تقرير مطوّل، ترجمه ميدل ايست نيوز، لم تكتفِ كيهان الأصولية المقربة من مكتب المرشد الأعلى الإيراني برفض السردية الغربية السائدة التي تصف ما جرى بأنه «هجوم إرهابي بدوافع معاداة السامية»، بل ذهبت أبعد من ذلك، وطرحت احتمال «فبركة أمنية» من قبل إسرائيل نفسها؛ وهي رواية، وإن كانت مثيرة للجدل، إلا أنها تنسجم مع الخطاب التقليدي للصحيفة بشأن السلوكيات الأمنية للكيان الصهيوني.

مظلومية أم إدارة الرأي العام؟

يرتكز المحور الأساسي لتحليل «كيهان» على أن رد الفعل الإسرائيلي الأول على حادثة سيدني كان دعائيًا أكثر منه أمنيًا. ووفقًا للصحيفة، سلكت تل أبيب مسارين في آن واحد: تضخيم مظلومية اليهود، والتوجيه السريع للاتهام نحو إيران وحزب الله اللبناني.

وترى «كيهان» أن هذا النهج لا ينفصل عن الوضع المتأزم لإسرائيل في الرأي العام العالمي، حيث تضررت صورة تل أبيب بشدة بعد حرب غزة، وبلغت الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل، حتى في الدول الغربية ومنها أستراليا نفسها، مستويات غير مسبوقة. وبحسب هذا التحليل، يمكن توظيف حادثة سيدني كأداة لإعادة إنتاج سردية «إسرائيل الضحية».

وكتبت الصحيفة الإيرانية: «كانت أولى ردود الفعل للكيان الصهيوني، إذ باشر فورًا وبالتزامن إلى إظهار المظلومية، والثانية توجيه الاتهام إلى إيران وحزب الله اللبناني. وهذا الأمر، إلى جانب عوامل أخرى، يعزز احتمال أن تكون هذه العملية من تنفيذ الموساد».

ومن النقاط المحورية في تقرير «كيهان» المقارنة بين رد فعل الغرب على إطلاق النار في سيدني، وتعاطي الدول نفسها مع القتل الواسع للمدنيين في غزة. وتكتب الصحيفة أن الحكومات التي اكتفت بـ«الإعراب عن القلق» إزاء مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، تتحدث اليوم بصوت مرتفع عن مكافحة الإرهاب ومعاداة السامية.

ومن وجهة نظر «كيهان»، فإن هذا الازدواج الأخلاقي ليس خطأً إعلاميًا عابرًا، بل جزء من آلية راسخة في الغرب لتقديم الدعم السياسي والنفسي لإسرائيل؛ وهي آلية وفّرت لها حادثة سيدني فرصة جديدة لإعادة تنشيطها.

سوابق يتم تجاهلها

ولتعزيز طرحها، تشير «كيهان» إلى نماذج تاريخية متعددة، من بينها روايات تدّعي أن تيارات صهيونية استفادت في مراحل مختلفة من زعزعة أمن حياة اليهود خارج فلسطين المحتلة، بهدف تشجيع هجرتهم إلى إسرائيل. ومن خلال التذكير ببعض الوثائق والتصريحات المثيرة للجدل، تسعى الصحيفة إلى ترسيخ فكرة أن «انعدام الأمن المُدار» خارج إسرائيل لا يتعارض بالضرورة مع المصالح الاستراتيجية لتل أبيب.

ورغم أن مثل هذه التحليلات لا تجد لها مكانًا في وسائل الإعلام السائدة، فإن حادثة سيدني، وفق الإطار الفكري لصحيفة «كيهان»، يمكن قراءتها في سياق هذا المنطق التاريخي.

تصريحات أثارت الشبهات

وتستند «كيهان» أيضًا إلى مواقف وتصريحات لبعض المسؤولين والشخصيات الإعلامية الإسرائيلية، من بينها أقوال غامضة حول «إمكانية التنبؤ» بالهجوم. وبحسب الصحيفة، فإن طرح مثل هذه العبارات من دون تقديم توضيحات واضحة لا يبدد الغموض، بل يزيد من الشكوك، فإذا كان الهجوم متوقعًا، فلماذا لم يتم منعه؟

وترى «كيهان» أن هذا التساؤل يضع الرواية المبسطة التي تقدم المهاجمين بوصفهم مجرد رد فعل عاطفي على حرب غزة، أمام اختبار جدي.

تصدع في الرواية الغربية

وفي ختام التقرير، تشير «كيهان» إلى تصريحات شخصيات مثل الصحفي الأميركي الشهير تاكر كارلسون، الذي اتهم إسرائيل بلهجة غير معهودة بقتل المدنيين عمدًا ولا سيما الأطفال الفلسطينيين. وترى الصحيفة أن مثل هذه المواقف تعكس وجود تصدعات حتى داخل الغرب نفسه في ما يتعلق بالرواية الرسمية عن إسرائيل.

وتحاول «كيهان» وضع حادثة سيدني ضمن إطار أوسع، حدث لا يمثل مأساة إنسانية فحسب، بل حلقة في حرب الروايات داخل عالم باتت فيه الشرعية الأخلاقية لإسرائيل موضع تشكيك غير مسبوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews