خارح الصندوق .. أداتان سلميتان جديدتان لمواجهة سياسات إسرائيل

بقلم: كريستوف ر. هورستل
رئيس حزب الوسط الجديد ورئيس منظمة Peace Circle Germany
تُظهر سياسة إسرائيل في الإبادة الجماعية بقطاع غزة، والإجراءات التمهيدية في الضفة الغربية، مستوى جديدًا من التحدي لكل القيم والقوانين والالتزامات الدولية.
لقد بذلت دولتان هما مصر وقطر أقصى درجات الجهد الدبلوماسي والإنساني لمساعدة المدنيين الفلسطينيين، إلا أنّ هذه المساعي لم تحقق النتائج المرجوة. وفي المقابل، تواصل الحكومة الإسرائيلية عرقلة جميع الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، حتى عندما تأتي المبادرات من واشنطن نفسها.
في ظل هذا الوضع المأساوي، تبرز مقاربات جديدة وغير مألوفة، تزداد قوة وإقناعًا، بهدف منع استكمال ما يبدو أنه قرار حاسم بتنفيذ إبادة جماعية تُتسامح معها – للأسف – من قبل غالبية الحكومات في العالم. صحيح أن الحكومة الإسرائيلية تحظى بتأييد واسع في الداخل، حيث جرى تضليل الجمهور بوقاحة، غير أن غالبية يهود العالم يرفضون هذه السياسات، ولا يريدون أن يكون لهم أي صلة بها، بل بدأوا يقاومونها علنًا.
1- اتصالات مباشرة بين حماس ويهود مناهضين للصهيونية
أحد السبل الجديدة يتمثل في فتح قنوات اتصال مباشرة بين المقاومة الفلسطينية (حماس) وبين تيارات يهودية تعارض السياسات الإسرائيلية، وذلك لبحث حلول مشتركة لجذور القضية الفلسطينية الممتدة منذ نحو ثمانين عامًا.
وقد تم تجاوز العقبة الأكبر بالفعل: إذ أعلنت حماس استعدادها للجلوس مع أول طرف يهودي مناهض للصهيونية، وهو حركة نيتوري كارتا.
لكن التحدي يكمن في غياب أي حكومة مستعدة لاستضافة مثل هذه اللقاءات في مكان آمن، محصن ضد الهجمات الجوية أو المسيّرة. ومن هنا، أطلقت منظمتنا عريضة عالمية لحشد دعم شعبي لهذه المبادرة التي تمثل نموذجًا ديمقراطيًا حيًا لـ”تمكين الذات من أجل السلام”. يمكن الاطلاع على تفاصيلها عبر: gazatalks.org.
2- إلغاء قرار تقسيم فلسطين (قرار الأمم المتحدة 181 لعام 1947)
أما الأداة الثانية فتتعلق بفتح ملف الشرعية الدولية من جذوره. فبينما تدّعي إسرائيل أن “حقها في الوجود” يبرر كل الانتهاكات، بما فيها الإبادة، فإن إعادة النظر في قرار التقسيم الصادر عام 1947 بات ضرورة.
وإذا كان ذلك القرار لا يزال يحمل صفة قانونية، فإن تصحيحه أو حتى إلغاؤه يحمل الصفة ذاتها.
إن الدعوة اليوم، تزامنًا مع انعقاد الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، هي أن تعيد “طليعة الوعي” في المجتمع الدولي التفكير في هذا الأساس الخاطئ. والمقترح يتمثل في:
• إلغاء القرار 181،
• الشروع في حل تدريجي لدولة إسرائيل بحلول عام 2035،
• بدء العملية بتسليم إسرائيل أسلحتها النووية لمجلس الأمن الدولي،
• تخصيص تعويضات للفلسطينيين المشرّدين،
• إعادة إعمار غزة.
هذه الدعوة تستحضر مثالاً تاريخيًا مبكرًا، حين اغتيل أول وسيط للأمم المتحدة، الكونت فولك برنادوت، عام 1948 على يد منظمة “ليحي” الصهيونية، لأنه تجرأ قبل أسبوعين فقط من اغتياله على طرح مبادرة عادلة لحل النزاع، لم ترق لزعماء الحركة الصهيونية.
ختاما
إن ما يُطرح اليوم ليس سوى محاولة أخيرة لوقف مسار كارثي، ولإعطاء السلام فرصة عبر أدوات سلمية مبتكرة. فالمستقبل لا يمكن أن يُبنى على الإبادة، بل على الشجاعة في الاعتراف بالأخطاء، وابتكار حلول تفتح آفاق العدالة والسلام معًا.