سياسةمقالات

الناتو العربي.. هل تتوحد الأمة أمام العربدة الإسرائيلية؟

بقلم: مولود سعد الله/ الجزائر

لا يخفى على النخب ولا على العامة أنّ العربدة الإسرائيلية المتواصلة في الشهور الأخيرة ليست سوى سياسة لفرض الأمر الواقع، وتحقيق ما سمّاه رئيس وزراء الاحتلال ذات يوم “حلم إسرائيل الكبرى”. ولا شك أنّ أولى خطوات هذا المشروع تتجلّى في الممارسات المتغطرسة التي لا تعبأ بالقانون الدولي ولا بمؤسساته، في ظل ضعف الموقف العربي الرسمي واكتفائه بردود خجولة.

إدراك بلا فعل

من المؤكد أنّ قادة العرب يدركون جيّدًا حقيقة المشروع الصهيوني، ويدركون أيضًا أنّه مدعوم من أقوى دولة في العالم، وأنّ وجوده في الأساس كان نتاجًا لمخطط يستهدف تفتيت الأمة. ومع ذلك، فإنّ العجز عن تجاوز الخلافات والانقسامات الداخلية يجعل السؤال مطروحًا بمرارة: هل يكتفي العرب بالإدراك دون الفعل؟

في وقت لا يعترف إلا بالأقوياء، كان على الأقل من واجب العرب أن يستعملوا أوراق الضغط التي يملكونها، حتى لا تتحقق مقولة “أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض”.

رسالة قطر.. الدبلوماسية انتهت

الضربة الإسرائيلية الأخيرة على قطر حملت رسالة بالغة الدلالة: الدولة التي ظنّت نفسها محمية، ولعبت طويلاً دور الوسيط وحلّال الأزمات، لم تعد خارج دائرة الاستهداف. لقد أراد الاحتلال أن يقول بوضوح إنّ ورقة الدبلوماسية والحرج الدولي قد احترقت، وإنّ زمن الرهان على الوساطات قد ولّى. كما لم يخفِ مندوب الاحتلال تصريحه بأنّ “لا أحد في مأمن”، في استفزاز متعمد يرمي إلى جرّ الدول العربية نحو ملعبه وفق ما خطط له.

عودة فكرة “الناتو العربي”

وسط هذه التطورات، عادت فكرة تشكيل جيش عربي موحّد – أو ما يصطلح عليه إعلاميًا بـ “الناتو العربي” – إلى الواجهة. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان قد طرحها منذ سنوات، مستلهمًا تجربة حلف الناتو الغربي الذي جمع دولًا متباعدة جغرافيًا ومختلفة ثقافيًا لمواجهة الخطر السوفييتي. فكيف لا يجتمع العرب، وهم أصحاب وحدة جغرافيا وتاريخ ومصير مشترك، لمواجهة الخطر الصهيوني الذي يهدد وجودهم ذاته؟

اليوم أيضًا، طرح العراق في اللقاء التشاوري فكرة تشكيل “حلف إسلامي عسكري”، بما يعكس إدراكًا متجددًا لأهمية الوحدة في لحظة فارقة.

التحديات والاختبار

غير أنّ العقبات كثيرة:

الخلافات السياسية الداخلية بين الدول العربية الكبرى.

الضغوط الخارجية التي قد تمارسها القوى الكبرى الممسكة بخيوط التوازنات.

غياب الإرادة الجريئة في الانتقال من التنظير إلى الفعل.

ومع ذلك، فإنّ الوحدة تبقى أكبر سلاح ردع ضد إسرائيل، التي عملت عقودًا طويلة على تغذية الانقسام العربي–العربي، وتستثمر اليوم في هذا التشتت.

قمة قطر.. مفترق طرق

هل سيكون النقاش حول “الناتو العربي” غدًا في قمة قطر مجرّد ردّ عاطفي على الرسالة الإسرائيلية الأخيرة؟ أم سيكون بداية لتأسيس مشروع واقعي يحصّن الأمة ويعيد لها بعضًا من هيبتها المفقودة؟
الإجابة ستكشفها القمة، لكن المؤكد أنّ التاريخ لا يرحم المترددين، وأنّ المستقبل لن يُكتب إلا للأقوياء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews