مقالات

الصفقة المستحيلة: الشروط التي ترفضها دمشق وتعلم واشنطن استحالة قبولها

بقلم : وليد شهاب

في ظل تطورات المشهد السياسي الدولي، تجدد الجدل حول مصير العقوبات المفروضة على سورية بعد تقديم مشرعين أميركيين تعديلات جديدة على مشروع القانون المتعلق بإلغاء قانون قيصر. وقد جاءت هذه التعديلات لتربط بشكل صريح بين رفع العقوبات وتحقيق تقدم ملموس في المسار التفاوضي الأمني بين سورية وإسرائيل، وهو ما رفضته الخارجية السورية بشكل قاطع، معتبرة أن أي إجراءات عقابية يجب أن تُرفع دون قيود أو شروط مسبقة.

وتكشف القراءة المتأنئة للنص المعدل عن سلسلة من المتطلبات الإضافية التي يجب على الحكومة السورية الالتزام بها، إلى جانب آلية تقييم دورية كل ستة أشهر، مما يضع دمشق تحت مجهر الرقابة الدولية المستمرة لسنوات قادمة. ويشير مراقبون إلى أن هذه الآلية تمنح واشنطن أدوات ضغط مستمرة على الملف السوري، حيث أن التقييم الدوري يخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.

من جهة أخرى، يرى ناشطون سوريون مقيمون في الولايات المتحدة أن التعديلات الجديدة تحمل في طياتها مخاوف جدية، خاصة فيما يتعلق بالربط المباشر بين المسار الأمني مع إسرائيل ورفع العقوبات. وقد لفت الباحث الاقتصادي السوري عابد عابد إلى أن التعديلات التي قدمها كل من السيناتور ليندسي غراهام والسيناتور كريس فان هولين تنص على آلية “إعادة فرض العقوبات” في حال عدم الالتزام بالشروط المحددة.

وفي سياق متصل، أوضح المسؤول في المجلس السوري الأميركي محمد علاء غانم أن التعديلات جاءت بعد مفاوضات مكثفة بين الأطراف السياسية المختلفة، مشيراً إلى أن النص الأصلي كان أكثر تشدداً حيث طرح بعض النواب تمديد العمل بالقانون حتى عام 2028 على الأقل. وأضاف غانم أن التعديلات الحالية تنص على إلغاء العقوبات بعد أربع سنوات في حال تقديم تقييم إيجابي من وزير الخارجية الأميركي حول مدى استجابة الحكومة السورية للمتطلبات المحددة.

ويبقى السؤال المطروح حول مدى قابلية هذه الشروط للتطبيق على أرض الواقع، خاصة في ظل التعقيدات الإقليمية والدولية المحيطة بالملف السوري. كما تثير الآليات الزمنية المحددة للتقييم تساؤلات حول جدواها الفعلية، وما إذا كانت ستؤدي إلى تحقيق تقدم حقيقي أم ستظل أداة للضغط السياسي.

ويبدو أن الطريق أمام إلغاء العقوبات لا يزال طويلاً وشائكاً، حيث تتباين المواقف الدولية والإقليمية حول هذه القضية، مما يجعل من الصعب الوصول إلى حلول مرضية للأطراف جميعاً. وتظل دمشق متمسكة بموقفها الرافض للشروط الخارجية، بينما تصر واشنطن على ضرورة تحقيق تقدم في الملفات العالقة قبل أي خطوة نحو رفع العقوبات

هذا ويترقب المراقبون التصويت النهائي على مشروع القانون المقرر في نهاية العام الحالي، والذي سيرافقه التصويت على ميزانية وزارة الدفاع الأميركية، في خطوة قد تحدد ملامح السياسة الأمريكية تجاه سورية للسنوات القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews