منصة إلكترونية جديدة تنطلق للدفاع عن التراث الفلسطيني”موسوعة التراث الفلسطيني تراثنا”

بقلم: أحمد يوسف ضميري
يحظى التراث الفلسطيني باهتمام بالغ لدى الشعب الفلسطيني، ففي أوائل شهر أكتوبر احتفلت المدارس الفلسطينية بمناسبة التراث الفلسطيني من لبس الملابس التراثية والاشادة بها في الإذاعات المدرسية، وأيضاً أقيمت مسابقات بين الطلبة حول موضوع التراث؛ لترسيخه في وجدانهم، فهو هوية أجدادهم التي ينبغي أن يحافظوا على ما هو قويم منها ويورثوها لأحفادهم.
وفي مطلع الشهر القادم سيفتتح معرض تراثي في مدينة نابلس بعنوان “مهرجان الأصل فلسطيني”. وقبلها افتتح معرض كتاب التراث الثقافي الفلسطيني في جامعة بيت لحم.
ومع هذا الحراك، وقبل عدة أشهر انطلق الموقع الإلكتروني التجريبي “موسوعة التراث الفلسطيني تراثنا” وهو سابقة لموقع أو منصة إلكترونية تجمع مواضيع التراث الفلسطيني في موقع واحد.
فجميع المواقع -على علمي- إما أنها تتحدث عن التراث الفلسطيني كجزء من موقعها، أو أن الموقع يتحدث عن موضوع ما في التراث الفلسطيني كالمطبخ الفلسطيني أو الملابس التراثية أو غيرها.
لكن الجديد الذي تقدمه هذه المنصة الإلكترونية، هو تقديم التراث كرؤية شاملة ومتوازنة ومتكاملة لا كعناصر منفصلة. فمن خلال التصفح في الموقع، فإنك ستشاهد أقساماً للتراث المادي: كالمواقع الأثرية، والملابس التراثية والتطريز الفلسطيني الشهير، والمواقع الطبيعية ذات الأهمية التاريخية والثقافية، أشجار الزيتون المعمرة. والتراث غير المادي: كالعادات والتقاليد، والحكايات الشعبية، والأغاني والدبكة الفلسطينية، وفنون الطهي، وأعلام الزجل والغناء. إلا أن الموقع الإلكتروني لم يُطلق رسمياً بعد، إذ ما زال قيد الإعداد والتجهيز.
تعود فكرة تأسيس منصة “موسوعة التراث الفلسطيني تراثنا” إلى الدكتور محمد ياسر عمرو (مدير أكاديمية دراسات اللاجئين) الداعم الأساسي والحجر الأساس لهذه الموسوعة ولموسوعات أخرى: كموسوعة القرى الفلسطينية وموسوعة المخيمات الفلسطينية، وكذلك الاستاذة ريم مجدلاويه أيضاً (مديرة منصة موسوعة التراث الفلسطيني تراثنا).
وتهدف المنصّة، كما ورد في صفحتها التعريفية، إلى:
“توثيق وحفظ الموروث الثقافي الغني للشعب الفلسطيني، بكل ما يحمله من عادات وتقاليد وفنون وموروثات مادية وغير مادية. وتسعى الموسوعة إلى إحياء الذاكرة الجماعية الفلسطينية، من خلال تسليط الضوء على القرى المهجرة، واللباس الشعبي، والمأكولات التراثية، والحرف اليدوية، والأمثال والحكايات الشعبية، وغيرها من عناصر الهوية الثقافية التي تشكل وجدان هذا الشعب الأصيل”.
وتقول أ. ريم (مديرة موسوعة التراث الفلسطيني) علاوة على ذلك:
” رؤيتنا أن تكون الموسوعة منصة فلسطينية جامعة تحفظ التراث من الاندثار، وتقدّمه للعالم بصورة علمية وراقية، تُظهر عمق الهوية الفلسطينية وتنوّعها الثقافي والجغرافي. ونهدف لأن تكون مرجعًا معتمدًا لكل باحث أو مهتم بالتراث الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها”.
ولتحقيق هذه الغاية، فهناك تعاون بين إدارة الموسوعة وهم فلسطينيون يسكنون خارج فلسطين، والباحثين المتطوعين من أرض الوطن فلسطين ومن خارجه، الذين يقدمون ويثرون هذه المنصة الإلكترونية بكل مفيد، مثل: هيفاء ضراغمة، وقمر سراج، ونضال الفتافتة، واعتماد أبو عمرة، وغيرهم… ناهيك عن مشاركتي وما قدمته للموسوعة من مواضيع. وأيضاً لا أستطيع أن أتخطى مشاركة د. محمد عمرو البحثية، الذي يشارك في المجموعة: باحثاً تارة، ومراقباً وداعماً لبعض الباحثين تارة أخرى ومستشاراً في الوقت نفسه. ومديرة الموسوعة التي قدمت مواضيع بحثية هامة للموسوعة، والتي تسعى بما تملكه من جهد لإنجاح الموسوعة.
ورغم التقدّم المحقّق، تواجه المنصّة عدداً من الصعوبات والتحديات. تقول أ. ريم:
“واجهتنا بعض التحديات خلال العمل، أبرزها: صعوبة الوصول إلى مصادر موثوقة وتشتت المعلومات بين مراجع مختلفة، إضافة إلى محدودية التوثيق البصري لبعض الجوانب التراثية. كما واجهنا تحديًا في تنسيق العمل بين الفرق الميدانية والإعلامية، خاصة مع تنوع الاختصاصات والمناطق الجغرافية. لكن رغم ذلك، شكّلت هذه التحديات دافعًا لنا لتصميم آلية عمل أكثر تنظيمًا، وضمان دقة المعلومات واعتمادها من مصادر موثوقة”.
ويبقى السؤال المطروح: متى سيتم إطلاق الموسوعة رسمياً وإشهارها للعامة؟
تجيب الأستاذة ريم:
“من المخطّط أن يتم إطلاق الموسوعة رسمياً بعد اكتمال العمل فيها. وحتى الآن لم يُحدَّد موعد نهائي، لكن من المتوقع أن يكون حفل الإطلاق بعد الانتهاء من مرحلة المراجعة والتدقيق والتنسيق الإعلامي، أي عند اكتمال النسخة الجاهزة للنشر”.
وفي الختام، نتمنى للقائمين على المشروع كل التوفيق والنجاح، آمِلين ألا تقتصر المنصّة الإلكترونية على عرض التراث الفلسطيني فحسب، بل أن تتحوّل إلى موسوعة رقمية شاملة تفوق في محتواها الموسوعات الورقية السابقة.
فنحن في أمسّ الحاجة إلى موسوعة تراث إلكترونية تتيح الوصول إلى المعرفة بسهولة ويسر، دون عناء البحث في المكتبات المتباعدة.. إنه الوقت الأمثل لولادة مثل هذه المبادرات الثقافية التي تُسهم في نصرة القضية الفلسطينية، وتتيح للمناصرين في أنحاء العالم الاطّلاع على تراثنا الأصيل والاعتزاز به بكل سهولة ويسر.



