كردستان إيران: هنا الخريف يتنفس رماناً

بقلم: علي زم – مراسلين

في القرى الجبلية غرب إيران، التي يحل عليها الخريف ضيفاً مثالياً، يبدأ موسم الرمان كاحتفال صغير للحياة. هناك، بين أشجارٍ مثقلةٍ بثمارٍ حمراء كالياقوت، تجتمع سيدات كردستان في باحات المنازل أو على أطراف البساتين، يفرزن حبات الرمان واحدةً تلو الأخرى، في مشهد كأنه احتفال صغير برفقة الطبيعة.
أيديهن الملطخة بعصير الرمان لا تُخفي الفرح، فكل حبة تُستخرج بعناية تتحوّل لاحقاً إلى دبسٍ لامعٍ يُطهى على نارٍ هادئة، أو عصيرٍ يُعبَّأ في القوارير ليُعرض في أسواق المدن القريبة. وبعض هذا الرمان يُغلى ليصير مربّى أو “لواشك” تفوح منه رائحة البيوت القديمة، تلك التي لا تزال تحتفظ بطقوس المواسم في كل تفصيل.
في هذا الوقت من السنة، حين يبدأ البرد يتسلل من قمم الجبال، تتلوّن الحقول الإيرانية في الشمال والغرب بخليطٍ من الأحمر والذهبي، وتتعانق رائحة دبس الرمان الساخن مع نسمات الخريف. إنه موسم العمل والذكريات، موسم تجتمع فيه العائلة، وتتحد فيه الأجيال حول ثمرةٍ طالما رافقت القصص والأساطير. هكذا يبقى الرمان في كردستان إيران أكثر من مجرد فاكهة؛ إنه رمز الخصب والصبر، ولون الحياة في قلب الخريف.






