
بقلم – محمد الليثي
ورد عَنْ أَبي هُريَرةَ، رضي الله عنه، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَماتَةِ الأَعْدَاءِ متفقٌ عَلَيْهِ.
حينما تستمع لهذا الحديث النبوي الشريف، تدرك خطورة الشماتة كأخلاق سيئة حذر منها وتحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فألحقها بالأعداء، فالشماتة هي خلق كل عدو، فلا يشمت في فشلك إلا عدوك، ولا يفرح في مصيبتك إلا من يكرهك، ذلك أن الشماتة كما عرفها العلماء: فرحُ العدُوّ ببلّيةٍ تنزلُ بمعاديهِ .
وقد ورد نهي المسلم أن يشمت بأخيه المسلم ويفرح أو يضحك مما ينزل به من بلاء أو مكروه، لما في ذلك من إحزانه وأذيته بغير حق، وقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.
والمتتبع لأدبيات جماعة الإخوان، يجد في كثير منها، سيطرة هذا الخلق السيئ “الشماتة”، على كل من يختلف معهم، أو يخرج على أفكارهم، أو يناقشهم، أو ينتقد أفكارهم، فلا يتورع أكثرهم عن إظهار الكراهية لك، لأتفه الأسباب، ولو كان لمجرد الرفض للاقتناع بأفكارهم العدوانية.
حتى أنك ترى في مناسبات كثيرة، إعلام الإخوان الشامت في كل نائبة تحدث في مصر، لمجرد التشفي في هذا الوطن، الذي هربوا منه، بعدما لم يجدوا نصيرا لمظلوميتهم التي يستميتون في الدفاع عنها، ألا وهي بقاؤهم في السلطة، فلا يرعوي أحدهم من أن يشمت في حادثة قطار هنا أو استشهاد عدد من الجنود المصريين في سيناء بأيادي الغدر والإرهاب هناك، وبالطبع لافتة الشماتة الجاهزة معلقة دائما تحت شعار فشل النظام الحاكم، والتي يتخذون منها ذريعة لإظهار مدى الحقد والكراهية لكل ماهو في مصر وراء هذا الستار.
إلا أن الحقيقة وحينما تناقش أحدهم حول خطورة ما يعلنه من هذه الكراهية في أناس لا ناقة لهم ولا جمل، وأن هذه حوادث تتطلب من الإنسان الذي يحتفظ بإنسانيته أن يحزن عليها ويعلن تضامنه مع ضحاياها، إلا أنك تفاجأ دائما بتعليقات تكشف عن القبور المظلمة في قلوبهم، حينما لا يخجل أحدهم وهو يعلن شماتته في كل مصري يعيش في هذا الوطن ويتعرض لأي سوء، لطالما سكت هذا المواطن البسيط، على خروجهم من السلطة، ولم يقتل نفسه منن أجلهم، حتى ولو كان هذا البسيط لا يعرف سوى الكد والبحث عن لقمة العيش، ولا علاقة له بالسياسة ولا يفهم فيها.
حتى أن بعض المنتمين للإخوان، يتباهى بمنع صدقته أو زكاة ماله عن بعض الفقراء في مصر، مبررا شحه بأن هؤلاء سكتوا على الدماء ولا يستحقون صدقاتهم.
وإذا ذكرته بما ورد في القرآن عن العفو والصفح، والقول المعروف خير من الصدقة التي يتبعها أي أذى، لا يجد منها دليلا على نفسه كي يستقيم قلبه وترعوي أخلاقه من أن يبد شماتته في كل فقير أفقرته ظروفه الشخصية، أو الظروف التي تمر بها البلاد نتيجة الأزمة الاقتصادية.
حتى أنك تجد نفسك أمامه في النهاية متذكرا قول النبي صلى الله عليه وسلم: “وشماتة الأعداء”، لتتساءل ما بينك وبين نفسك، وأي شماتة أشد قسوة من هذه النماذج السيئة لكي تصف بها هذه القبور المظلمة التي تعيش داخل مظلومية كاذبة.