ثقافة وفن

الفنان العكي “عمو رامي” يضيء سماء حيفا بأمسيته الرمضانية


مروة محاميد – حيفا

في قلب فلسطين، حيث تختلط ذكريات رمضان بصدى الألم القادم من غزة والتضييقات المتزايدة في القدس، يحل الشهر الفضيل بنكهة خاصة تجمع بين الأمل والصمود. رغم الجراح العميقة ورائحة البارود التي تخيم على موائد الإفطار، يظل صوت المسحراتي صرخة تحدٍ توقظ القلوب النائمة، مؤكدة أن رمضان هو روح لا تموت.

في هذا السياق، استضافت مدينة حيفا مساء الأربعاء الفنان العكي المعروف بلقب “عمو رامي”، في أمسية رمضانية مميزة ضمن فعالياته التربوية والفنية. شهدت الأمسية تفاعلًا واسعًا من الحضور الذين استمتعوا بعروضه المتنوعة.

رامي زيدان: مسيرة فنية متجذرة في التراث

رامي زيدان، البالغ من العمر 47 عامًا، هو أب لثلاثة أطفال وحاصل على درجة الماجستير في تربية الموسيقى. يعمل محاضرًا في كلية بيت بيرل بفروعها في باقة الغربية وكفر سابا، ويقدم شخصية “عمو رامي”، التي تجمع بين الأنشطة التربوية للأطفال، والتراث الفلسطيني، وعروض المسحراتي، إلى جانب كتابة وتلحين أغاني الأطفال.

نشأ زيدان في عائلة فنية، حيث كان جده الموسيقار صدقي شكري أحد أعمدة الموسيقى الفلسطينية، ما جعله ينشأ وسط ألحان وإيقاعات ملهمة. تتلمذ على يد جده، الذي علمه العزف على مختلف الآلات الإيقاعية، بالإضافة إلى آلة “الأورغ”.

المسحراتي: ذاكرة رمضان الحية

يتذكر زيدان طفولته قائلاً: “عندما كنت صغيرًا، كان صوت المسحراتي يثير فينا مشاعر الخوف والدهشة، فكنا نختبئ بعيدًا عن النوافذ. لكن مع مرور السنوات، تحولت تلك الرهبة إلى شغف، فبدأت أرافق المسحراتي في أزقة عكا وأساعده في إيقاظ الناس للسحور. منذ سن السابعة عشرة، كنت أرتدي الجلابية وأفتخر بدوري الجديد”.

ويضيف: “كان تفاعل الناس مؤثرًا للغاية. كانوا يضيئون الأنوار، يفتحون النوافذ، ويرمون لي الفاكهة أو التمر، وأحيانًا يطلبون مني شرب الماء معهم. كنت أشعر بأنني جزء من نسيج اجتماعي متماسك، وإذا تأخرت يومًا، كان الجميع يتساءل عني ويشكرني لاحقًا”.

رمضان: شهر الترابط والأمل

يؤمن زيدان بأن رمضان هو شهر التلاحم الحقيقي، حيث تجتمع العائلات على مائدة واحدة، ويتعزز التضامن المجتمعي من خلال تبادل الطعام بين الجيران. يقول: “في رمضان، لا ينشغل الناس عن بعضهم، بل يتقاسمون الفرحة، ما يجعل هذا الشهر مختلفًا عن أي وقت آخر في السنة”.

عكا: مدينة التاريخ والصمود

عكا، إحدى أقدم المدن الفلسطينية، تتمتع بتاريخ يمتد لآلاف السنين، حيث كانت مركزًا حضاريًا منذ العصور الفينيقية والرومانية، ولعبت دورًا هامًا خلال الحقبة الإسلامية والعثمانية. استعادها صلاح الدين الأيوبي عام 1187م، وظلت رمزًا للمقاومة رغم محاولات الاحتلال الإسرائيلي طمس معالمها العربية.

تتميز المدينة بمعمارها التاريخي الفريد، بما في ذلك أسوارها القديمة، وقلعتها الشهيرة، وأزقتها الضيقة، فضلاً عن أسواقها التي تنبض بروح التراث العربي. ورغم التحديات، لا تزال عكا تحتفظ بجوهرها الفلسطيني الأصيل، حيث يقاوم أهلها محاولات التهجير والطمس الثقافي.

خاتمة: أمل يتجدد

مع ختام هذا الشهر الفضيل، لا يسعنا سوى أن نرفع أكف الدعاء لفلسطين، بأن يعمّها السلام، ويعود إليها الأمن والاستقرار. رمضان هذا العام كان اختبارًا للصبر والإيمان، لكنه كان أيضًا درسًا في التمسك بالأمل، فالليل مهما طال لا بد أن يعقبه فجر، والنصر دائمًا حليف الصابرين.

رسومات المسحراتي: سارة أحمد – غزة

خاص - مراسلين

شبكة مراسلين هي منصة إخبارية تهتم بالشأن الدولي والعربي وتنشر أخبار السياسة والرياضة والاقتصاد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews