صراع الذهب واليورانيوم المخفي في مالي

مولود سعدالله – مراسلين
تبدو مالي في مظهرها دولة فقيرة لكن رغم ذلك تقف في قلب تنافس دولي متشابك تقوده ثرواتها الطبيعية قبل أي شيء آخر، فالمعادلة هناك واضحة كل طرف يتقرب من مالي عبر خطاب ما، لكنه ينظر في الواقع إلى ما تختزنه البلاد من ذهب ويورانيوم ونفط وغاز ، ومع غياب الاستقرار الداخلي أصبحت هذه الموارد عامل جذب وصراع في آن واحد.

فرنسا مثلا التي حافظت لسنوات على وجود عسكري واسع في مالي، لم تكن تتحرك فقط بدافع مكافحة الإرهاب بل لأنها تدرك قيمة اليورانيوم في الشمال ورهانه على الطاقة الأوروبية وكذا للمحافظة على نفوذها الاستعماري ، وعندما بدأ هذا النفوذ يتراجع ظهرت روسيا سريعا لملئ المشهد مقدمة الدعم الأمني والعسكري عبر ذراعها ” فاغنر ” ، ولكن بعيون لا تبتعد عن الذهب والمناجم المنتشرة في الشمال.
في الوقت ذاته تتحرك الإمارات في مسار مختلف تعتمد فيه على الاستثمار والتنمية والبنى التحتية، وهي الأبواب التي تقود أيضا إلى قطاع التعدين الذي يشكل العمود الحقيقي لاقتصاد مالي غير المستغل ، تركيا بدورها تدخل من بوابة التجارة والوجود الاجتماعي، لكنها تدرك أن مالي جزء من منطقة يعاد تشكيلها، وأن الموارد فيها ستكون محددا لنفوذ أي قوة في الساحل والغرب الإفريقي.

لكن الأساس كله حسب مختصين يعود لما تحت الأرض :
مالي ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا ولديها احتياطات هائلة شمال غاو وكيدال ، الشمال نفسه يعد امتدادا طبيعيا لحزام اليورانيوم في النيجر، ما يجعل الملف الطاقوي حاضرا في كل حسابات اللاعبين ، وإلى جانب ذلك تشير المسوحات إلى مؤشرات نفط وغاز في حوض تاودني، أحد أكبر الأحواض غير المستغلة في القارة تضاف إلى ذلك معادن أخرى مثل الفوسفات والنحاس والجبس، إضافة إلى الملح التاريخي في تاودني.
بهذا الشكل يكون الصراع في مالي :
بلد غني بالموارد ضعيف في الاستغلال، متوتر في السياسة
وجاذب لكل دولة تبحث عن موقع استراتيجي في الساحل.
وكل قوة تدخل المشهد من بوابة الأمن أو الاقتصاد، لكنها في النهاية تعيد رسم خريطة نفوذ تبنى على ما تحتويه الرمال أكثر مما يحدث فوقها.




