تذبذب الدولار عالميا .. ومسار الجزائر للوصول إلى 30 مليار دولار صادرات غير نفطية

مولود سعدالله – مراسلين
في حوار لشبكة مراسلين مع الخبير الاقتصادي الجزائري والاستاذ المحاضر بجامعة مستغانم ” الدكتور بوشيخي بوحوص “
يرى أن المؤشرات الإقليمية تظهر أن التعاون الاقتصادي العربي والإفريقي يشهد تحولا تدريجيا نحو خيارات أكثر استقلالية عن الدولار، في ظل تراجع الثقة بالعملة الأمريكية وتقلباتها الحادة ، وفي هذا السياق تبرز الجزائر كأحد الفاعلين الذين يحاولون إعادة تموضعهم اقتصاديا دون مبالغة في تقدير الأدوار، عبر سياسات تهدف إلى تنويع الشركاء واعتماد أدوات مالية بديلة.

وتستند هذه الرؤية إلى جملة خطوات عملية، من بينها إنشاء الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي بميزانية 1.5 مليار دولار لتعزيز الشراكات الإفريقية، توسيع برامج المنح الجامعية للطلبة الأفارقة، وتطوير الربط الجوي والبحري مع عدد من العواصم ، كما ساهمت استضافة الجزائر لفعاليات من معرض التجارة البينية الإفريقية في دعم الدفع بالعملات الوطنية عبر منصة PAPSS، ما يتقاطع مع الاتجاه العالمي المتزايد نحو تخفيف الاعتماد على الدولار كوسيط تجاري رئيسي.

تذبذب الدولار والبحث عن بديل عربي مشترك
يشير الخبير الاقتصادي الجزائري الدكتور بوشيخي بوحوص إلى أن استمرار الاعتماد على الدولار يمنح الولايات المتحدة تأثيرا مباشرا على اقتصادات الدول العربية، خصوصا في ظل تقلبات أسعار الصرف وسياسات الفائدة ، ويضيف أن الاتجاه العالمي نحو تعددية مالية تقوده دول مثل الصين، روسيا، الهند والبرازيل، فتح الباب أمام بدائل حقيقية، أهمها التبادل بالعملات الوطنية. “حتى شراء سلعة صينية من الجزائر غالبا يمر بالدولار وهو ما يجعل العملة الأمريكية حجر عثرة أمام التنمية”، يقول الدكتور بوحوص مضيفا أن التحولات الجارية تمهد لنظام مالي دولي جديد يعتمد على القوة الشرائية للعملات المحلية.
صادرات غير نفطية: شرط القفزة نحو 30 مليار دولار
حتى تصل الجزائر إلى 30 مليار دولار صادرات غير نفطية بحلول 2029، يجب أن تحقق زيادة سنوية ثابتة تقارب 4.2 مليار دولار، موزعة على أربعة محاور رئيسية:
السياحة 3 مليارات دولار
باستغلال الشواطئ، الصحراء، المناطق التاريخية، و الحمامات المعدنية، مع برامج موجهة للسائح الأوروبي والعربي.
الصناعة 4 مليارات دولار
بتطوير الفوسفات، الحديد، الأجهزة الكهرومنزلية، والصناعات التحويلية التي توفر قيمة مضافة عالية.
الفلاحة 5 مليارات دولار
وذلك إنشاء مزارع نموذجية، شبكات تبريد وتخزين، وتوجيه الفائض للتصدير عبر عقود بعيدة المدى.
الخدمات مليار دولار
وتشمل خدمات هندسية و دراسات تقنية واستقطاب المرضى الأجانب للخدمات الصحية.
الناتج المحلي الإجمالي: نحو 450 مليار دولار
يتوقع الدكتور بوحوص أن يقترب الناتج المحلي الإجمالي للجزائر من 450 مليار دولار بنهاية 2025 إذا استمرت الديناميكية الحالية، خصوصًا إذا تم تعزيز التعامل بالعملات المحلية مع الصين، الهند وروسيا. ويؤكد أن تذبذب الدولار قد يتحول من عائق إلى فرصة لتعظيم القيمة المضافة الجزائرية في المبادلات الدولية.

السياق العالمي: أزمة الديون الأمريكية وأساس التحول
يتزامن هذا المسار مع أزمة ديون أمريكية متصاعدة بلغت أكثر من 38 تريليون دولار مع خدمة دين تفوق 1.3 تريليون دولار سنويًا، ما يقارب ميزانية الدفاع الأمريكية. وفي ظل اعتماد إدارة ترامب على الرسوم والقيود التجارية، يظل الإنتاج المحلي الأمريكي غير قادر على تعويض الواردات، ما يدفع العديد من الدول للبحث عن مسارات تجارية بديلة.
في هذا الإطار تبدو السوق الأمريكية في حالة فراغ يمكن استغلاله، إذ يمكن للجزائر رفع صادراتها إليها من 3 مليارات إلى 6 مليارات دولار عبر تحسين تكاليف النقل والإنتاج، خاصة مع تراجع القدرة الشرائية للدولار واتساع الطلب على سلع بديلة أقل تكلفة.
اما عن فرص والتحديات :
فتتمثل في تحفيز السياحة والصناعة التحويلية و زيادة التبادل التجاري بالعملات الوطنية وكذا دخول أسواق جديدة في آسيا وإفريقيا و رفع الصادرات نحو السوق الأمريكية في ظل إعادة تشكيل سلاسل التوريد.
اما عن التحديات :
فهي تحديث البنية التحتية و تحسين مناخ الاستثمار وكذا دعم تنافسية المؤسسات المحلية و إدارة تقلبات أسعار الصرف عالميا.
يرى الدكتور بوحوص أن الجزائر أمام فرصة تاريخية لاستغلال التحولات المالية العالمية لصالح تنويع اقتصادها، والتقليل من هيمنة الدولار، وتأسيس شراكات تجارية عربية ودولية أكثر عدالة واستدامة. لكن الوصول إلى صادرات بـ 30 مليار دولار خارج المحروقات يتطلب قرارات جريئة، وإصلاحات عميقة، واستثمارا منهجيا في القطاعات الإنتاجية.



