بيئة ومناخ

السلاحف تهدد إسبانيا

سعيد محمد – مراسلين

في ظاهرة لافتة تتمثل في تزايد أعشاش السلحفاة البحرية كاريتا كاريتا المعروفة بالسلحفاة ضخمة الرأس أو البوبا وتركز هذا الحضور بشكل خاص على شواطئ إقليم فالنسيا بعد أن كانت هذه المناطق شبه غائبة عن خريطة تكاثر هذا النوع لعقود طويلة.

ورغم ما يبدو من مؤشرات إيجابية فإن المتخصصين يرون في هذا التحول دليلاً مقلقاً على التغيرات العميقة التي يشهدها البحر المتوسط بفعل الاحترار المناخي إذ تؤكد دراسات علمية حديثة أن ارتفاع حرارة المياه والرمال أجبر السلاحف على تغيير مسارات هجرتها والبحث عن شواطئ أكثر اعتدالاً لوضع البيض وقد بلغ عدد الأعشاش المسجلة في فالنسيا خلال عام 2025 وحده اثني عشر عشاً وهو رقم غير مسبوق مقارنة بالسنوات الماضية.

وتكمن أهمية هذه الظاهرة في أن حرارة الرمال لا تؤثر فقط في نسبة بقاء البيوض بل تحدد أيضاً جنس الصغار حيث تؤدي الحرارة المرتفعة في مناطق شرق المتوسط إلى إنتاج أعداد أكبر من الإناث ما يخل بالتوازن الطبيعي في حين تتيح الشواطئ الإسبانية ظروفاً أكثر توازناً تسمح بولادة ذكور بنسبة أعلى وهو ما قد يساهم في الحفاظ على التنوع الجيني.

وعلى الرغم من ذلك فإن العلماء يشيرون إلى أن أغلب السلاحف التي تعشش في إسبانيا تحمل خليطاً وراثياً من سلالات أطلسية ومتوسطية في عملية يصفونها بإعادة رسم الخريطة الجينية لهذا النوع ومع أن مناطق التكاثر التقليدية ظلت تاريخياً محصورة في شرق المتوسط والمحيط الأطلسي فإن تسارع ارتفاع حرارة المتوسط بمعدل يفوق المتوسط العالمي دفع هذه الكائنات منذ مطلع الألفية إلى التمدد غرباً بوتيرة متزايدة.

وتعد السلحفاة البوبا من الأنواع المهددة عالمياً وشديدة الحساسية للتغيرات البيئية ما يجعلها مؤشراً مهماً على صحة البحار ورغم ما قد يوفره هذا التوسع من فرص إضافية لبقائها فإن المخاطر لا تزال تحيط بها بدءاً من التلوث البلاستيكي والمبيدات الزراعية التي تم رصد عشرات الأنواع منها في أجسام السلاحف مروراً بالتلوث الضوئي والضغط السياحي وصولاً إلى الصيد العرضي وهي تحديات تهدد استقرار هذه التجمعات الناشئة واستمراريتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
wordpress reviews