
شبكة مراسلين – وكالات
قالت صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية إن المصاعب القانونية غير المسبوقة في التاريخ الأمريكي، من خلال لائحة الاتهام الموجهة للرئيس السابق والمرشح لانتخابات عام 2024، دونالد ترامب، يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الاستقطاب الذي يمزق الأمريكيين، وقد يصل الأمر إلى اندلاع حرب أهلية جديدة في الولايات المتحدة.
ويقول المؤرخ الفرنسي ران هاليفي في مقاله بصحيفة “لوفيغارو”، أن ترامب هذه المرة قد لا يفلت من ورطته رغم أن المصاعب القانونية التي من شأنها أن تدمر حياة أي سياسي، لا يبدو أنها تهزه، بل إنه يحاول -بتهم بالغة الخطورة مثل الاعتداء الجنسي والتهرب الضريبي والتشهير ودفع أموال غير قانونية لشراء صمت ممثلة إباحية- أن يظهر في وضع الضحية، مما شجع مؤيديه ورفع من تقييمه بين الناخبين الجمهوريين، في انتظار الانتهاء من التحقيقات الجارية في تهم أخرى.
وأوضح مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي أن ترامب يغامر بقضاء سنوات عديدة خلف القضبان، بسبب الخطورة الاستثنائية للتهم الـ37 الموجهة إليه والعقوبات المترتبة عليها إذا ثبتت إدانته.
و يعتقد 80% من الديمقراطيين أن الجمهوريين يشكلون تهديدا للبلاد ويعتقد مثلهم من الجمهوريين مثل ذلك بالنسبة للديمقراطيين، كما يقول المؤرخ.
وأشار الباحث إلى أن التهم الموجهة للرئيس السابق ثقيلة، رغم أنها وفق رأي ترامب تفضح عصابة قضائية وتعد “إساءة مريعة لاستخدام السلطة”.
ورأى الكاتب أنه من غير المفهوم أخذ آلاف الوثائق المصنف بعضها على أنه بالغ السرية، في انتهاك متعمد لقانون التجسس لعلمه أن الاحتفاظ بها غير قانوني كما أخبره محاميه مرارا، خاصة أن الرجل جعل من الكشف عن إهمال وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون الشديد لمواد سرية، موضوعا لحملته، وطالب بسجنها.
واستغرب هاليفي إصرار ترامب على الاحتفاظ بهذه الوثائق الحساسة التي لم تعد مفيدة سوى لإرساله إلى السجن، رغم دعوته عدة مرات لإعادتها، بل إنه أصدر تصريحات كاذبة، بإعادة جزء منها لإخفاء الآخر بشكل أفضل في ملاجئ مؤقتة في قصره، وقال إن “هذه الوثائق رفعت عنها السرية في ذهني”.
ورجح الكاتب أن تفسير هذا الحدث القانوني غير المسبوق الذي تحول إلى مواجهة سياسية، يعود لنرجسية ترامب وغروره ولامبالاته بالحقيقة وشعوره القوي بالإفلات من العقاب، إذ لم يقبل أبدا بهزيمته لأنه لا يمكن أن يكون “خاسرا”، وهو لا يزال يرى مع أنصاره أنه مخلوع بشكل غير عادل وينبغي إعادة انتخابه.
وبمجرد أن وجهت له التهم، اعتبر ترامب بصراحة أن الأميركيين الطيبين هم المستهدفون من خلاله بمهزلة العدالة هذه، قائلا “إذا حصل هؤلاء الشيوعيون على ما يريدون، فلن ينتهي الأمر بي، بل سيكثفون اضطهادهم للمسيحيين والنشطاء المحبين”، وأضاف متحدثا عن الرئيس جو بايدن “يحاول الرئيس الفاسد المحاط بالبلطجية وغير الأسوياء والماركسيين تدمير الديمقراطية الأميركية”.
أما حلفاء ترامب في الكونغرس فقالوا إن لائحة اتهامه “عمل حربي”. وقال ممثل من ولاية أريزونا “العين بالعين”، كما حذر مبشر ترامبي آخر من أن على أتباع الحكومة ومعاونيهم في وسائل الإعلام -“إذا طاردوا الرئيس ترامب- أن يلاحقوا 75 مليون أميركي. واعلموا أن معظمنا لديه رخصة سلاح. وهذا ليس تهديدا، بل بيان خدمة عامة”، وعلق الباحث بأن هذه الحرب الكلامية توشك أن تأخذ ملامح حرب أهلية.